الرئيسية مقالات واراء
كنت حريصا ان اثبت موجوديتي بالعمل الصحفي في جريدة البلاد الاسبوعية..فبدات اجول شوارع الزرقاء وعمان واتفقد الاصدقاء والمعارف بحثا عن قصة غريبة او حادثة مثيرة..وكوني كنت متدربا فليس لي مكتبا او صديقا يساعدني بكتابة قصة صحافية..ناهيك عن عدم وجود مصادر تسعفني بالحصول على قصة لافتة تثبتني على كادر الصحيفة.
ثمة زميل متدرب كان يعمل في جريدة البلاد من بينهم الزميل نقيب الصحافيين حاليا راكان السعايدة وكان ذلك منتصف مطلع عام 1993 .. وكان اول خبر حصلت عليه.. وجود سينما تعرض افلام اباحية مقابل احد المساجد في مدينة الزرقاؤ..وكذلك قصة انسانية عن سيدة ضريرة تعيش في بيت درج بالزرقاء..أذكر ان السيدة كانت تصرخ وتقول لي (لا ترسلوني الى ملجأ العجزة) وكانت تلك السيدة تدعى ام عبدالله ..المهم انني كتبت ملاحظات عن كلتا القصتين..وتوجهت للصحيفة وهناك التقيت لاول مرة بالزميل الاستاذ احمد العنبوسي..فجلست بجانبه وانا افكر كيف سأقنعه بمساعدتي في كتابة ما بحوزتي من اخبار..بعد ان فرغ العنبوسي من بعض الاخبار التي كانت بحوزته..نظر الي بابتسامة مشرقة قائلا: تفضل أستاذ عرفني بحضرتك.
قلت له انني متدرب جديد في القسم الاجتماعي ولدي مجموعة من الاخبار اتمنى لو تطلع عليها وتبدي رأيك بها.
ابتسم العنبوسي وامسك بالاخبار التي بحوزتي وباشر بتحريرها وهو يعلمني كيفية كتابة الخبر ..وان مدرسة الصحافة الاسبوعية تختلف عن ما يكتب في الصحافة اليومية..بعدها استهوته قصة السيدة العجوز ام عبدالله وذكرت له تفاصيل اللقاء معها لقناعتي انه سيخرج منها بقصة انسانية مثيرة ..خاصة وان هيئته تشير الى احترافيته في كتابة القصص الاجتماعية.
بعد ان انهى من كتابة القصة ..طلب من الزميل المصور محمد شبو ان يرافقني لتصوير (أم عبدالله)ومنزلها الذي لا يرقى لحياة البشر.
شعرت بالحرج الشديد من الزميل شبو كوني لا أملك ثمن مواصلات كي ادفعها عنه للباص الذي سيقلنا من مقابل الجامعة الاردنية وحتى مدينة الزرقاء.. فما بحوزتي من (فراطة)بالكاد يكفي اجرة مواصلاتي.. لكن الزميل شبو عندما صعدنا في الباص بادر ودفع عني اجرة الباص..ما أشعرني بالارتياح.
كانت صحيفة البلاد تصدر كل يوم أثنين..وكنت انتظر صدور العدد بفارغ الصبر كي أرى الاخبار التي زودت بها الصحيفة وكانت أعلى درجات طموحي ان ارى أسمي يعلو تقريرا صحافيا..حتى لو بالصفحات قبل الاخيرة.
يوم الاثنين توجهت مبكرا الى صحيفة البلاد..وهناك شاهدت عدد من الزملاء يتحدثون عن تغيرات اجراها رئيس مجلس الادارة الزميل نايف الطورة..ذلك بعد غادر رئيس التحرير رائد صالحة الاردن الى ولاية نيوجرسي الامريكية مهاجرا..لم التفت كثيرا لحديثهم ..وسارعت ﻻمساك العدد وتقليبه..وبعدها وجدت عنوانا رئيسيا على الصفحة الاخيرة مفاده (ام عبد الله تستغيث: لا ترسلوني الى ملجأ العجزة)وكانت صورتها مخرجة فنيا بشكل جميل ولافت..وعندما قلبت الصفحات عثرت على قصتي الاولى التي كانت يعلوها أسمي لاول مرة في العمل الصحفي.
