الرئيسية مقالات واراء
متوالية الأسعار هي أشد تأثيرا على المواطنين من رفع الأسعار المباشر. تحرير أسعار الخبز وتوجيه الدعم لمستحقيه من المواطنين، وإن لم نعرف الطريقة بعد، ينفي أي أثر سلبي للقرار على المستهلكين، لكن عادة ما يصاحب مثل هذه القرارات ويتبعها رفع لأسعار وجبات الطعام في المطاعم، خاصة الشعبية التي يعد الخبز عنصرا رئيسيا فيها.
أمس"بَشّر" نقيب أصحاب المطاعم الشعبية المواطنين برفع أوتوماتيكي على أسعار الساندويشات ووجبات الحمص والفول والفلافل.
ومنذ أيام ونقابة تجار المواد الغذائية تحذر من تداعيات رفع الأسعار على قدرة المواطنين الشرائية، خاصة بعد ثبوت نية الحكومة شمول المعلبات الغذائية بقرار زيادة ضريبة المبيعات.
تجار المواد الغذائية يشكون أصلا من تراجع كبير في أداء القطاع، وهم في هذه الحالة يخشون على أنفسهم وليس على المواطنين من قرارات زيادة الضريبة المرتقبة.
المهم في الموضوع أن عديد القطاعات المعنية وغير المعنية تسنّ أسنانها منذ الآن وتتوعد المواطنين برفع الأسعار بمجرد أن تتخذ الحكومة قرارها.
هناك سلع سترتفع حكما بفعل القرارات الاقتصادية بداية العام المقبل، لكن ثمة مبالغة معهودة في عكس تلك القرارات على أسعار بعض السلع والخدمات.
خبز "الحمام" المستخدم في أغلب أنواع الساندويشات غير مدعوم أصلا وتباع القطعة الواحدة بخمسة قروش وفي المولات الكبرى بعمان يصل سعر القطعة لعشرة قروش، فما المبرر لرفع سعر الساندويشة، التي تباع أصلا بسعر مبالغ فيه؟
وفي عشرات المطاعم "الشعبية" في عمان تحديدا تباع الساندويشات بأسعار تضاهي سعر وجبة دسمة في مطعم معتبر.
ما أود قوله هنا أن غياب الرقابة والجشع تفوقان في آثارهما السلبية رفع الأسعار المباشر للسلع والخدمات. في هذا الميدان تمثّل سياسات الحكومات المتعاقبة قصة فشل لا مثيل لها.
لقد تركت الجهات المعنية وتحت مسمى حرية السوق المواطنين نهبا للتجار والسماسرة. يمكن بسهولة للمرء أن يلحظ التفاوت أو بالأصح التلاعب الكبير في أسعار السلع عند المقارنة بين موقعين جغرافيين أو بقالتين في نفس الدائرة السكانية. في بعض المواقع يباع كيلو البرتقال حاليا بدينار وفي مول لايبعد مئات الأمتار يصل ثمن الحبة الواحدة 60 قرشا.
في جميع القطاعات يحدث نفس الشيء. الفوارق في الأسعار ناجمة عن غياب الرقابة وشعور التجار بأنهم أحرار في تقرير ما يشاؤون من أثمان، هذه ليست حرية سوق إنما فوضى يدفع ثمنها المواطن من جيبه المثقوب.
مثلما جلس رئيس الوزراء بالأمس مع ممثلي قطاع الاتصالات وكبار الصناعيين والتجار، أقترح عليه أن يعقد اجتماعا مماثلا مع عينة عشوائية من المواطنين العاديين الممثلين لعائلاتهم الصغيرة فقط ويسمع منهم معاناتهم مع السادة الكبار في الأسواق، لأن هؤلاء وحدهم من يدفع الثمن في نهاية المطاف.
السؤال الكبير الذي ينبغي أن يشغل بال الحكومة اليوم هو؛ كيف نحمي المواطنين من غلاء الأسعار وموجاته الجديدة؟
أصحاب رأس المال لايهمهم رفع الأسعار، فبكبسة زر يسحب القيمة من جيوب المواطنين.