الرئيسية أحداث البرلمان
أحداث اليوم -
جاء بيان حكومة د. عمر الرزاز امام مجلس النواب ، نسخة طبق الاصل عن البيان الوزاري لحكومة سلفه د. هاني الملقي ، حيث تضمنت التأكيد على اجراء إصلاحات في ملفات الاصلاح السياسي والمالي والاقتصادي والاداري والخدمي .
رداد القلاب - حمل البيانان ، الرزاز - الملقي ، نفس الوعود ونفس الاطر والطروحات والنهج ، وظهر جلياً للمتابع ان البيانين "كوبي بيست " عن بيانات وزارية سابقة بالتزامن مع استمرار نفس - افلام الاكشن - التي نتجها نواب من شغب ثم تهدئة النواب الغاضبين وتدخلات من قبل نواب مخضرمين .
ويرجح مراقبون ان يحصل الرزاز على ثقة مريحة وليست على - الحافة - بالرغم من هدير ووعيد النواب ، وذلك ليس بسبب البيان الوزاري او نقاش النواب عليه ، وانما لانه اصبح عرفاً وتقليداً اردنياً لمن يقود عمليات الثقة بالخفاء ، على حد تعبير هؤلاء المراقبين .
يبدو ان الرئيس الرزاز ، لم يلتقط اللحظة التاريخية التي جاءت به رئيسا ، على انقاض حكومة هاني الملقي الذي اسقطها "طنيش " الاردنيين والايغال بجلد الشعب ، دون اية اعتبارات .
وظهر الرزاز بصورة كلاسيكية ، وليس بالصورة التي رسمها له الاردنيون ، ابان هبة رمضان 2018 ، وما رافقها من وعود بتغيير النهج الحكومة ، ثم سريعا عادت الحكومة الى مربع الحكومات السابقة .
ونعتذر من القارئ الكريم على عرض بيان حكومة الدكتور الرزاز وبيان حكومة د. الملقي وذلك لاثبات صحة رصدنا
نص البيان الوزاري لحكومة الدكتور عمر الرزاز :
بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاةُ والسّلام على أشرف الخلق سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين..
سعادة رئيس مجلس النواب الأكرم السيّدات والسادة، الذوات أعضاء مجلس النوّاب الثامن عشر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، نلتقي اليوم في ظلّ مرحلةٍ تاريخية فارِقة، علينا جميعاً أن نغتنمها؛ ولحظة إشراق استثنائيّة، تمثّلت بأبهى حالات التّناغم بين القيادة الهاشميّة، ونبض الشارع الأردنيّ، الذي عبّر عن تطلعاته بكلّ رقيٍّ وحضاريّة؛ والأجهزة الأمنيّة التي أبدت أعلى درجات الحرفيّة في المحافظة على أمن الوطن ومقدّراته، وعلى حماية حقّ المواطنين في التعبير السلمي عن آرائهم.
وهي لحظةٌ تاريخيّة مهمّة؛ لأننا في الأردن مررنا، ولا نزال نمرُّ بمخاضٍ عسيرٍ، تنوء بحمله أكبر الدّول وأقواها، بفعل ظروفٍ إقليميّة، وتحوّلات جذريّة، تمثّلت في فوضى سياسيّة، وحروب واقتتال، وتداعيات اقتصادية تركت آثارها العميقة فينا؛ لذا يتحتّم علينا تقييم الواقع الذي نعيشه لاستخلاص الدروس والعِبر.
وهي لحظةٌ تاريخيّة بكلّ المعاني، كوننا نقترِب من مئويّة الدّولة الأردنيّة، بحلول عام 2021م، ويقتضي ذلك تكريس واقع الدّولة الناضجة، ثابتة الأركان، بمؤسّساتها وتقاليدها وأعرافها، واضحة الأهداف والنهج.
وتنطلقُ الحكومة في عملها من الالتزام بأحكام الدستور، ومبادئ الدّولة الأردنيّة التي تشتمل على العدالة والحريّة والمساواة والوحدة الوطنيّة؛ ويوجِّهنا في هذا المسار منظومة قيم من أبرزها: التعدديّة والوسطيّة، والتّسامح، واحترام الرّأي والرأي الآخر.
