الرئيسية مقالات واراء
كان الحاج خليل يشعر بالاطمئنان على صحته كلما جلس مع أقرانه في القرية، فإن (كح).. (كح) الجميع تباعا، وإن (عطس).. عطسوا خلفه دون أي استثناءات، وكان يشعر بالسعادة الغامرة حين يجدهم امامه ينتظرون استلام أدوية الضغط والسكري من صيدلية المركز الصحي، كانت تجمعهم العكازة، وموعد النوم باكرا، ووجع المفاصل، ووصفات العطار. كان كل هذا يرفع معنوياته طالما أن كل من في عمره يعاني مثلما يعاني فالموت مع الجماعة رحمة.
رحل الى القرية رجل ناهز الخامسة والثمانين وهو نفس عمر الحاج خليل، وسكن بجوار منزله، بعد عدة أيام تعرفوا على بعض وأصبحوا يتبادلون الزيارات، أصبح الحاج خليل يبحث عن أمراض الجار الجديد حتى يرفع من معنوياته، وكلما قام بسؤاله عن عضو من أعضاء الجسم، أكد له الجار الجديد أنها جميعها بحالة ممتارة، وكلما سأله عن مرض من أمراض الشيخوخة، نفى الجار الجديد أنه يعاني منها أو سمع بها، أصيب الحاج خليل بالذعر والخوف الشديد، حين سمع من الجار الجديد أنه ما يزال بصحة تامة، وأصيب برجفة واصفرار بالوجه وارتمى في الفراش لعدة أيام، فقد تسبب له حديث الرجل عن نشاطه وحيويته بصدمة نفسية قاسية.
بعد عدة أيام ذهب الحاج خليل مسرعا لأحد الأطباء، وروى له حكاية الجار الجديد وعمره ونشاطه وحيويته، وطلب من الطبيب أن يجري له كامل الفحوصات وأن يصرف له من العلاجات اللازمة للعودة للشباب.
ضحك الدكتور مطولا وقال للحاج خليل: جارك يكذب عليك، فهو مليء بالأمراض والعلل. وإذا أردت أن تكون مثله، فقل مثلما يقول هو!
كلما أتى رئيس وزراء قال لنا: إننا العام القادم سنرى النور، وأذكر ان رئيس وزراء سابقا قد بشرنا ايضا أنه قريبا سنرى الرفاه، فكان الرفاه الموعود أن تم تثبيت أسعار (البلابيف)!
كيف سنرى النور والمديونية تكفي لحجب أشعة الشمس عن الكرة الأرضية؟! أعتقد أن النور الموعود في منتصف العام 2018 هو كالآتي: تثبيت أسعار علب الفول وعدم المساس بها، عدم رفع أسعار (السماق) البلدي، اعفاء مدخلات صوبة البواري من الجمارك، أرسال مذكرة جلب رقم455636 للكردي، الحكومة تسمح للمواطنين الأردنيين بالتنزه في الأحراش دون رسوم دخول، محاكمة أحد الفاسدين الكبار الذي قام بسرقة ثلاث برايات من مستودعات الوزارة واسترداد أثمانها، تسليم الرواتب للموظفين في نهاية الشهر، تعطيل الدوائر والمؤسسات الحكومية بمناسبة عيد العمال!
إذاً هو يقول: مع (كحة) الاقتصاد التي أصبحت تسمع من القطب الشمالي، والعجز الذي لم يعد ينفع معه شيء، ومع ذلك سنرى النور!
أنا كمان أقول: إذا رفعتم الخبز، سأكون أكثر حماسة منكم لأننا سنرى سويا نجوم الظهر!!