الرئيسية مقالات واراء
في غضون سنة على توليه المنصب الرئاسي في الولايات المتحدة الأميركية، استبدل دونالد ترامب معظم مستشاريه وكبار المسؤولين في الإدارة، لكن التغيير الجوهري والأكثر أهمية حصل أول من أمس وقضى بإقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون وتعيين مدير المخابرات المركزية مايك مومبيو بدلا منه.
تيلرسون كان على علاقة مضطربة مع ترامب منذ توليه الخارجية، لكنه بالرغم من ذلك كان أكثر رموز الإدارة الأميركية تعقلا مقارنة بفريق البيت الأبيض.
واتضح من تصريحات ترامب بعد إقالة تيلرسون أن هناك خلافات بالفعل حول الموقف من الاتفاق النووي مع إيران، فبينما يرى وزير الخارجية المقال أن الاتفاق قابل للحياة مع استمرار العقوبات على إيران، يتمسك ترامب بنيته الانسحاب منه.
وبعد الإطاحة بتيلرسون تعززت القناعة لدى عديد المختصين بالشأن الأميركي بأن ترامب لن يوقع في أيار (مايو) المقبل على تجديد الاتفاق النووي مع إيران ويتجه فعلا للانسحاب في خطوة سيكون لها تداعيات كبيرة.
وزير الخارجية مومبيو مقرب جدا من ترامب ويشاطره نفس الموقف من إيران وقضايا أخرى. هذا يعني أن المرحلة المقبلة ستشهد اتساع هوة الخلاف بين واشنطن والدول الاوروبية الموقعة على اتفاق إيران النووي، فيما يعتقد أن الموقف الأميركي من إيران سيتخذ منحىً تصاعديا.
التغيير في الخارجية الأميركية ربما يكون قد حسم التباين في الموقف من الأزمة الخليجية. ترامب والمقربون منه في البيت الأبيض وتحديدا مستشاره وصهره جاريد كوشنير من الداعمين لوجهة النظر السعودية، فيما كان ينظر لتيلرسون على أنه صوت قطر في الإدارة الأميركية. والحقيقة أنه لم يكن يخفي موقفه هذا، فقد أظهر على الدوام تفهما للموقف القطري.
وفي عديد من ملفات السياسة الخارجية كان تيلرسون في حقيقة الأمر مراقبا أومحيدا تماما. في موضوع الصراع العربي الإسرائيلي على سبيل المثال يتولى كوشنير وبعض المستشارين في البيت الأبيض طبخ ما بات يعرف بصفقة القرن دون أدنى مساهمة لوزارة الخارجية ووزيرها.
الملفات الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة وعلى وجه الخصوص العلاقة مع موسكو والمنافسة التجارية الحادة مع بكين ستخضع من الآن وصاعدا لرؤية البيت الأبيض، ففي كل الأحوال كان تيلرسون القادم من عالم البزنس شخصا غريبا على فريق ترامب المتقلب، ويحمل أسلوبه مقاربات مختلفة مع نظرة الفريق المتشدد حيال معظم التحديات الخارجية.
على المستوى الثنائي؛ الأردني الأميركي، لا يعتقد أن رحيل تيلرسون سيؤثر بشكل سلبي. خليفته كان على رأس المخابرات الأميركية ويعلم قيمة الأردن ودوره الفعال في القضايا التي تهم أمن المنطقة والبلدين، وكذا الحال بالنسبة لجينا هاسبل التي خلفته كأول سيدة تدير أكبر جهاز مخابرات في العالم.
لكن من الواضح ان إدارة ترامب التي تتهيأ لمحادثات استثنائية مع كوريا الشمالية قد تفضي لصفقة تاريخية، تخطط أيضا لخطوات تاريخية في الشرق الأوسط تشمل ملفي إيران والصراع العربي الإسرائيلي.