وقد أرسى الملك المؤسس عبد الله الأوّل - طيّب الله ثراه - قواعد دولة القانون، التي تُحتَرم فيها الحريات، إذ نصّ كتاب التكليف السامي الذي وجّهه إلى رئيس الحكومة عام 1946م على أنّ (وهنا أقتبس) "... العهدُ عهدُ حريّة واستقلال، وعهدُ إِنشاء وجمال، يجب فيه التّعاون بين الأمّة ومجلسها النيابي، والحكومة الرشيدة، تعاوناً حقيقيّاً، لا يُرمَى فيه إلا إلى الوصول للهدف المقصود المعيّن. ولا شك في أنّ النّاس قد وُلِدوا أحراراً، وليس لأحدٍ أنْ ينتقِصَ من حريّتهم، أو يتجاوزَ على حقوقهم، فإنّ الله قد جعل لكلٍ على كلٍ حقّاً... فإنّ الحريّة تصون النّاس من النّاس، حيث لا إفكٌ ولا بهتانٌ ولا اعتداءٌ، بل أخوّةٌ وتساوٍ ورفقٌ... فالحرُ حرٌّ ما احترم حريّة غيرِه، ومتعدٍّ متجاوزٌ إنْ هو تطاول على غيره. والقانونُ المودَع في أيدي الأكفَاءِ من الرِّجال هو ميزانُ حقٍّ يجب أن لا يميل هنا وهناك." (انتهى الاقتباس) ومضياً على المسيرة ذاتها، أتى كتاب التّكليف السامي لجلالة الملك المعزِّز عبد الله الثاني قبل أسابيع، ليشير إلى ما سطّره الأردنيّون من ممارسة راشِدة للحريّة والمواطنة الفاعلة، وأداءٍ وطنيٍّ متفانٍ من الأجهزة الأمنيّة، معبِّراً فيها عن مشاعر الأمل "بأنَّ الأسرةَ الأردنيّة الواحدةَ قادرةٌ على تجاوزِ الصِّعاب، يداً بيدٍ، والنّهوض نحو حاضرٍ أفضلٍ وغدٍ مشرِق."
سعادة الرّئيس السيّدات والسّادة النوّاب أقفُ بين يدي مجلسكم الكريم، انصياعاً لأحكام دستورنا العتيد، ومبادئنا الديمقراطيّة الأصيلة، كي أقدّمَ البيان الوزاريّ لحكومتي، مُهتدياً بكتابِ التكليفِ السامي، الذي وجّهنا فيه مولاي صاحب الجلالة، أولاً إلى "إطلاق مشروع نهضة وطنيٍّ شاملٍ، قوامه تمكين الأردنيين من تحفيز طاقاتهم، ورسم أحلامهم والسعي لتحقيقها، وتلبية احتياجاتهم عبر خدمات نوعية، وجهاز حكومي رشيق وكفؤ، ومنظومة أمانٍ اجتماعيٍّ تحمي الضّعيف، في ظل بيئة ضريبيّة عادلة." ووجهنا ثانياً، إلى ترسيخ عقدٍ اجتماعيٍّ جديد، واضح المعالم من حيث الحقوق والواجبات، يرسمُ شكل العلاقة بين المواطن وحكومته، يستند إلى الدستور، ويعزّز دور المواطن في تحقيق التنمية المستدامة.
فمشروع النّهضة الوطنيّة الشّاملة إذاً، هو الغاية التي تتماهى مع الطّموح، والعقدُ الاجتماعيُّ هو النّهج والوسيلة التي ستوصلنا إلى النّهضة الوطنيّة الشاملة؛ فالمواطنة تُبنى على الحقوقِ والواجبات، والمشاركة الفاعلة في الإنتاج؛ ودور الحكومات اليوم هو تحقيقُ النّهضة الشّاملة بالشراكة مع مجلس الأمة، ومؤسّسات المجتمع، والقطاع الخاص؛ فمن واجبها تقديم خدمات تعليمٍ وتدريبٍ وتأهيلٍ تساعدُ جيل الشّباب على أن يكونوا مواطنين منتجين، وتقديم خدماتٍ صحيّة، واجتماعيّةٍ، ونقل عامٍّ، وأمن عامٍّ وبرامجَ حماية، وتنمية في المناطق المهمَّشة.
