الرئيسية مقالات واراء
مايزال تيار عريض من الأردنيين يرفض التسليم برواية الحكومة القائلة بأن أزمات المنطقة وما نتج عنها من تداعيات سلبية على الأردن كان لها دور أساسي في تفاقم مشكلات الاقتصاد الوطني.
أهم هذه التداعيات كما ترد في الرواية الرسمية هي لجوء اكثر من مليون سوري للأردن وانقطاع الغاز المصري لسنوات، وإغلاق المعابر البرية مع سورية والعراق في وجه الصادرات الأردنية، إضافة إلى تراجع معدلات الاستثمار بفعل البيئة الأمنية الطاردة في الإقليم.
قبل يومين أصدرت وزارة الخارجية إحصائية ذكرت فيها أن كلفة اللجوء السوري في السنوات السبع الماضية تجاوزت العشرة مليارات دولار. هذه الإحصائيات تشير في الغالب للكلف غير المباشرة التي ترتبت على قطاعات خدمية كالصحة والتعليم والبلديات وسوق العمل. ووفق تقديرات وزارة التخطيط فإن المساعدات الدولية لم تغط سوى 40 % من كلف استضافة اللاجئين.
وسبق لقطاعات اقتصادية أردنية أن أعلنت عن أرقام خسائرها السنوية جراء إغلاق الحدود مع سورية والعراق، وتراجع حركة الصادرات.
ربما يكون الاقتصاد الوطني قد تعافى أو في طريقه للتعافي من كلف انقطاع الغاز المصري بعد توفير خيارات بديلة لاستيراد الغاز الطبيعي، فقد ساهمت تلك المشاريع ومراجعة التعرفة الكهربائية في امتصاص النسبة الأكبر من الخسائر التي تكبدتها شركة الكهرباء الوطنية.
لكن الرأي العام الأردني الذي يلمس بنفسه تداعيات اللجوء في حياته اليومية، لم يدرك بعد وجود ارتباط بين هذا الواقع والوضع الاقتصادي في المملكة.
هناك حاجة لتفكيك وتبسيط المفاهيم والإحصائيات، بشكل تفصيلي، بحيث تتوفر لوسائل الإعلام والمهتمين أرقام تفصيلية عن كلف اللجوء على قطاع التعليم والمدارس، والقطاع الصحي والبلديات.
أعلم أن هناك عديد الدراسات والمسوحات التي تعالج هذه المواضيع صدرت عن جهات رسمية ومنظمات دولية عاينت عن قرب أوضاع هذه القطاعات واستهدفتها بالمساعدات المباشرة كدعم البلديات مثلا.
لكن المعلومات لم تبلغ عمق المجتمع، والفئات الشعبية، ولابد من إعداد نشرات تلخص بالأرقام هذه الحقائق ومناقشتها في حصص خاصة مع طلاب الجامعات وطلاب المرحلة الثانوية في المدارس، وتوزيعها على الأحزاب والنقابات والأندية والجمعيات والدواوين العشائرية وموظفي الدوائر الحكومية.
من حق المواطن أن يعرف بالتفصيل هذه البيانات وحجم المبالغ التي أنفقتها الخزينة على اللاجئين في المدارس والمستشفيات والبلديات، لأن الأغلبية كما قلت تكذب الرواية الرسمية وتعتقد أنها مجرد حجة لتبرير فشل الحكومات في ضبط المديونية وعجز الموازنة ومعالجة مشكلات البطالة والفقر.
ليس هناك شك بأن الحكومات المتعاقبة تتحمل قدرا كبيرا من المسؤولية عن الأوضاع الاقتصادية وطريقة إدارة الموارد العامة، لكن البيانات والإحصائيات التي تدعمها تقارير دولية ذات مصداقية تزكّي الرواية الرسمية، إلا أن حالة إنعدام الثقة بما تقوله أو تصرح فيه الحكومات، تجعل من مهمة إقناع المواطنين عملية صعبة للغاية تستدعي جهودا كبيرة لكسبها.