الرئيسية مقالات واراء
يتداخل الإقليمي مع الدولي عند مقاربة الموقف الأردني من التطورات في سورية. ومن بين أبرز المتغيرات الدولية التي حكمت السياسة الأردنية تجاه سورية التحول الملموس في موقف دول غربية وازنة من نظام بشار الأسد واستعدادها للتعايش مع وجود النظام في مرحلة انتقالية لايعرف مداها الزمني.
المتغير الثاني هو الإدراك الأردني المتزايد بأن وجود الولايات المتحدة في سورية ولو من الناحية العسكرية والميدانية لن يطول أكثر من سنة. الحضور الأميركي ارتبط بشكل أساسي بالحرب على داعش، ومع قرب نهاية هذه الحرب سيتراجع دور واشنطن في سورية لصالح مناطق خفض التصعيد المتفق عليها بين الطرفين الروسي والأميركي والقوى الإقليمية الفاعلة في الصراع.
تخدم هذه المتغيرات إلى حد كبير استراتيجية الأردن الرامية لتأمين حدوده مع سورية والقضاء على الجماعات الإرهابية التي تهدد أمنه وأمن دول المنطقة، وإبعاد شبح موجات جديدة من اللجوء.
وقد سارع الأردن على الفور لترجمة هذه المتغيرات لمصلحته، وذلك بفك ارتباطه بمخيم الركبان القائم على الأرض السورية.
حاولت الأمم المتحدة في الآونة الأخيرة تسجيل لاجئي الركبان في الأردن، في خطوة قد تمهد لنقلهم لداخل الأراضي الأردنية، ومارست من خلال منظماتها التابعة ودول مانحة الضغط على الأردن للتكفل بتأمين المساعدات الغذائية لقاطني الركبان.
رفض الأردن بشدة هذه المحاولات، وقال مسؤولون كبار لممثلي المنظمات والدول المعنية إن الأردن لن يكون بعد اليوم الخيار السهل في موضوع اللاجئين. وان على المنظمات الأممية أن تتوجه لدمشق للتنسيق معها لنقل المساعدات إلى مخيم الركبان بوصفه مخيما سوريا ومن مسؤوليات الحكومة السورية.
يأخذ الجانب الأردني على منظمات الأمم المتحدة أنها لم تحاول ولو لمرة واحدة نقل المساعدات للمخيم عن طريق دمشق.
يبدو أن الرسالة الأردنية الصارمة أدت مفعولها، فحسب آخر المعلومات شرعت الأمم المتحدة بطلب تنسيق عمليات الإغاثة مع الجانب السوري.
انخراط الأردن المبكر في جهود وقف إطلاق النار في سورية منحت دبلوماسيته السبق في تدشين أول منطقة خفض التصعيد في الجنوب السوري، وهى فكرة أردنية تبلورت في لقاء قمة جمع الملك عبدالله الثاني بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإنجاز أول تفاهم روسي أميركي على هذا الصعيد والمتمثل باتفاق عمان والذي انبثق عنه مركز مراقبة ثلاثيا في عمان أيضا.
يمثل الوضع القائم حاليا في الجنوب السوري قصة نجاح تم نسخها في مناطق سورية أخرى وصولا لمدينة إدلب.
ولفترة مضت ناقشت الأطراف المعنية سيناريو توسيع منطقة خفض التوتر في الجنوب الغربي لتشمل الجنوب الشرقي من سورية، لكن بعد تقدم القوات السورية في دير الزور وعلى طول الحدود مع الأردن من الناحية الشرقية المحاذية للحدود العراقية، تم استبعاد هذا الخيار.
كان لهذه المتغيرات تأثير بالغ على المجموعات المسلحة المحسوبة على المعارضة السورية المعتدلة، وإذ يؤكد الجانب الأردني أنه لم يعرض أبدا على تلك المجموعات نقل مقاتليها للأردن، فإنه يدرك حاجتها الماسة لإعادة تعريف نفسها وتقرير مستقبلها ودورها في المشهد السوري المتغير.
اما بشأن احتمال فتح معبر نصيب، فإن التقديرات الرسمية لا تشير إلى إمكانية تحقيق اختراق ملموس قبل نهاية العام الحالي. لغاية الآن لم تبدأ محادثات رسمية بين الجانبين حول هذا الموضوع، وثمة حسابات كثيرة ينبغي إنجازها وتسويتها قبل فتح المعبر.