أمّا المالُ العامُّ الذي يُستخدَم في تقديم هذه الخدمات فهو مالُ النّاس، مالُ المواطنين، وبالتالي فإنّ الشريك الرئيس في هذا العقد الاجتماعي هو المواطن؛ لذلك فإنّ من أهمّ مرتكزات العقد الاجتماعيّ التزام نهج الشفافيّة والمكاشفة، والانفتاح والوضوح، وإطلاع المواطنين على كلّ ما يتعلّق بشؤونهم، ومن ذلك معرفتهم بدقّة لحجم الأموال التي تُدفَع لإدامة الأجهزة الحكوميّة المختلفة، والأوجه الحقيقيّة لإنفاق هذه الأموال، لتعكس ما يطمح إليه المواطنون من الحكومة، من حيث الخدمات ونوعيتها وانتشارها.
لكنّ الحكومة تدرك تمام الإدراك مقدار الاهتزاز في الثقة، الذي اعترى العلاقة مع المواطن، وأقولها بكلّ صراحة وجرأة، وبمنتهى الوضوح: لقد طفح الكيل لدى المواطن، وبات يضيق ذرعاً بكلّ السياسات والقرارات التي نتّخذها، فدخله لم يتحسّن، بل تراجع مع تراجع القوّة الشرائيّة، والكثير من أبناء وبنات الوطن لا زالوا بلا عمل، وفوق كلّ ذلك، بات المواطن يجد أنّ الخدمات في غالبيّة القطاعات قد تراجعت، أو أنّها لا ترتقي إلى مستوى الطموح.
ومن هذا المنطلق، فإنّ هذه الحكومة ستضع الأولويّات عبر آليّات شراكة حقيقيّة، تعبِّر عن هموم المواطنين وآمالهم وتطلّعاتهم، وتضع آليّاتٍ للتنفيذ، وبرنامج عملٍ زمنيٍّ ضمن الموارد والقدرات المتاحة، ومكاشفةٍ شفّافة حول مدى الإنجاز، تتيح للمواطن المشاركة الفاعلة في تحقيق التنمية وصنع القرار عبر اختياره لممثّليه على المستويين المحليِّ والوطنيِّ.
ومن هنا، فإنَّ الحكومة تلتزم أمام مجلسكم الموقّر بالتعاون التّام، والحوار الدائم والتّشاور، في كل ما من شأنهِ أن يحقّق المصلحة الوطنيّة العليا، وسنترجم ذلك من خلال عقد لقاءات دوريّة مع اللجان والكُتل النيابيّة، للتباحث حول القضايا الرئيسة، وليتمكَّن مجلسكم الموقر من القيام بواجباته الرقابيّة والتشريعيّة على أكمل وجه، وليتمكن المواطن من الحصول على المعلومة الدقيقة، وإيصال صوته، ومساءلة مقدّمي الخدمة، بموجب حقوقه الدستوريّة.
إنّها حالة استثنائيّة، فرضتها علينا ظروفٌ استثنائيّة، وتتطلّب منّاً حلولاً استثنائيّة، ولا أقول حلولاً سحريّة تعالج كلّ هذه المشاكل بين عشيّة وضحاها، بل أقصد حلولاً تدريجيّة ترتبط بجدول زمنيّ واضح، نصل من خلالها إلى تحفيز الاقتصاد الوطني، وزيادة قدرته على النموّ، ليلمس المواطن مستقبلاً أثر ذلك على مستوى معيشته.
سعادة الرّئيس السيّدات والسّادة النوّاب إنّ العناوين العريضة المستوحاة من كتاب التّكليف السامي، والتي تحاكي هموم المواطن، يمكن تلخيصها بالمحاور الآتية: سيادة القانون ومحاربة الفساد.
معالجة الفقر والبطالة وتكريس المساواة في الوصول إلى الفرص.
تشجيع الاستثمار المحليّ والخارجيّ، وضبط كلف الإنتاج.
الإصلاح السياسيّ.
الإصلاح الماليّ.
الإصلاح الإداري.
رفع مستوى الخدمات الرئيسة من تعليمٍ وصحّة ونقل ومياه.
الالتزام بالأمن الوطني وثوابتنا الوطنيّة، ودعم قوّاتنا المسلّحة وأجهزتنا الأمنيّة.
وبعيداً عن قائمة التمنّيات، والآمال الفضفاضة، نضع أهدافاً محدّدة، قابلة للتطبيق، ونتائجها قابلة للقياس، توضعُ على مائدة الحوار مع مجلسكم الكريم.
