الرئيسية مقالات واراء
حصلت حكومة الدكتور هاني الملقي على أسوأ تقييم مقارنة بالحكومات السابقة، وكانت نتائجها الأقل في هذا السياق، رغم أنها لم تكن مفاجئة أيضا، فقراءة المشهد وتحليل مزاج الناس كانا سيقودان إلى هذه النتيجة، فشعبية الحكومة والرئيس استمرتا بالتراجع على مدى الأشهر الماضية.
أغلب الظن أن جميع رؤساء الوزراء السابقين يتابعون الاستطلاع الأخير لمركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية بحق حكومة الملقي، ويتشدقون بأن نتائجهم كانت أفضل من الرئيس الحالي، وهذه الحقيقة لا يمكن إنكارها، فالنتيجة تقول إن الحكومة الحالية هي الأسوأ مقارنة بكل استطلاعات الرأي السابقة.
لكن ما يلزم قوله لمواجهة الحقيقة الموجعة أن الجميع شركاء في هذه النتيجة، فتقييم الملقي صحيح يعتمد على سياساته وشخصه، ولكن أيضا يعتمد على التركة الثقيلة التي ورثها من الحكومات السابقة، فلا يستبعد المرء أن الحكومة المقبلة، أيا كان رئيسها، لن تحقق أفضل مما كان، إن لم يتغير نهج إدارة الشأن العام، وتحديدا الاقتصادي.
المزاج السلبي وحالة التشاؤم لم يولدا من العدم مع حكومة الملقي، بل هما حصاد عمل حكومات متعاقبة أعطبت المزاج العام، ولم تفلح في زراعة الأمل، وجعلت الناس أكثر تشاؤما حيال المستقبل، لذلك ليس مستبعدا أن تشير نتائج العينة الوطنية باستطلاع مركز الدراسات الذي أعلن أمس إلى أن 41 % فقط يعتقدون أن الأمور في الأردن تسير بالاتجاه الصحيح، وبتراجع مقداره سبع نقاط عن استطلاع نيسان (ابريل) 2017.
بالنسبة لعينة قادة الرأي، أفاد أكثر من الثلث بقليل (34 %) أن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح، مسجلة هي الأخرى انخفاضاً مقداره 21 نقطة.
بالعودة قليلا إلى الخلف وقراءة نتائج الاستطلاعات، نكتشف أن شعبية الحكومات أخذت منحى تنازليا؛ فمع كل حكومة يستمر المؤشر بالتراجع أكثر، مع استثناءات محدودة، وتقوي هذه الفكرة المقارنة بين نتائج تقييم الحكومة والرئيس من قبل العينة الوطنية والنخب، إذ تظهر نتائج العينة الوطنية أن أكثر من الثلث بقليل يعتقدون أن الحكومة كانت قادرة على تحمل مسؤوليات المرحلة الماضية (الحكومة بمجمل 35 %، الرئيس 34 %، الفريق الوزاري بدون الرئيس 34 %)، وهي نتيجة تسجل تراجعاً أيضا.
هذه الرؤية السلبية تتعلق، بالتأكيد، ببرنامج الحكومة أيضا، والقرارات الصعبة التي تخطط لها، فقرارات رفع الأسعار لن تعجب أحدا، وليست حلولا صحيحة لتحديات المرحلة، وفيها قفز عن الحلول الحقيقية التي تأتي دون المسّ بحياة الناس من باب التهرب الضريبي وتحصيل أموال الخزينة المستحقة.
الجميع يعرفون مسبقا أن الخطة المالية للحكومة ستضرّ بالمستوى المعيشي للمواطن، وستساهم في تآكل الدخول، عدا عن القراءات غير المتفائلة لوضع الاقتصاد خلال السنوات القليلة المقبلة قياسا على الوضع الإقليمي والمحلي. كل ذلك أدى إلى تراجع الشعبية.
التقييم، كذلك، يرتبط بضعف انعكاس القرارات والسياسات الرسمية على معيشة الناس، فالتقييم بالتأكيد يتم من منظور اقتصادي، وغياب الاتصال والتواصل مع المتلقي، كل هذا أدى إلى النتيجة السلبية التي لدينا اليوم.
بالنظر الى تفاصيل التقييم يبدو تراجع الشعبية مرتبطا بقضايا تمس الناس وتستفزهم وهذا طبيعي، فأسباب عدم قدرة الحكومة على تحمل مسؤوليات المرحلة الماضية من وجهة نظر العينة الوطنية أربعة، وهي: ارتفاع الأسعار والوضع الاقتصادي العام، وازدياد البطالة، يلي ذلك عدم وجود إنجازات وإصلاحات، إضافة الى عدم نجاح الحكومة بمحاربة الفساد.
النتيجة الأهم أن الثقة بالحكومات تراجعت خلال العقد الماضي، إذ لم نعد نشهد تقييمات مرتفعة، فأي رئيس حكومة، وفي أحسن حالاته، لا يحصل على معدل أعلى من 60 %، أي بالكاد ينجح.