الرئيسية مقالات واراء
عبدالهادي راجي المجالي
إسمي عبد الهادي , وفي هوية الأحوال المدنية مكتوب أني ولدت في الكرك ..ومكتوب عليها اسم أمي واسم أبي , ولي رقم وطني مثل كل الناس , ولي قلب يخفق عشقا وأحيانا يتعب واداويه عند يوسف القسوس ...وحين نجتمع في عيادة الباشا ويضع السماعة على القلب , لا أظن أن هنالك قلبا فلسطينيا واخر أردنيا ..ولا يوجد خفقات لقلب فلسطيني تختلف عن القلب الأردني ...لا يوجد مثلا قلب يزهر ملوخية واخر كوليسترول فالقلب واحد ...إسألوا الباشا , هل يختلف النبض بين فلسطيني وأردني ؟
وحين أجلس على القهوة في جبل عمان , وتمر البنات ..وتعبر من جانبي سمراء مثل (غصيلة عنب) .. تتمايل في المشي ويزحف الهواء يمينا وشمالا , كي يفسح لها الدرب .. حتى الهواء يذوب من النظرة ورائحة العطر .. وتذبل العيون من فرط الهوى .. لا اسأل وقتها عيوني عن أصلها وفصلها ..هل يوجد أنوثة أردنية وأخرى فلسطينية ؟ هل يوجد حب أردني واخر فلسطيني ..أنا لا أعرف .. لكن العشق له هوية واحدة .
في الصباح , وحين يأتي سائق باص المدرسة ...أيضا لا أعرف من أين هو ؟ لا أعرف أين ولد أو أين يسكن .. وحين يصعد أولادي معه , ألتف إلى زاوية الشباك ... واسلم عليه وغالبا ما أحضر معي فنجانا من القهوة ,وأعطيه إياه كي يحتسيه .. وأخبره :- أني أودعتك أغلى ما أملك في العمر فكن هادئا في القيادة وانتبه ... ويبتسم ويقول لي :- (هظول اولادي .. أتوكل ع الله) , أنا لا أعرف هل هو فلسطيني ..هل هو أردني لا أعرف عنه شيئا , غير أن عيونه تحمل الرضى , وفي كل لحظة يذكر اسم الله ..وهل يعني هذا أن الأردني يقود أفضل من الفلسطيني أو أن الفلسطيني يقود افضل؟
وحين نحضر وحدات دم لمريض فلسطيني أعياه التعب في مستشفى الجامعة , هل يدقق الطبيب في زمرة الدم , هل يعني هذا أن المريض إن كان أردنيا ..سيرفض الدم الفلسطيني أو العكس ..
القصة في بلدنا بسيطة : نحن نفتعل الأشياء , فحين أخالف إشارة حمراء علي أن أراجع المحكمة وأدفع قيمة المخالفة , ومن الممكن أن تصل المسألة إلى التوقيف بالمقابل هناك ما يخالفون وحدة شعب كامل , هنالك من ينبشون عثرات سنين مضت وهناك .. من يتجاوزون وجداننا ووريدنا , والأهم أنهم لا يحاسبون .. بالمقابل الإشارة الضوئية لاتميز بين فلسطيني وأردني , والقانون لايفضل بين واحد واخر ..
لماذا نحتد في قضية إشارة ضوئية ؟ ونطوي الصفحة عند من يتجاوزون ضمائرنا ..
باختصار ... ثمة نخب محصنة قانونيا , وثمة شعب غير محصن .. وعليه أن يطارد صراعات وخلافات , وندوات تلك النخب ...بالعامية الفصيحة ( مش لاقين سولافه يشتغلوا فيها فااااااااااا قرروا يشتغلوا فينا) .