أوّلاً: سيادة القانون ومحاربة الفساد: الفساد بشقّيه الإداري والمالي هو أحد أهمِّ هواجس المواطن الأردنيّ، ويشمل أوجه الفساد الكبير المتنفِّذ، والصغير المرتبط بصغار الموظفين وبالرشوة وبمعاملات المواطنين؛ وستلتزم الحكومة بإعطاء هذا الملف أهمية كُبرى، من خلال متابعة ملفّات الفساد، وتطوير منظومة التشريعات والأنظمة التي تعالج جذور المشكلة والوقاية المستقبليّة، ومنها قانون حقّ الحصول على المعلومات، وقانون الكسب غير المشروع. كما ستعمل الحكومة على تحصين مؤسّسات الرقابّة المالّية والإداريّة، وإعطائها المزيد من الصلاحيّات الرقابيّة والحصانة، لتتمكّن من أداء دورها على أكمل وجه، وسنقوم بمراجعة قانون ديوان المحاسبة وقانون هيئة النّزاهة ومكافحة الفساد لهذه الغاية.
كما تلتزم الحكومة بتوفير منصة إلكترونية لاستقبال شكاوى المواطنين، وحماية المبلِّغين عن المخالفات، الذين يكشفون عن معلومات مؤكّدة وموثّقة ذات قيمة للجهات المعنيّة، ضمن إطار المسؤوليّة الوطنيّة؛ ونؤكّد في هذا المقام أن لا حصانة لفاسد، ولا اغتيال للشخصيّة.
وفي جانب سيادة القانون، تؤكّد الحكومة التزامها بمضامين الورقة النقاشيّة الملكيّة السادسة، التي من شأنها تكريس مفهوم سيادة القانون كأساس للدّولة المدنيّة؛ كما تلتزم الحكومة بدعم واحترام استقلال القضاء، وتوفير بيئة مؤسسيّة وعصريّة للجهاز القضائيّ وأجهزته المساندة، تكريساً لمفهوم العدالة الناجِزة، بالإضافة إلى الاستمرار في تحديث وتطوير التّشريعات، وتحسين الإجراءات الإداريّة في المحاكم، وتطوير البُنى التحتيّة فيها.
ثانياً: معالجة الفقر والبطالة وتكريس المساواة في الوصول إلى الفرص: ندركُ جميعاً أنّ الفقر والبطالة متّصلان إلى حدٍّ كبير، ويرتبطان بقدرة الاقتصاد الوطني على إيجاد فرص عمل؛ وهنا تلتزم الحكومة بتنفيذ مخرجات الاستراتيجيّة الوطنيّة لتنمية الموارد البشريّة، وإطلاق برامجَ تؤهِّل المتعطّلين عن العمل، خصوصاً من فئة الشباب، وبناء ثقافة المبادرة والاعتماد على الذات لديهم، ليصبحوا شركاء فاعلين في التنمية. (مؤشِّرات واضحةً حول عدد فرص العمل المستحدثة للأردنيين).
كما تلتزم الحكومة بتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي لتشمل عدداً أكبر من الأُسَر المستحقّة، ضمن أسس تحقّق العدالة الاجتماعيّة، والوقوف على مدى نجاعة برامج الحماية الاجتماعيّة في الوصول إلى الفئات الأشدِّ فقراً، وتمكين الأُسر من خلال دعم إقامة مشاريع صغيرة مدرّة للدخل، بالإضافة إلى تفعيل دور الزكاة في الحماية الاجتماعيّة، وإيجاد فرص عمل، وتوزيع العبء الضريبي بعيداً عن الفئات الفقيرة والمهمّشة.
ثالثاً: تشجيع الاستثمار المحلي والخارجي وضبط كلف الإنتاج: سعادة الرّئيس السيّدات والسّادة النوّاب إنّ الحكومة تدرك تماماً أنّ الحلّ الجذريّ لتحدّيات الأردنّ الماليّة يكمن في تحفيز النموّ الاقتصادي، ويتطلّب ذلك الشراكة مع القطاع الخاصّ، وتذليل العقبات التي تحول دون تدفّق الاستثمار، أو التي تهدّد الاستثمارات القائمة، لذا ستعمل الحكومة على تطوير عمل دوائر الاستثمار لتصبح دوائر خدماتيّة تخدم المستثمرين، بما يحدّ من الإجراءات البيروقراطيّة العقيمة، ويعالج البطء في تقديم الخدمات للمستثمرين والمراجعين والقطاع الخاصّ، ويضمن سهولة ممارسة أنشطة الأعمال وبحسب المعايير التي تتطلّبها مؤشّرات قياس أنشطة الأعمال العالميّة.