كانت الصحف الاسبوعية الاكثر مشاهدة وكانت اخبار الحوادث والقصص الانسانية والغريبة هي اكثر قراءة في الصحيفة وتحديدا في المناطق الشعبية.
اصبحت احضر بشكل يومي لمقر الصحيفة..وبعد ايام اكتشفت ان الزميل نضال منصور أصبح رئيسا للتحرير المسؤول..كما تم تعيين الزميل رجا طلب رئيسا للتحرير..وكلاهما كانا صديقان ملتصقان..بالرغم من اختلاف سلوكهما وتعاملهما مع الآخرين.
كانت الاستقالات في صحيفة البلاد وتغيير وجوه الزملاء متكررا في الصحيفة..لكنني واصلت البحث عن مزيد من القصص الانسانية وكنت مترددا بالتعرف على الزميل منصور..كون الكثير من الزملاء كانوا يقولون عنه صدامي.
بعد مضي ايام على دخولي ماكنة العمل بالصحيفة.. اصبحت اقدم مزيدا من الاخبار التي كان يساعدني في كتابتها وتحريرها الزميل عدنان الرواشدة ويعلمني كيفية كتابة الاخبار انذاك..لنفاجئ بأعتقال الزميل نضال منصور بسبب خبر كتبه عن قوات حفظ السلام (اتحفظ على ذكره)..توجه جميع كادر الصحيفة وهو يحمل اليافطات امام مبنى رئاسة الوزراء مطالبين الافراج عن الزميل منصور..وكان دولة عبد السلام المجالي رئيسا للوزراء ..والدكتور جواد العناني وزيرا للاعلام...الوقفة انتهت بعد مضي ساعتين..وكانت اول وقفة احتجاجية اقوم بها نصرة للحريات.
افرج عن الزميل منصور بعد الوقفة مباشرة والتقيته في مبنى الصحيفة حيث تبادلنا القبلات بمناسبة الافراج عنه..بعد يومين بينما كنا داخل القسم الاجتماعي داهمنا الزميل نايف الطورة وكان بكامل اناقته المعهودة...وبدأ يوجه للزميل الرواشدة سيل من الانتقادات بسبب تراجع اداء القسم الاجتماعي وطلب منا كتابة اساليب جديدة من التقارير الصحفية..فيما تذرع الزميل الرواشدة عدم توفر مصور وعدم وجود مكاتب ندون عليها قصصنا الصحفية.
رد الطورة بعصبية قائلا:هذه حجج غير مقبولة..وهدد باحضار رئيس قسم جديد .
على الفور عقدنا اجتماعا مصغرا انا والزميل نائل صلاح مع الزميل عدنان الرواشدة ..حيث وجهني الاخير بالذهاب الى مدينة السلط لاجراء تقرير عاجل عن مقهى المغربي..وزودني بمجموعة من الاسئلة وتم استدعاء الزميل شبو لمرافقتي على ان يسلم التقرير صباحا.
دار نقاش بيني وبين الزميل شبو عن ضرورة ان تصرف لنا الصحيفة مبلغ خمسة دنانير بدل مواصلات..وعندما وافقته الرأي كتبت مذكرة لرئيس التحرير منصور والذي استشاط غضبا من ارتفاع المبلغ...فقام بتخفيضه الى ثلاثة دنانير...فيما خفض المدير المالي ابو حمادة المبلغ الى دينارين...عموما توجهت الى مدينة السلط واجريت تقريرا صحافيا أذكر انه كان بعنوان( اجتماع مجلس وزراء حكومة النابلسي في مقهى المغربي).