الرئيسية مقالات واراء
فور نشر الخبر في وسائل الإعلام انهالت التعليقات حول المشروع العملاق الذي أعلن عنه رئيس الوزراء هاني الملقي؛ عمان جديدة. التعليقات تراوحت بين الترحيب الحذر والسخرية المعهودة من الأردنيين والمحكومة بذاكرة مريرة عن مشاريع كبرى تبدت فقاعات.
وفي ظني أن الملقي تعمد طرح مشروعه خلال لقائه مع الإعلاميين ليضمن سريانه في وسائل الاتصال وليحصد أكبر قدر ممكن من الآراء والاقتراحات.
المعلومات المتوفرة عن المشروع ما تزال شحيحة، مجرد فكرة تم إنجاز مخططها الشمولي. لم يتم الكشف بطبيعة الحال عن الموقع المقترح حتى لا يتهافت التجار على شراء الأراضي فيه.
وفي خطوة استباقية للحؤول دون استغلال المشروع من طرف أصحاب النفوذ في مواقع القرار أقترح، إن كان هذا جائزا من الناحية القانونية، تجميد عمليات بيع وتسجيل الأراضي في المنطقة المقترحة للمشروع، حتى وإن كان بطرق غير رسمية، لضمان وصول العائد من فورة الأراضي لمستحقيه من الملاكين الأصليين، لحين اعتماده بشكل رسمي ومعلن.
أول الأسئلة التي قفزت في أذهان الكثيرين، من أين ستأتي الحكومة بالأموال اللازمة لتنفيذ المشروع وهي تشكو الطفر؟
السؤال مشروع، لكن من الواضح ان المشروع برمته يقوم على مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص، كسائر المشاريع المطروحة حديثا. وليس على الحكومة من مسؤوليات سوى تجهيز البنية الأساسية للإعمار والبناء، وحتى هذه يمكن أن يتولاها القطاع الخاص أيضا.
البداية حسب التصور الحكومي هى إنشاء مجمع ضخم للدوائر الحكومية وفي وقت يجري فيه تنظيم الأراضي المحيطة لبناء الإسكانات والمرافق الخدمية من مدارس ومستشفيات ومراكز تسوق.
لطالما كان هذا المشروع مدرجا على أجندة الأردنيين ومناقشاتهم وهم يرون عاصمتهم الصغيرة تكبر وتزداد كثافة سكانية وتغرق في أزمات المرور، حتى تبدلت ملامحها الجميلة وتحولت لمدينة شاحبة ومنهكة.
ومنذ زمن صمّت الحكومات آذانها عن الدعوات لتوجيه النشاط العمراني شرقا وجنوبا، والتأسيس لما يمكن أن نسميه مدينة ثانية.
من الناحية الواقعية، عمان تمددت في كل الاتجاهات، وهي بالمعنى الحرفي اليوم تتكون من عدة مدن، ماكان ينبغي أبدا أن تبقى مرتبطة بإدارة مركزية واحدة "أمانة عمان" التي أصبحت هي الأخرى على شاكلة عمان المدينة؛ مؤسسة بيروقراطية مثقلة بالموظفين تتحرك ببطء وتعجز عن الوفاء بمتطلبات الحياة العصرية للسكان.
عمان الجديدة لعلها على غرار مشروع القاهرة الجديدة تمنحنا فرصة ذهبية لبناء مدينة نموذجية تستجيب لمتطلبات العصر وتحاكي نماذج عالمية في التنظيم والمعمار. وهنا ينبغي أن نضمن في المدينة الموعودة هوية معمارية تعكس شخصيتنا؛ صديقة للإنسان والبيئة.
وعلى المستوى الاقتصادي المشروع إن كتبت له الحياة سيوفر آلاف فرص العمل على مدى زمني طويل، ويخلق سوقا جديدة للعمل لم يكن ليوفرها مشروع آخر.
لكنّ مشروعا كهذا لايجوز ان يبقى مجرد فكرة حكومية، ينبغي أن يتحول لمشروع وطني، تشارك في صياغته وتخطيطه الكفاءات الوطنية الأردنية، وقبل ذلك يفتح للحوار مع المختصين وجمهور المواطنين. نريد أن نلتقي على مشروع واحد يجمع عليه الأردنيون.