كما ستواصل الحكومة الترويج للفرص الاستثماريّة في المحافظات، من خلال مشروع الخارطة الاستثماريّة، وبالشراكة مع المجالس البلديّة واللامركزيّة، مع زيادة حصّة المشاريع الرياديّة الخضراء، على أن يُصار إلى ربط الحوافز بإقامة المشروعات الاستثماريّة في المحافظات والمناطق النائية، ومقدار مساهمة تلك المشروعات في توفير فرص عمل للشباب، بالإضافة إلى دعم ثقافة ريادة الأعمال، والابتكار، والإنتاج المحلّي، والتّصدير، وتطوير اتفاقيّات قواعد المنشأ. (مؤشر التغير في حجم الاستثمار المحلي والكلي وتغيُّر نسبة الصادرات).
ولا شكّ أنّ هناك قطاعاتٍ كالزّراعة، والسّياحة، والسّياحة العلاجيّة، والإنشاءات، والخدمات الصحيّة، وتقنيّة المعلومات، وخدمات الأعمال، والصناعات التحويليّة تشكِّل جميعها رافعةً للاقتصاد الوطنيِّ ولا بدّ من إيلائها الاهتمام الذي تستحقّ، وإزالة العقبات التي تعيق تطوّرها، ومراجعة تكلفتها، وفتح أبواب التّصدير أمامها.
ففي قطاع السّياحة والسّياحة العلاجيّة ستعمل الحكومة على تنفيذ العديد من البرامج والمشروعات التي تهدف إلى زيادة مساهمة الدخل السياحي في الناتج المحلّي الإجمالي، وتعزيز حضور المملكة على خارطة السياحة الإقليميّة والعالميّة، استناداً إلى المقوّمات التي تتوافر لدينا في هذا المجال، (مؤشِّر زيادة نسبة مساهمة الدخل السياحي في الناتج المحلّي الإجمالي).
وفي الزراعة، تدرك الحكومة المعاناة التي تواجه هذا القطاع نتيجة الأوضاع الإقليميّة، وما رافقها من إغلاقات الحدود، ومحدوديّة الأسواق التصديريّة، حيث يشعر المزارعون أنّهم لا يعطَون الاهتمام الكافي، وهنا تتعهّد الحكومة بأن تولي هذا القطاع الأهميّة التي يستحقّها، مع وضع خطّة عمل شاملة ترتبط بمؤشّراتٍ لقياس الأداء، ضمن كلف ماليّة واقعيّة تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع الزراعي في دعم الاقتصاد الوطني.
إنّ تحقيق النموّ يتطلّب أيضاً ضبط كلف التشغيل؛ ولأنّ قطاع الطاقة كان خلال السنوات الماضية المؤثّر الأكثر أهميّة في كلف الإنتاج، وزيادة الأعباء الاقتصاديّة، وارتفاع حجم المديونيّة إلى حدود غير مسبوقة، فإنّ الحكومةَ ومن منطلقِ مسؤوليَّاتِها الوطنيّة، وحرصها على أمن التزوّد بالطّاقة، والحفاظ على ديمومته، فإنّها ستقوم بمراجعة الاستراتيجيّة الوطنيّة للطاقة، بهدف الاستمرار بتنويع مصادرها وتعزيز الاعتماد على مصادر الطّاقة المنتجة من مصادر محليّة. (مؤشّر زيادة التنوّع في مصادر الطاقة).
رابعاً: الإصلاح السياسي: لقد وجّه جلالة الملك في كتاب التكليف السامي إلى مواصلة مسيرة الإصلاح السياسي، والبناء على ما تمّ إنجازه خلال الأعوام السابقة، وإعادة النظر في التشريعات الناظمة للحياة السياسيّة، وتعزيز دور الأحزاب، ودعم مجالس المحافظات والمجالس البلديّة وتمكينها من القيام بواجباتها في خدمة الوطن والمواطن.
