الرئيسية مقالات واراء
قرأت باهتمام تحليل الدكتور حسن البراري الخبير الاستراتيجي في الشؤون الإسرائيلية حول دلالات مؤتمر "الوطن البديل" الذي عقد مؤخرا في إسرائيل.
أصاب البراري عين الحقيقة في القول إن المؤتمر بشقه الأردني لا ينطوي على أهمية تذكر، لكنه على المستوى الإسرائيلي يعد مؤشرا دالا على تنامي اليمين المتطرف في إسرائيل الذي بدأ يستعيد مقولات صهيونية غابت عن خطاب اليمين التقليدي في العقدين الأخيرين، خاصة ما تعلق منها بالأردن ودوره في الحل النهائي للقضية الفلسطينية.
ومثل الدكتور البراري لا أستبعد أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل من بين المجانين المشاركين في المؤتمر أو من يوافقهم الرأي بالنظر إلى ما وصفه الوزير السابق وجيه عزايزة خلال ندوة مركز الدراسات الاستراتيجية بإحالة الانزياح التام نحو اليمين المتطرف في إسرائيل.
الحالة في إسرائيل مشخّصة أردنيا ومعروفة في سياقها التاريخي، وتمتلك الدولة الأردنية خبرة واسعة في المواجهة مع مدرسة اليمين الإسرائيلي وطروحاته عن الوطن البديل التي تجاوزها الزمن بفعل ثبات الموقف الأردني وتمسك الشعب الفلسطيني بحقه التاريخي في أرضه.
لنضع البعد الإسرائيلي جانبا، وننظر إلى البعد الأردني في المؤتمر الذي حضره وحضّر له ثلاثة أردنيين ممن ارتبطوا لسنوات بالدوائر الصهيونية، ويقيمون بشكل شبه دائم في تل أبيب على نفقة الإسرائيليين.
عملاء إسرائيل الثلاثة يدّعون أنهم قادة المعارضة الأردنية الطامحون لقلب نظام الحكم في الأردن وتولي السلطة لتنفيذ مخططهم وهو بدون شرح طويل مخطط جماعات صهيونية متطرفة تحمل أوهاما عن إمكانية تحقيق هذا المخطط.
حسب القانون الأردني يستطيع القضاء الأردني والنائب العام تحديدا تحريك دعوى بحق الثلاثة بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم، ولا تعوزنا الأدلة لإثبات ذلك التآمر، وجلبهم للمحاكمة أمام القضاء الأردني بتهمة أكبر وهى خيانة الوطن.
لكن قد يكون لمثل هذا الخيار نتائج سلبية على المستوى الخارجي، فيقال من قبل منظمات حقوق الإنسان والدول الغربية إن هذا السلوك من طرف الأردن اعتداء على حرية التعبير والحق في المعارضة السياسية، وبذلك نكون قد صنعنا بأيدنيا معارضة من العدم.
البديل الأفضل في رأيي هو أن تتم دعوة "قادة المعارضة العظام"؛ ثلاثتهم يعني إلى العودة للأردن بأسرع وقت ممكن على أن تتعهد السلطات الأردنية بعدم ملاحقتهم أو محاكمتهم، ليقابلوا جماهير الشعب الأردني في المدن والمخيمات باعتبارهم القاعدة الشعبية التي يبنون عليها مشروعهم السياسي. معقول أن يكون هناك قادة معارضة يخططون لاستلام الحكم وليس لديهم قواعد شعبية عارمة؟!
لنمنحهم حرية عقد لقاءات مع المواطنين في الكرك والسلط والزرقاء ومخيم البقعة والوحدات وإربد، وليعرضوا برنامجهم الصهيوني للحكم في الأردن، ويشرحوا لنا آليات التنسيق والدعم الإسرائيلي لتنفيذ مشروعهم، وكيف أن إسرائيل "الصديقة" لن تقصّر مع الأردنيين والفلسطينيين وتقف إلى جانبهم.
دعوهم يتحركون بحرية، شرط أن لا يطلبوا هم أيضا الحماية من السلطات وسنرى كيف ستستقبلهم القواعد الشعبية.
ما أنا على ثقة تامة فيه هو أن ثلاثتهم سيتهافتون لتقبيل أقدام النظام ورجال الأمن لينقذوهم من أيدي الأردنيين.
أطرح اقتراحي هذا بكل جدية؛ دعوهم يختبروا شعبيتهم في الشارع. سيكون الاختبار الأخير في حياتهم، والرسالة النهائية لدعاة الوطن البديل من الصهاينة.