الرئيسية مقالات واراء
بعد غد الثلاثاء يتوجه الأردنيون إلى صناديق الاقتراع للمرة الثانية خلال أقل من سنة للتصويت في انتخابات البلديات ومجالس المحافظات "اللامركزية" هذه المرة.
لم يسبق للأردنيين أن انتخبوا مجلسين في جولة واحدة. الانتخابات البلدية كانت في بعض دوراتها السابقة تجرى على مرحلتين.
نحن أمام تحدٍ غير مسبوق، وإذا ما تمكنت الهيئة المستقلة من اجتيازه بنجاح، وهي مؤهلة لذلك، يغدو ممكنا التفكير بجولة واحدة للانتخابات بمستوياتها الثلاثة.
فترة الدعاية الانتخابية تشارف على الانتهاء، وتظهر استطلاعات الرأي وتقديرات المراقبين للشأن الانتخابي أن نسبة الاقتراع في البلديات واللامركزية قد تكون متقاربة مع نسبة الانتخابات النيابية. هذا على المستوى الوطني، لكنْ متفاوتة على مستوى الدوائر، إذ درجت العادة أن تسجل دوائر انتخابية نسب مشاركة مرتفعة مقابل عزوف كبير في دوائر أخرى.
آلية الاقتراع للبلديات مفهومة ومجربة بالنسبة لعموم الناخبين، وتساعد الخبرة السابقة في جعل التوقعات حول فرص نجاح المرشحين لرئاسة البلديات تحديدا، دقيقة إلى حد كبير، خصوصا في الدوائر الكبرى.
ثمة إشكالية متوقعة فيما يخص انتخابات اللامركزية، باعتبارها صنفا غير مجرَّب من قبل الناخبين. الهيئة المستقلة والحكومة بذلتا جهودا كبيرة لتوعية الناخبين بطريقة الاقتراع، لكن هذه المشكلة سيتم تخطيها بمجرد ممارسة التجربة للمرة الأولى.
الإشكالية التي ستستمر معنا للفترة القادمة تتعلق بدور ومهام تلك المجالس. حتى الآن تبدو الصورة رمادية بالنسبة للقطاع العريض من الجمهور، وهناك خشية من تداخل في الصلاحيات مع البلديات والسلطات التنفيذية في الميدان.
ولتجنب مثل هذه التعقيدات يتعين على الجهات المختصة تنظيم اجتماعات عمل لأعضاء المجالس المنتخبين إلى جانب الهيئات الأخرى لشرح صلاحيات كل طرف، ونقاط الاشتباك التي تحتاج لتفكيك قبل أن تتحول إلى عقد تعطل العمل مستقبلا.
وبصرف النظر عن مخرجات العملية الانتخابية، سيكون لدينا بعد الخامس عشر من هذا الشهر ما يمكن تسميتها بالهيئة الوطنية المنتخبة، التي تضم إلى جانب النواب مجالسَ المحافظات والبلديات. هيئات تضم بضعة آلاف من الممثلين المنتخبين على مختلف المستويات، يملكون التفويض الشعبي اللازم لصنع السياسات وإدارة العلاقة مع المواطنين وتلبية مصالحهم ومراقبة أداء السلطات التنفيذية.
ينبغي لوجود مثل هذه الهئيات أن يحدث فرقا في الأداء العام لأجهزة الدولة التي تعاني من الترهل والبيروقراطية وسوء الأداء وانعدام المبادرة.
لطالما تبنت الحكومات في بلادنا خططا واستراتيجيات للتنمية بكل مجالاتها، الآن صار لدينا هيئة وطنية منتخبة تمثل الشعب على ثلاثة مستويات، تملك من الشرعية ما يؤهلها لتنظيم مؤتمر وطني تنبثق عنه خطط إصلاحية وتنموية تنقل الأردن من مرحلة التردد والمكابرة إلى أفق جديد برؤية واضحة تحظى بإجماع وطني لعلنا نصل لمرحلة نكف فيها عن طرح السؤال المؤرق: "لوين البلد رايحة؟"، ونبلغ حالة اليقين الوطني بمستقبل وطننا وشعبنا. مرحلة يشعر معها كل مواطن أنه شريك في تحمل المسؤولية، فالحاصل حاليا أن الأغلبية الساحقة من الناس يحمّلون السلطات المسؤولية عن تردي أوضاعهم، ولا يتقبلون خطاب الحكومات حتى لو كانوا مقتنعين بوجاهته.