ومن هنا، تتعهّد الحكومة بفتح حوار جادٍّ وهادف نصل من خلاله إلى وضع خطّة تنفيذيّة لتطبيق النموذج الديمقراطي الأردني الذي حدّدته الأوراق النقاشيّة الملكيّة السبع، وصولاً إلى حكومات برلمانيّة، برامجيّة وحزبيّة، ترتقي بمسيرتنا الديمقراطيّة وتعزّزها، وتكرّس مبدأ دولة المؤسّسات وسيادة القانون، وتعزّز حضور المرأة والشّباب في العمل العام.
كما ستقوم الحكومة بإجراء تقييم شامل لتجربة اللامركزيّة، للوقوف على الإيجابيّات وتعزيزها، وتجاوز التحدّيات التي تواجه عمل مجالس المحافظات، ضمن إطار الأولويّات التنمويّة، وذلك بهدف تجويد التجربة، وضمان انعكاسها بشكل إيجابي على مستوى الخدمات المقدّمة للمواطنين، إلى جانب تعزيز أطر التواصل مع البلديّات ودعمها بما يعزّز كفاءة الخدمات التي تقدّمها.
ولا يستقيم الإصلاحُ السياسيُّ دون تفعيل دور الإعلام كسلطة رابعة، لذا فإنّ الحكومة عازمة على الارتقاء بمستوى أداء مؤسّسات الإعلام الرسمي، والانتقال بها من مفهوم "إعلام الحكومة" إلى مفهوم "إعلام الدولة"، بما يعزّز دورها في خدمة الوطن والمواطن، والرقابة على أداء المؤسّسات، بكلّ مهنيّة وموضوعيّة. (تغيّر النظرة للإعلام الرسمي والثقة بمؤسّساته) كما تلتزم الحكومة بتهيئة المناخ الملائم للحريّات الإعلاميّة، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بقيم الحريّة المسؤولة، واحترام الرأي والرأي الآخر، والابتعاد عن الإساءة والتشهير، واحترام الحقّ في الحصول على المعلومات، وما يقتضيه ذلك من إجراء التعديلات الضروريّة على التشريعات الناظمة لقطاع الإعلام، وتدفّق المعلومات، بما يعزّز دور وسائل الإعلام في حماية المجتمع، وتعزيز مستوى الوعي والثقافة لدى الأفراد، وتكريس قيم المحبّة والتسامح، وترسيخ صورة الأردنّ كحاضنة للثّقافة والفنّ والإبداع.
وانطلاقاً من التزام الحكومة بمبادئ حقوق الإنسان، فإنّها ستستمرّ بتنفيذ الخطّة الوطنيّة لحقوق الإنسان، وستقوم بإجراء مراجعات دوريّة للتقارير المتعلّقة بمنظومة حقوق الإنسان، لضمان معالجة أيّ اختلالات إن وُجدت. (تحسّن مرتبة الأردن إقليميّاً وعالميّاً في مجال حقوق الإنسان) خامساً: الإصلاح المالي: تدرك الحكومة أن لا نموّ اقتصاديّاً، ولا فرص عمل، ولا خدمات مستدامة دون استقرار الاقتصاد الكلّي، واستقرار الاقتصاد الكلّي يتطلّب إصلاحاً ماليّاً جذريّاً في جانب الإيرادات والنفقات لضبط العجز في الموازنة وتراكم المديونيّة، والتزاماً من الحكومة بمضامين كتاب التكليف السامي، أطلقت الحكومة حواراً شاملاً حول مشروع قانون ضريبة الدخل، و بمشاركة الأحزاب والنقابات ومختلف مؤسّسات المجتمع المدني والقطاع الخاصّ، وهو بمثابة "خطوة ومدخل للعبور نحو نهج اقتصاديٍّ واجتماعيٍّ جديد جوهره تحقيق النموّ والعدالة" كما جاء في كتاب التكليف السامي.
وبموازاة ذلك، ستعمل الحكومة على مراجعةٍ شاملةٍ للمنظومة الضريبيّة، لتبدأ بتحديد العبء الضريبي الكلّي، ونسبته من الناتج المحليِّ الإجماليِّ، وتوزيع هذا العبء على فئات المجتمع ومكوناته بعدالة، من خلال الضرائب المباشرة التي تحقّق التصاعديّة وقيم التكافل الاجتماعيّ، ومراجعة الضرائب غير المباشرة، وغير العادلة، التي يتحمّلها المواطن، والتي لا تأخذ مستواه المعيشي وقدراته الماليّة بعين الاعتبار.
