الرئيسية مقالات واراء
بقلم الدكتور محمد أبوعمارة
مدير عام مدارس الرأي
منذ أسابيع مضت وأنا أشعر بتغير كبير في حياتي، عاداتي... تصرفاتي... دون أن أعلم لم كل ذلك؟!! فلم أعد أطيق القراءة كما المعتاد بل وعلى العكس أصبحت أضوج لمجرد المحاولة، لم أعد أحب نفس الأشياء التي كنت أحبها، ولم أعد أستمتع بالأمور التي كنت أستمتع بها فلم تعد جلسة الأصدقاء تؤنس وقتي ولم يعد اللعب مع أطفالي من أحب الأعمال إلي... حتى مزاجي الموسيقي لم يعد نفسه... لا أدري هل هو السن هو ما سبب ذلك التحول أم هي لعنة حلت بي أم هو النضوج أم سبب آخر!!!
وأثناء هذه الفترة وأنا أفكر في الشخص الجديد الذي احتلني!! ذهبت لشراء خبز من المخبز الذي أعتدت على شراء الخبز منه منذ عشرات السنوات، حملت ربطة الخبز التي اعتدت على حملها والتي تزن كيلو من الحجم الصغير وتوجهت نحو الكاش وإذا به يضع لوحة كبيرة كتب عليها "كيلو الخبز الصغير بــ(40) قرش" دفعت له ثمن كيلو الخبز وحملته متجهاً نحو سيارتي وكما العادة سحبت رغيفاً ساخناً وقطعت منه قطعة ولكتها بأسناني... ولكنني لم أجد تلك المتعة أو اللذة التي طالما وجدتها في تناول الخبز الساخن، بل بالعكس كم كان طعم الخبز مؤلماً وحاداً ومزعجاً... لم أدري لماذا شعرت بأنني لا أستطيع –بلع- تلك اللقمة فقمت بإخراجها من فمي وأنا أشعر بمرارة لم أشعرها من قبل ويكأني كنت أمضغ علقماً مراً... لا أدري هل تغير طعم الخبز!! ام هل أصبحت مع كل قطعة خبز ألوكها ألوك معها جزء من كرامتي وكبريائي!!
لا أدري لماذا أشعر بأن مع كل كيلو خبز هناك جزء من وجهي يسقط معه !!! وما العلاقة بين الخبز وسعره وبين الكرامة التي أشعر بأنني ألوكها مع كل قضمة خبز!!
ركبت سيارتي وسرت بنفس الشارع الذي أسير به كل يوم لبيتي ولكني كنت أشعر بان هذه الطرق جديدة علي!!! وأن أبوالعبد الدكنجي، وسطيف بائع الخضار وحمودة إبن الجيران أناس غريبون علي....
لم أدري لمَ شعرت بكل ذلك ولكن شعور بالغربة كان يجتاحني، وشعور بالذل والقهر كان يعتريني ولا أدري لماذا شعرت ولأول مرة بأنني لا أنتمي لهذا المكان ولا لهذا الزمان ... وهنا أيقنت لماذا تغير طعم الخبز!!!