الرئيسية مقالات واراء
ماهر ابو طير
هناك تغيرات كبيرة في العالم العربي، خصوصا، إزاء العلاقة مع إيران، بعد كل هذه السنين من التعقيدات والمواجهات، ويقال هذا الكلام صراحة، قبيل ساعات من اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم الأحد في القاهرة، لبحث التهديدات الإيرانية للمنطقة.
موقف الدول العربية من إيران تاريخيًا، كان يتسم بوجود علاقات من نوعين، إما علاقات سلبية أو علاقات هادئة، أو عادية، دون تفعيل ايجابي الى حد كبير.
اليوم ينقسم الموقف العربي من ايران الى ثلاثة اتجاهات، الاول يؤشر على موقف سلبي جدا، مما تفعله ايران في سوريا والعراق واليمن وتتخذ دول عربية معروفة هذا الموقف، والثاني يأتي من دول عربية كانت علاقاتها مع ايران عادية، لكنها تحسنت تدريجيا، وباتت تجاهر بعلاقات حسنة مع ايران، بل واحيانا تتحدى الدول العربية التي تأخذ موقفا سلبيا من ايران، اما الثالث فيؤشر على نوع جديد من الدول، لم تكن صديقة لايران، لكن بسبب جملة عوامل مختلفة في المنطقة، تعتقد ان السياسة الافضل عدم معاداة ايران، وفي الوقت ذاته عدم مصادقتها، ومنح المنطقة مساحة للتفاهم الجزئي معها، لاعتبارات واقعية وميدانية، تتجلى بالنفوذ الايراني.
كل تجاه من هذه الاتجاهات الثلاثة، يخضع لحسابات داخلية، ولحسابات تتعلق بالمنطقة العربية، وحسابات دولية روسية- اميركية، وماتمثله ايضا اطراف اقليمية من تداخلات.
هذه اسوأ فترة تمر في تاريخ المنطقة، فمن ينام عدوا لايران، يصحو صديقا، ومن يتحالف مع الاتراك، يصحو واذ بهم القوا عليهم يمين الطلاق، فلا تحالف ثابتا في المنطقة، ونحن نعبر اسوأ مرحلة، لا يمكن فيها التكهن بمجريات الامور، وليس ادل على ذلك، من تغير معادلات اغلب الدول، ولدينا ادلة كثيرة على ذلك، من بينها دراسة الحالة التركية، وتغير تحالفات انقرة- الاقتراب من طهران وموسكو ومن بينها حالات اخرى.
وسط هذه المعادلات، يبدو السؤال منطقيا، حول ما الذي يمكن فعله لمواجهة ايران في المنطقة، إذ إن طهران التي تحتفي بوجود عواصم عربية تحت سيطرتها، تحتفي ايضا، بوجود اتصالات سرية من جانب دول عربية تسترضيها، ومن جانب دول عربية عبر بوابة الروس، تريد التنسيق مع الايرانيين لاعتبارات فنية، وغير ذلك من مؤشرات تدل على ان المنطقة تتغير سرا، بشكل اخطر بكثير مما يبدو علنا، هذه الايام.
ليس معروفا بعد ما الذي سوف يخرج به وزراء الخارجية العرب، لكن من المتوقع هنا، ان يكون هناك وزراء ينطقون بلسان المصلحة الايرانية، بشكل مباشر او غير مباشر، ووزراء يتجنبون الدخول في اشكالات محددة، تعبيرا عن حالة «المساكنة» المستجدة مع الايرانيين، وهذا يعني ان ملف ايران برمته بحاجة الى اعادة معالجة بشكل كبير وعميق.
اللافت للانتباه هنا، ان طهران لا تهتم بكل الاعتراضات العربية، بل تواصل سياساتها، ولا تأبه بدعوات المصالحة ولا تسوية اشكالات كثيرة، وتراهن على الخروقات في الموقف العربي الموحد، من اجل اتمام مشروعها، في ظل تعقيدات دولية واقليمية وعربية.
الارجح ان الملف الايراني، سيبقى ثقيلا على صدر العالم العربي، رغم ما تشكله طهران اليوم، من خطر على المنطقة، لاعتبارات كثيرة، خصوصا، في ظل سلبيتها وعدم استعدادها للتفاهم مع احد، او التنازل لاحد، او حتى الوصول لتسوية مصالح في الاقليم المشتعل.
الدستور