كما ستقوم الحكومة بمراجعة كاملة لجانب النفقات في الموازنة بهدف ضبط حجمها الكلّي، والتّركيز على إعداد قانون الموازنة العامّة، من منطلق تحديد أولويّات الدولة، لا أولويّات كلّ وزارة على حدة، ومن ثمّ إجراء المناقلات اللازمة لتنفيذ الأولويّات الوطنيّة، المتمثّلة في مشاريع التّشغيل وتحسين الخدمات المقدّمة للمواطنين، حيث سيبدأ العمل بهذا الإجراء خلال الشهور الثلاثة المقبلة.
وتؤكّد الحكومة استمرارها بمواصلة هذه الإصلاحات الماليّة، والمضي ببلورة برنامج وطنيٍّ للإصلاح الماليّ والاقتصاديّ، على المدى القريب والمتوسط والطويل، مع التأكيد على أنّ هذا التوجّه هو مصلحة وطنية أردنيّة عُليا قبل أن يكون مطلباً للجهات المانحة، وصولاً إلى تحقيق المؤشّرات التي تضمن الاستقرار المالي والاقتصادي.
سادساً: الإصلاح الإداري: تدرك الحكومة أن الإصلاح الاداري يتطلب أولاً: تعزيز الولاية العامّة للوزير على الشؤون المخوَّلة إليه، لذا ينبغي إجراء دراسة موضوعيّة لهيكلة الوزارات والمؤسّسات الرسميّة والدوائر الحكوميّة، بهدف ترشيقها ورفع كفاءتها، وإعطاء الوزير الصلاحيّات اللازمة لإدارتها؛ وعندها سيتمكن مجلسكم الكريم من مراقبة أداء الوزراء، ومساءلتهم، دون مبررات تتعلّق بعدم معرفته بأعمال هيئات ودوائر أخرى في القطاع الموكل إليه.
وستقع على عاتق كلّ وزير مسؤوليّة تحسين بيئة العمل، وتدريب الموظفين، وإعادة هندسة الإجراءات وتبسيطها، واتخاذ الاجراءات الكفيلة بوقف الهدر في الإنفاق؛ حتى يشعر المواطن أنّ الموظف العام يعمل بصدقٍ وجدّ من أجل خدمته، ويكون في الوقت ذاته عرضة للمساءلة والمحاسبة في حال التقصير، والثواب والمكافأة في حال الأداء المتميّز.
واسمحوا لي عند الحديث عن محور الإصلاح الإداري أن أشير إلى هيكلة قوّاتنا المسلّحة الباسلة – الجيش العربي، التي شكّلت أنموذجاً يحتذى به في تحقيق رؤى جلالة القائد الأعلى، وتغليب مصلحة الوطن على ما دونها؛ فهذه المؤسّسة الوطنيّة الرائدة تسير في الاتجاه الصحيح لاستكمال هيكلتها تدريجيّاً، بما يضمن لها تعزيز قدراتها وكفاءتها في مواجهة التحدّيات الحاليّة والمستقبليّة.
وستواصل الحكومة العمل على إنجاز العديد من الخدمات الإلكترونيّة الحكوميّة، وتحسين نوعيّتها، بما يسهم في توسيع قاعدة الاعتماد على الوسائل التقنيّة الحديثة، وتوفير الوقت والجهد والتكاليف، والتخلّص من بعض الإجراءات البيروقراطيّة العقيمة في عمليّة تقديم الخدمات للمواطنين، وصولاً إلى تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونيّة بشكل تدريجي. (التوسّع في عدد الخدمات الإلكترونيّة التي يتمّ إطلاقها لتقديم الخدمة للمواطنين).
سابعاً: رفع مستوى الخدمات الرئيسة من تعليم وصحّة ونقل ومياه سعادة الرّئيس السيّدات والسّادة النوّاب في قطاع التربية والتعليم، ستسعى الحكومة إلى توفير بديل حقيقي، يخدم الطبقتين الوسطى ومحدودة الدخل، وذلك من خلال توفير بيئة مدرسيّة آمنة ومعلِّم محَفَّز، وتعليم نوعيٍّ يواكب التطوّر التقنيّ وثورة المعلومات، بحيث يتمّ الانتقال من مرحلة التعليم إلى التعلُّم، فيكون الطالب محور هذه العمليّة، من خلال تركيزه على اكتساب مهارات التفكير الناقد، وحلّ المشكلات، والابتعاد عن أسلوب التلقين؛ ويتطلّب ذلك تطوير منظومة متكاملة تشمل البيئة المدرسيّة، والطالب، والمعلّم، والمنهج؛ وفق الاستراتيجيّة الوطنيّة لتنمية الموارد البشرية، بالإضافة إلى التوسّع في التعليم المهني. (مؤشر نسبة الالتحاق برياض الأطفال، ونظام تصنيف المدارس، ونظام المسار المهني للمعلم، نتائج الأردن في الاختبارات العالميّة مثل: PISA, TIMMS).
