الرئيسية مقالات واراء
فهد الفانك
قبل فترة ليست طويلة ، كانت مصر تبيع الغاز الطبيعي لإسرائيل ، الأمر الذي أثار ضجة على اعتبار أن التعامل بالغاز بيعاً وشراءً يحتاج لقدر من التطبيع المرفوض شكلاً ومضموناً.
انقلب الميزان الآن وأصبحت مصر تستورد وإسرائيل تصدر الغاز ، ومرة أخرى تقوم ضجة ضد هذا التعاقد باعتباره نوعاً من التطبيع المرفوض شكلاً وموضوعاً.
هل تبادل تجارة الغاز بين إسرائيل وبلد عربي مفيد لإسرائيل أم للطرف العربي؟الشيء المؤكد أن الطرفين يستفيدان ، وإلا ما كانا ليدخلا في هذه الصفقة الكبيرة التي تصل إلى 15 مليار دولار خلال 15 عاماً.
واضح أن المشتري يستفيد لأنه يريد إشباع حاجة الصناعة المحلية حتى لا تضطر لاستخدام مصادر أخرى للطاقة ذات كلفة أعلى وكفاءة أقل.
والبائع يستفيد لأن لديه طاقة إنتاج للغاز تفوق احتياجاته المحلية ، وهو بطبيعة الحال سيقبض مبالغ كبيرة مقابل كلفة قليلة.
في المحصلة فإن الطرف الضعيف هو المغبون دائماً سواء كان بائعاً أو مشترياً ، والقوي هوالرابح سواء كان بائعاً أو مشترياً ، ذلك أن الطرف الضعيف هو الذي يضع نفسه تحت رحمة الطرف القوي سواء كان موضوع الصفقة بيعاً أو شراءً.
المهم في هذه الحالة هو توفر البدائل بحيث أن انقطاع توريد الغاز يعفي من البحث عن مصدر آخر للطاقة ولكن بكلفة أعلى.
حتى الآن لم ندخل السياسة في فهم صفقات تبادل الغاز ، أي أن التعامل بالغاز يشبه التعامل مع أي شيء آخر ، والتعامل مع إسرائيل يشبه التعامل مع اي طرف دولي آخر.
في هذه الحالة تبدو ميزة استبعاد السياسة والدخول في السوق بائعاً أو مشترياً على ضوء المصلحة المباشرة وتوفر البدائل ومقارنة الأسعار.
بهذا المنطق نفهم قيام بعض الفئات والقوى السياسية برفض موقف البلد العربي سواء كان المشتري أو البائع ، فلا يهم أن نخسر إذا كان ذلك يعني أن الطرف الآخر سوف يخسر أيضاً.
يعرف الذين يعارضون صفقات تبادل الغاز أن مصر والأردن عقدا سلاماً مع إسرائيل يؤكد على حرية التبادل الاقتصادي والدبلوماسي ، فالمسألة لا تقف عند الغاز إلا إذا كان له رائحة خاصة بل عند مبدأ التعامل التجاري.