الرئيسية مقالات واراء
توحي تصريحات بعض المسؤولين أن عمليات إعادة الإعمار في سورية والعراق توشك على الإنطلاق، وسيكون للقطاع الخاص الأردني دور السبق فيها.
أعتقد أن هناك مبالغة في تقدير الموقف على الجانبين. في سورية على وجه التحديد مانزال في طور الأزمة ولم نغادرها بعد. صحيح أن السوريين على وشك الدخول في عملية مصالحة وطنية، لكنها مرحلة شاقة وصعبة وتتطلب تسويات دولية وإقليمية. وقبل أن تبلغ هذه العملية منتهاها لن تغامر دول كبرى في ضخ الأموال بعملية إعادة الإعمار.
لاشك أن لدى حلفاء سورية؛ روسيا والصين وإيران، تصورات حول مشاريع الإعمار في المستقبل، وستحرص هذه الدول على تولي شركاتها دورا رياديا في التعاقدات بمختلف القطاعات، خاصة مشاريع البنية التحتية.
الحكومة السورية من جهتها لن تبدي أية مرونة مع الدول الغربية التي اتخذت مواقف معادية للنظام السوري خلال الأزمة. وبالتأكيد ستغلق الأبواب في وجه الرساميل الخليجية التي اتخذت انظمتها مواقف مؤيدة للمعارضة السورية إبان الحرب.
دول مثل الأردن وتركيا تراهن على عوامل الجوار والخبرة المشتركة مع السوريين لتنال حصة من مشاريع إعادة الإعمار، لكن ذلك محكوم بالأجواء السياسية، ومستقبل العلاقات بين حكومات البلدان الثلاثة.
الاقتصاد لا يتحرك بمنأى عن السياسة، ولذلك ليس من السهل توقع مقدار الانفتاح الاقتصادي قبل تحديد تركيبة النظام السوري بعد المصالحة وحجم مشاركة القوى المحسوبة على المعارضة في مؤسساته مستقبلا.
كما لا يعرف لغاية الآن ما إذا كانت الدول الحليفة لدمشق مستعدة لتمويل كامل عمليات إعادة الإعمار في سورية أم أنها تفاوض خلف الكواليس مؤسسات مالية كبرى في الغرب للمساهمة في العملية.
الأرجح ان المرحلة الأولى من عملية إعادة الإعمار ستعتمد على الطاقة السورية التي تملك خبرات وفيرة تؤهلها للتكيف السريع مع المتغيرات، وربما بشراكة محدودة مع شركات صينية، على ما تفيد مصادر مقربة من الحكومة السورية.
في العراق سيكون للشركات الإيرانية والإميركية دور أكبر في مشاريع إعادة بناء المدن التي تهدمت في الحرب على داعش. لكنها تبقى عملية محدودة بما لايقارن مع سورية التي تحتاج لمليارات الدولارات لإعادة الوضع على ما كان عليه سابقا.
لم نسمع عن دراسة تحليلية عميقة للوضع القائم في سورية، يمكن من خلالها وبشكل واقعي تحديد فرص القطاع الخاص الأردني وحجم مساهمته التقديرية في جهود الإعمار، خاصة أننا لم نصل بعد مرحلة فتح الحدود بين البلدين المعلقة أصلا على مسار الحل السياسي ومآلاته.
وربما يكون من المناسب على المدى القصير فتح خطوط الاتصال بين ممثلي القطاعات الصناعية والتجارية في البلدين وتنظيم اجتماعات مشتركة للهيئات المعنية من غرف صناعة وتجارة ورجال أعمال، لاختبار فرص التعاون في المستقبل، وتفعيل أدوات الدبلوماسية الاقتصادية بين عمان ودمشق، عوضا عن إطلاق التصريحات ورفع سقف التوقعات بلا أدنى معرفة بالظروف القائمة.