الرئيسية مقالات واراء
إنه اليوم الثالث لهما هنا، ثلاثة أيام أصحو وهما هنا، أنام وهما هنا، أسهر وأتناولُ طعامي بينهما. أمس، طبختُ لأبي حساء البطاطا مع الدجاج، بعدها طبخت أمي الملوخية الخضراء بفنٍ أثيريٍ يضاهي قنابل كوريا النووية. أقوم من نومي لأشرب قهوة أمي، مع أبي، هذا كثيرٌ جدًا. أكثر ممّا ينبغي.
كالعادة، أحبُّ سيرة الأموات، تحديدًا جداتي الصابرات، تقول أمي إنَّ جدتي وضحا ذهبت إلى دكان أبي فرحان قبل أكثر من ثلاثين سنة، سألته "بيش البندورة؟" والبندورة وقتذآك بنصف دينار، قال البائع "بقرشين يا وضحا"، سكتت جدتي، ثم قالت له: "ول يا ابو فرحان كثير!" فما كان منه إلّا أن ارتفع ضغط دمه وتمنى أن يمر اليوم على خير. كلهم يعرفون جدتي، وضحا.
استفهمتُ من أبي أيضًا عن قصة أعرف بعض تفاصيلها، القصة في آخر الزمن العثماني، يوم كان المحتل العصملي يأخذ الشباب إلى الحرب رغمًا عنهم، وكان نصيب جد أبي (باير محمود حسن عبيدات 1885-1964) أن يطلب للجندية حيث يموت العربيُّ فداءً لمكرهة المحتل العثماني، رفضت عروس جدي (الزعيمة المرحومة صيتة الحامد) أن يذهب جدي وأقنعتهُ بالفرار إلى الشام ريثما تنتهي الحرب، هرب جدي على ناقة وساعدته حبيبته التي تزوجها بالحديد والنار ومنع عنها عريسًا غريبًا ليفوز هو.
تفاصيلٌ أخرى مليئة بالقهوة ويوم ولادة عمي الكبير (المرحوم محمد العوض 1948-2001) في أحد بيادر الضحضاح (منطقة في الرمثا)، كذلك عن قصص جدتي ازعيله التي كانت تُحب الجُقْلّاطه والميرندا البردقانيه. نام أبي قبل قليل، نامت أمي الآن. أكدا عليّ أن أتغطى جيدًا وكررت عليّ أمي وصاياها الكثيرة التي كتبت عنها كثيرًا.