الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    أسبوع ساخن قبل «الرفع الكبير» للأسعار

    أحداث اليوم - قد لا تستفيد الحكومة الأردنية حقًا، عندما يتعلق الأمر بمعادلة التوازن التي بررت حزمة رفع الأسعار الأخيرة، بين النفقات والإيرادات للخزينة بعد إصرار عشرات الخبراء على أن الركود في الأسواق من جراء الارتفاع البشع للأسعار لن يؤدي لزيادة عائدات الخـزينة من الضـرائب.
    ذلك رأي قديم بطبيعة الحال، متـجدد، لـكن ما يخطط له الطاقم الاقتصادي للحكومة، أو ما خُطط له في الواقع هو تحصيل 540 مليون دينار في عام 2018 على حساب أي شيء، بصرف النظر عن الطريقة وسط الإقرار الشامل بأن جيب المواطن هو مصدر الدخل الوحيد اليوم.
    المفارقة تبدو خشنة وقاسية، لأن جيب المواطن المثقوب أصلا بحكم الضائقة الاقتصادية هو مصدر الدخل الوحيد لتمويل خزينة الدولة بالتلازم مع حكومة خالية من الابداع، في الوقت الذي ترفع فيه الدولة نفسها شعار التخلص من النظام الرعوي في العلاقة مع الناس.
    الأمر حصل على شكل صدمة للرأي العام لأن أسعار كل ما يستهلكه المواطن الأردني ارتفعت عمليا باستثناء 12 سلعة غذائية بسيطة. «تلك عقلية محاسبة وليست إدارة مالية»… هذا ما لفت له نظر «القدس العربي» رئيس اللجنة البرلمانية المالية الأسبق يوسف القرنة، مرات عدة، وسط تأكيد أن الفارق كبير بين عقلية الإدارة المالية وذهنية المحاسب الذي يؤمن بتوفير المال بصرف النظر عن أي اعتبار آخر.
    مبكرًا؛ قالها وزير المالية عمر ملحس، استمعت لها «القدس العربي» من زملاء له: «الأمور الأخرى مثل التداعيات الاجتماعية والاستقرار والأمن والشعور مع الناس.. مسائل ليست في نطاق اختصاصي».
    أمام «القدس العربي» أيضاً يقر رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، نجم عملية إقرار الميزانية أصلاً أحمد الصفدي أن تلك الطريقة الوحيدة المتاحة لإنتاج وضع يخلص الخزينة من حالة الاختناق، مشيرًا إلى أن على الحكومة أن تبدأ بعدما مرّر لها المجلس ما تريد بتنويع خيارات الاستثمار والتحفيز الاقتصادي. لكن الحكومة فيما يبدو، بدأت تواجه قبل نحو أسبوع في الأقل من يوم الاستحقاق المقرر لرفع الأسعار حسابات التصعيد ضدها وسط إجماع على حصول تسرع في رفع أسعار بعض السلع في الأقل، بطريقة تؤذي الاقتصاد والسوق، لأن البرمجة تمت على أساس عقلية المحاسب هنا.
    نشطاء في أكثر من جهة ومحافظة أعلنوا فعالية في الشارع يوم رفع الأسعار في الأول من الشهر المقبل. في المقابل استمع رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي للهتافات التي انطلقت فعلًا منذ أسبوع تقريبًا من مدينة السلط تطالب باستقالة حـكومته في الـوقت الذي استمع فيه أيضاً لإيقاع بعـض عنـاصر طبقة رجال الدولة وهم يطرحون تساؤلات حائـرة بعنـوان كلفة الركود التـراكمي في السـوق؟
    لاحقًا؛ برز الإخفاق الحكومي التالي؛ عندما أقيل وزير النقل لسبب غامض للمرة الخامسة في أقل من عام ونصف العام. الهمس لم يقف عند هذه الحدود، اليوم، ولا علاقة له بفوبيا الأول من شباط/فبراير المقبل، بل لامس مستويات الإشاعات والتكهنات التي انتشرت بكثافة كبيرة اعتبارًا من أمس الأول بعنوان «تغيير رئيس الديوان الملكي وإقالة الحكومة وحل البرلمان».
    وهي تسريبات لا تصادق عليها أدلة في الواقع الموضوعي وإن كانت تُربك رئيس الوزراء. في الأثناء بدأ بعض النواب المناكفة بأثر رجعي وبعدما اتهمهم الشارع بالجملة بالمساس بكرامة الأردنيين والضغط عليهم بطريقة غير مسبوقة عندما أقروا الميزانية المالية كما جاءت من الحكومة تمامًا. هنا تحديدًا، لا يريد إيقاع الشارع التذكير الذي يلفت النظر بوجود 41 عضواً في مجلس النواب رفضوا التصويت لمصلحة الميزانية، فالمجلس برمته اليوم في حالة خصومة مع الشارع، ولا ترد أية مفردة تطالب بإسقاط حكومة الملقي، إلّا إلى جانبها دعوة لحل ما يسمى ببرلمان الفياغرا. ذلك عبء على الدولة ومركز القرار، بالنتيجة، خصوصًا إذا ترافق فعلًا مع ركود في السوق وضعف في واردات الضريبة وإخفاق في التحفيز الاقتصادي، وسط مشهد في غاية الاضطراب ماليًا وشعبيًا واقتصاديًا اليوم.
    لا تريد وزارة الملقي إلا الاحتفال بكونها صادقة مع القيادة والناس، على اعتبار أنها تلك الحكومة التي أنجزت المبدأ الأساسي في علم المحاسبة وهو تحصيل ضرائب وأسعار لا تقل إلّا 2% عن النفقات. تلك جرأة في البُعد الحكومي، لكنّها صدمة مُخيّبة للآمال في البعد الشعبي، لأن بعض النواب استيقظوا في وقت متأخر، وبدأوا يوقعون مذكرات بالقطعة تحاول التخفيف من حدة ارتفاع الأسعار، والجديد جدًا في هذا الإطار أن وزير المالية الصلب عمر ملحس بدأ يستمع، الأمر الذي لم يكن يفعله من قبل، في إشارة تؤكد أن مكتب رئيس الوزراء الملقي دخل في حالة فوبيا الرحيل وسيناريو السقوط الشعبي.
    الفكرة هنا أن طي صفحة المساعدات والخذلان العربي والمماطلة الأمريكية في هذا الإطار دفعت محاسب الحكومة للتفكير بجمع الدولارات فقط فيما ارتبك السوق لأن وزارة الملقي قد تكون الوحيدة منذ 60 عاماً التي رفعت أسعار الخبز والسيارات والوقود والأدوية والمواد الاستهلاكية بجرة قلم واحد.
    يرسل عضو البرلمان معتز أبو رمان تصوراً أولياً لمذكرة يتبناها لـ «القدس العربي» تحاول الضغط على الحكومة للتراجع عن رفع سعر الدواء فيما يطالب الوزير ملحس المراجعين من بعض النواب بتقديم اقتراحات بديلة لتعويض المال المفقود، من دون أن يغلق الباب أمام أفكار جديدة تخفف من فوبيا حمى رفع الأسعار.
    عمليًا؛ فعلت حكومة الملقي ما تراه مناسبًا، لكن الشارع أيضاً في طريقه لفعل ما يراه مناسباً من جانبه.. كذلك سيفعل على الأرجح مركز القرار لأنه حتى المستوى الأمني يشعر بالامتعاض، ولا يريد التدخل إلا لمصلحة تمكين الحكومة من القفز بين المطبات وذلك يحصل لفترة مؤقتة بالتأكيد





    [22-01-2018 11:04 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع