الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    محاولات أردنية للحيلولة دون تدهور العلاقات مع السعودية

    أحداث اليوم -

    عودة الملياردير الأردني صبيح المصري إلى عمّان بعد رحلته الأخيرة المثيرة في السعودية، وفي وقت مبكر قياساً للتوقعات تبدو محطة للاستدراك السياسي، يمكن أن تفيد إذا ما حسُنت ونضُجت النوايا، في إعادة إنتاج المشهد السعودي – الأردني الثنائي الذي بات بسبب الخطاب والأداء السعودي مصدراً لعرض الخلافات والمشكلات عبر وسائل الإعلام الأجنبية قبل العربية والمحلية.

    عودة المصري الأسرع من المتوقع، مفيدة اقتصاديًا لأنها تسهم في ضبط إيقاع سوق عمّان المالي، وتعبّر في جزء منها ــ بصرف النظر عن غموض قضية الرجل وتسويته المالية المفترضة ــ عن استجابة سياسية الطابع لتدخل القصر الملِكِي الأردني في تأمين الافراج عن ركن اقتصادي مهم. فالحاجة مُلحّة تمامًا اليوم إلى أن يَقنَع الأردنيون أنفسهم بإمكانية الاستدراك مع الشقيق السعودي الأكبر، بدلا من مراقبة عمليات النهش الإعلامي التي تؤدي إلى انهيار منظومة الثقة والاتصال والتواصل بين البلدين.

    والحاجة ملحة في المقابل من الجانب السعودي للاقتناع بأن خسارة الأردن سياسيًا وجغرافيًا لأسباب قد لا تكون عميقة أو جوهرية خدمة مجانية لعدو السعودية الأبرز وهو إيران. لأن الوضع الاقتصادي الأردني والسياسي اليوم لا يحتمل الفراغ فإصرار الرياض على استفزاز الأردنيين بسلسلة من الاتجاهات والخطوات الغامضة يعني عمليا منح المعسكر النخبوي الأردني الذي يرى في البوصلة السعودية اليوم خطراً داهماً واستراتيجياً الأفضلية في الخريطة الإقليمية.

    وبالتالي إذا ما أصر العهد الجديد في السعودية على تفويت فرصة التصالح مع الأردن واحترام مصالحه واحتياجاته الأساسية بالحد الأدنى حتى في حالة بروز خلاف سياسي، فإن الفرصة متاحة لتعظيم الخلاف وتفويت البحث عن نقاط الاشتراك.

    فقوانين الفيزياء السياسية لا تحتمل الفراغ، وعمّان تقول بكل اللغات اليوم، إنها لا تسعى للتصعيد، أو حتى المناقشة، وإنها؛ وهذا الأهم ليست بصدد الاتجاه بعمق نحو دولة مثل إيران تتربص بانهيار منسوب الثقة بين عمّان والرياض، وإن كانت مضطرة للتعامل مع دولة مثل تركيا تمنحها ما تحجبه الرياض خصوصًا في ملف القدس.

    فهمت «القدس العربي» مباشرة، ومرات عدة من مسؤوليَن في الحكومة، هما وزيرا الخارجية أيمن الصفدي والاتصال محمد المومني، أن إيران لازالت تمثل البلد الذي يتدخل في الشؤون العربية، وأن الالتزام الأردني دقيق وعميق بالحسابات الاستراتيجية السعودية ، الأمر الذي يبرر إصرار الأردن مع المناكفات والتحرشات السعودية بمصالحه كلها، على عدم إرسال سفير عمّان في طهران عبد الله أبو رمان إلى مقر عمله. وطوال الأزمة التي أعقبت الخلافات الواضحة على ملف القدس وقضية احتجاز رجل الأعمال صبيح المصري بصورة تجازف بمصالح القطاع المصرفي الأردني، التزمت عمّان الرسمية بالصمت الشديد ولم تعلّق على الأحداث.

    وطوال الوقت بقي النص الرسمي الأردني ملتزمًا بأدبيات إيجابية في التعاطي مع أية إشارة سعودية. وتفسر ذلك سلسلة من التصريحات التي تصدر من مصادر رسمية مجهولة، لنفي القصص والحكايات كلها بوجود أزمة بين عمّان والرياض، أو خلافات برغم أن بعض النشطاء السياسيين، ومن بينهم يونس زهران كتبوا على وسائط التواصل مستذكرين قواعد العلم على أساس أن نفي النفي هو تأكيد.

    برغم ذلك كله خرجت قصة تتحدث عن ضغط سعودي على الأردن لمنعه من حضور قمة إسطنبول الإسلامية، بينما نفت السلطات ذلك بالدرجة نفسها من الحدة التي نفت فيها ما تردد عن اعتقال واحتجاز صبيح المصري وما نشر من أخبار مفبركة عن حشودات عسكرية سعودية على الحدود، كما نفت أيضا ما قالته وسائل إعلام دولية عن تجاوز طائرات سعودية الحدود الجوية. وفي الوقت نفسه لم تصدر كلمة واحدة بحق التصريحات غير الدبلوماسية الصادرة عن السفير السعودي في عمّان الأمير خالد بن فيصل.

    مسلسل «النفي الأردني» كان بمثابة رسالة سياسية دائماً للشقيق السعودي، لكن الرياض في رأي سياسيين كبار تتجاهل مضامين هذه الرسالة، التي تقول ضمنًا إن الجانب الأردني لا يؤمن بالتصعيد، ولا يفكر أو يخطط إلى الاعتزال عن عباءة السعودية، أو حتى لإلقائها جانبًا، برغم وجود خلافات سياسية لا يمكن إنكارها ولغة سعودية شوفينية.

    وما تتحدث عنه أوساط عمان المركزية خلال الساعات القليلة الماضية هو البناء إيجابًا على جملة الإفراج الإيجابي عن رجل الأعمال صبيح المصري.

    لكن العلاقة الأردنية ـ السعودية تحتاج اليوم لما هو أبعد وأعمق من حوار صريح ومباشر وأساسي، على قاعدة طالما رددها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إطار ما كان يسمّيه بتبادل المنفعة والاستثمار في المصالح.«القدس العربي»





    [20-12-2017 10:02 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع