الرئيسية مقالات واراء
زقزقت عصافير بطن أبوجروح وهو (متشلقح) يتابع نشرة الأخبار، فنادى على أم جروح لتحضر له العشاء. نهضت أم جروح من مكانها وبدأت بسؤال الأولاد إن كان أحد منهم يرغب في مشاركة أبيه العشاء حتى تحتاط وتسلق نصف طبق البيض بدل أن تسلق فقط بيضتين.
جاءت إجابة الابناء جميعهم أنْ ليس لهم رغبة بالعشاء، ذهبت الى المطبخ وجهزت عشاء خفيفا من حواضر المنزل مع سلق بيضتين بالعدد تكفي أبو جروح وحده، سخّنت رغيفا واحدا وأحضرت العشاء ووضعته أمام ابو جروح.
قبل أن يكمل البسملة كان الابن الأصغر يخطف بيضة ويضعها في فمه لأنه جاع، ومن ثم اقترب الابن الأكبر واستأذن أباه بلقمة واحدة من الزيت والزعتر، ولأن له فما أكبر من مغارة جعيتا في لبنان طار نصف رغيف الخبز وصحن الزيت والزعتر ومعهما بالغلط صحن الجبنة، فجاءت البنت على استحياء واستسمحت أباها بسندويشة لبنة صغيرة، تزامن خروج الابن الأوسط من غرفته مع ظهور خبر عاجل على شاشة التلفاز، وحين كان الأب مشغولا بالخبر العاجل وجد هذا الابن البيضة الثانية معتقدا أن الأب أكمل عشاءه، فتناولها وسددها كما يسدد لاعبو كرة السلة المحترفين فأحرز ثلاثية بامتياز، عاد الأب ليكمل عشاءه فوجد أن البيضة الثانية أصبحت في خبر كان.
بقي بعض من فتات الخبز ولأن أبو جروح لديه رومانسية وكانت شريكة العمر تجلس إلى جانبه، سألها إن كانت ترغب بلقمة مقدوس؟ فاستقبلت أم جروح لمسة زوجها العاطفية بفرح وسرور وتسارعت دقات قلبها كما لو كان المقدوس باقة ورد حمراء، وقالت له على استحياء: لست وجه فشل يا أبو جروح، لفّ لها نصف المقدوسة بباقي رغيف الخبز وزلطتها وهي محمرة الوجه.
ملّت عصافير بطنه من انتظار الفرج فنامت باكرا، فاكتفى بكاسة شاي بنعنع من العشاء الذي طلبه!
الحكومة حين تزقزق عصافير بطنها من الطفر، تطلب أن تتعشى على رَفْعَة، وحين يتم الرفع وتأتي الأموال، لا تدري كيف تختفي مثلما اختفى العشاء من أمام أبو جروح!
مثلا أسعار المشتقات النفطية غير ثابتة على مدار العام، وهي الآن تواصل ارتفاعها وتحقق الحكومة من ضرائبها أموالا طائلة، لم أسمع تصريحا حكوميا يقول إن هذا الشهر كانت عوائد النفط جيدة وستنعكس إيجابا على العجز المالي!
قد يكون الأبناء هم الوزراء ويطمعون بالأموال التي تأتي فيصرفونها بأوجه الترف في وزاراتهم.
بإمكان الحكومة أن تقطع الشك باليقين وتكون أكثر شفافية وتعلن عن إيرادات النفط شهريا حتى لا تبقى في دائرة الشك والتخوين.
أما أن تُحسب كل تلك الرفعات على الحكومة وفي النهاية يكون كل حصتها كاسة بنزين بنعنع فهذا يتطب الحساب والمراقبة!