الرئيسية مقالات واراء
مرعبة هي الأرقام الأخيرة لمعدلات البطالة بين الشباب، فهذه الكتلة البشرية المهمة معطلة وبعيدة عن الإنتاج والحلم بمستقبل أفضل.
أرقام دائرة الإحصاءات العامة تقول إن البطالة سجلت أعلى معدل في الفئتين العمريتين 15-19 سنة، و20-24 سنة، حيث بلغ المعدل 41.5 % و38.2 % لكل منهما على التوالي.
الفكرة أن معدل البطالة ما يزال يأخذ مسارا تصاعديا، إذ بلغ معدل البطالة 18.5 % خلال الربع الثالث من العام 2017، وارتفع بمعدل 0.5 نقطة مئوية، وقدّر للذكور بحوالي 15.4 % مقابل 30.0 % للإناث للفترة نفسها.
وبأخذ الجنس بالاعتبار، يتضح أنّ معدل البطالة ارتفع للذكور بمقدار 2.0 نقطة مئوية، وانخفض للإناث بمقدار3.9 نقطة مئوية خلال الربع الثالث من العام 2017، مقارنة بالربع الثاني من العام نفسه.
النسبة تخبرنا الكثير وتسرد كثيرا من قصص الشباب ممن ما يزالون على هامش الحياة، ولا يبدو أن حل مشكلتهم قريب نظرا لتعقد المشهد وتعمق المشكلة الاقتصادية.
البطالة كمشكلة وارتفاع معدلاتها ليس إلا نتيجة للسياسة العامة التي تحكم الاقتصاد، فنحن حتى اليوم "نطفّش" الاستثمار، وغير قادرين على خلق بيئة استثمارية صديقة للمشاريع، والأمثلة على ذلك كثيرة.
مشكلة البطالة تنمو بمرور الزمن، ولم يحدث تغيير يعلمنا أن النسبة مرشحة للتراجع، وكل الخطط تبدو بلا جدوى، حتى المقترحات الأوروبية خلال مؤتمر لندن الهادفة إلى خلق فرص عمل للسوريين والأردنيين، ما تزال حبرا على ورق، ولم ينفذ منها شيء، وكأن كل فكرة المؤتمر وتوصياته كانت إبر تخدير لمنع تدفق اللاجئين إلى بلدانهم.
أما خططنا لإعادة هيكلة سوق العمل وإعادة تسكين العمالة وتنظيمها لإحداث توازن بين حجم عدد الفرص القائمة لغير الأردنيين مع عدد الفرص للأردنيين، فلم تحدث الفرق المطلوب. التفسيرات متعددة، أهمها؛ قيمي مجتمعي، وأيضا قوى الضغط لبعض القطاعات التي ما تزال تفضل العمالة الأجنبية على تلك المحلية.
يتراجع منسوب التفاؤل بتخفيض النسبة والتخفيف من حدة المشكلة ونحن نرى القرارات تخنق القطاعات المولدة لفرص العمل، كما لا نمتلك الوصفة لتوسيع قاعدة الاقتصاد من أجل زيادة فرص العمل لاستيعاب الطابور الطويل للشباب المتعطل، أو حتى لأولئك الداخلين الجدد للسوق من خريجي الجامعات وعددهم يناهز 70 ألفا، خصوصا أن الأرقام تشير إلى أن نسبة البطالة بين الجامعيين تزيد على 23 %.
القصة متشعبة في العاصمة رغم تركز النشاط الاقتصادي فيها، فما بالنا بالمحافظات التي تتلوى من غياب التنمية وندرة المشاريع المولدة لفرص العمل، إذ سجل أعلى معدل للبطالة في محافظة الطفيلة، بنسبة بلغت 33.7 %، والنسب في المحافظات الأخرى ليست أحسن بكثير.
دلالة الرقم أن نتائج الحديث عن تعزيز التعليم المهني وتوسيعه ما يزال قاصرا، فأصحاب الشهادات، تحديدا في التخصصات الاجتماعية، ينتظمون في صفوف العاطلين عن العمل.
بقاء مشكلة البطالة على حالها يعني حكما أننا نضيّع ما يسمى بالفرصة السكانية، والمقصود بها ارتفاع نسبة الشباب بين عدد السكان الإجمالي، ففي ظل هذه الأرقام يبدو أننا نضيّع الشباب وليس فقط الفرصة السكانية!