الرئيسية مقالات واراء
التحدي الأكبر أمام الحكومة في المرحلة المقبلة يتمثل في المحافظات. نعلم أن هناك تحديات صعبة على المستوى الاقتصادي العام؛ المديونية العالية والعجز المالي، وإدارة الموارد، وسواها من المصاعب.
لكن هذه التحديات عابرة وممتدة، ولا تملك الحكومات فرصا قوية للتأثير في مجراها، في ظل الظروف الإقليمية والمعادلات الدولية المعقدة.
التنمية والخدمات في المحافظات ليست مهمة وضرورية لذاتها، بل لارتباطها بموضوع الاستقرار في البلاد من جهة، ولحاجة المحافظات الفعلية لتغيير جوهري، خاصة عند مقارنتها بالمركز.
المدارس في المحافظات أقل مستوى من العاصمة ومدن كبرى، والخدمات الصحية المتوفرة هنا لا تقارن بالقطاع الطبي في المحافظات. البطالة والفقر وانعدام فرص العمل مظاهر فاقعة في المحافظات مقارنة بالعاصمة. الخدمات إن كانت طرقا أو مباني حكومية وحدائق عامة ومنابر الثقافة والإعلام في وضع مزرٍ.
كانت هناك محاولات محدودة لتغيير الواقع في المحافظات، نجاح بعض هذه المشاريع واستجابة المجتمعات المحلية تعطي الدليل على إمكانية الإنجاز، إذا ما توفرت الإرادة والخبرة الجيدة بحاجات المواطنين.
أول من أمس وضع الملك عبدالله الثاني أطراف المعادلة في دوائر الحكم المحلي أمام مسؤولياتهم تجاه محافظاتهم.الملك استبق بدء العمل بمنظومة الحكم المحلي الجديدة بالدعوة لعلاقة تشاركية بين المجالس التنفيذية بقيادة المحافظين ومجالس المحافظات والبلديات، والعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق المصلحة العامة.
الحكومة تحركت صوب المحافظات بعد انتخابات البلديات واللامركزية لوضع الهيئات المنتخبة بصورة الوضع وشرح دورها في اتخاذ القرارات التنموية التي تخص محافظاتهم. وكانت قبل ذلك قد رسمت خريطة للمشاريع الاستثمارية القابلة للتنفيذ والنجاح في عموم المناطق خارج العاصمة.
من الآن وصاعدا ينبغي الاشتباك مع هموم المواطنين في المحافظات، ومنح المجالس المنتخبة حقها في رسم السياسات التنموية، والعمل على تسويق الفرص الاستثمارية المقترحة، وجذب رجال الأعمال لإقامة المشاريع في أربد ومعان وجرش وعجلون والكرك وغيرها من المناطق التي هى في أمسّ الحاجة لوقفة وطنية تنهض بمستوى معيشة سكانها.
إذا كانت الحكومة تبحث عن نجاحات تسجل في قاموسها، فالمحافظات هى المكان المناسب لتسطير قصص نجاح وطنية. هناك يمكن بأقل قدر من المخصصات تنفيذ مشاريع تدرّ دخلا على المواطنين وتنعكس إيجابا على حياتهم.
المعيار الأساسي الذي يحكم علاقة المواطنين في المحافظات مع المركز السياسي للدولة ومع الحكومة اقتصادي وتنموي بحت، بخلاف الحال في العلاقة مع العاصمة ونخبها السياسية والاقتصادية المحكومة دوما باعتبارات ومصالح سياسية، يصعب معها كسب الرضى العام.
السبب الرئيسي للنظرة السلبية في المحافظات تجاه الحكومة، والمزاج الحاد حيال رموزها هو في الشعور الدائم بالتهميش والإقصاء الاقتصادي والتنموي والخدمي.
ينبغي قلب المعادلة واستثمار فرصة الإصلاح الحالية في نظام الحكم المحلي لتحسين العلاقة بين الحكومة والمحافظات.
يستطيع رئيس الوزراء شخصيا أن يكسب شعبية كبيرة في المحافظات إذا ما تواجد بين الناس بشكل دائم، وأشرف بنفسه على إقامة المشاريع التنموية، وتولى إدارة وحل المشاكل العالقة.
ماذا لو فكّر الرئيس بتخصيص يوم في الأسبوع للدوام في المحافظات، وبشكل دوري وثابت؟
هناك سيجد التقدير إذا ما أحسن العمل أكثر ألف مرة من عمان التي تتصيد نخبها فرصة التغيير لتحتل الدوار الرابع بدلا من الفريق الحالي.