أمّا في قطاع التعليم العالي، فستسعى الحكومة إلى الانتقال نحو إدخال التقنيّات الحديثة في التعليم، واعتماد منصّات التعليم المفتوحة، كما تهدف إلى الانتقال من دعم البحث العلمي التقليدي إلى دعم البحث والتطوير والابتكار، من خلال إنشاء الحاضنات التقنيّة ومسرّعات الأعمال. (مؤشر نسبة المواد المحوسبة، وتصنيف الجامعات، وعدد الشركات الناشئة).
وفي مجال الرعاية الصحيّة، تسعى الحكومة إلى الانتقال من حالة التأمين الصحّي المشتّت ومتعدّد الأطراف، ومتباين المنافع والمساهمات، إلى وضع نظام تأمين صحّي يتّسم بالعدالة، ويرتبط بحجم المساهمة، وصولاً إلى تحقيق مبدأ التكافل، لنضمن عدالة توزيع الخدمات الصحيّة، وردم الهوّة بين أنواع الرعاية التي يتلقّاها المواطنون بناء على وضعهم الاقتصادي أو الوظيفي أو الجغرافي، ويترافق مع ذلك التوسّع في توفير الاختصاص من خلال زيادة الابتعاث الداخلي والخارجي للارتقاء بمستوى وكفاءة الكوادر الصحيّة.
وستعمل الحكومة أيضاً على تزويد المستشفيات والمراكز الصحيّة، حسب معايير محدّدة، بالأجهزة والمعدّات الضروريّة والأَسِرّة لأداء مهامّها. (المؤشرات: نسبة الحاصلين على تأمين صحي، نسبة تغطية تكاليف العلاج، نسبة الإشغال، عدد الكوادر الصحيّة المبتعثة داخليّاً وخارجيّاً) وفي قطاع النقل، ستسعى الحكومة إلى تطوير نظام كفؤ للنقل العام، ننتقل فيه من حالة الفوضى والعشوائيّة إلى مرحلة نتمكّن فيها من توفير بيئة ملائمة تسهم في تخفيف الأعباء المروريّة، وتقديم خدمات النقل للأفراد بصورة جيّدة، توفّر لهم سبل الراحة، وترقى إلى مستوى الطموح، وتراعي معايير المحافظة على البيئة. كما ستستمرّ الحكومة بتنفيذ المشروعات الكبرى في مجال النقل، كاستكمال مشروع الطريق الصحراوي، والمباشرة بطرح عطاءات مشاريع الباص منتظم التردّد بين عمّان والزرقاء ، وسكّة حديد العقبة، وميناء معان البرّي ، وغيرها من المشروعات ذات الأولويّة.
أمّا قطاع المياه، فستواصل الحكومة برامجها لتحقيق الأمن المائي، وحماية مصادر المياه من الاعتداءات، وإحكام السيطرة عليها، وتحقيق العدالة في التوزيع من خلال تحسين عمليّة تزويد المياه للمناطق التي تعاني مشكلات في هذا الجانب.
ثامناً: الالتزام بالأمن الوطني وثوابتنا الوطنية ودعم قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية.
سعادة الرّئيس السيّدات والسّادة النوّاب نؤمن في الأردنّ بأنَّ جوهر الصراع في المنطقة هو القضيّة الفلسطينيّة، وأنّ المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار دون إيجاد الحلّ العادل والشامل لهذه القضية، يكفل حقّ الأشقّاء الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلّة، القابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقيّة، طبقاً لقرارات الشرعيّة الدوليّة، ومبدأ حلّ الدولتين؛ وفي هذا الصدد، فإنّ الحكومة ملتزمة بمواصلة خطواتها السياسيّة والدبلوماسيّة والقانونيّة، وتعزيز جهود السياسة الخارجيّة التي يقودها جلالة الملك، من أجل دعم القضيّة الفلسطينيّة، ورفع الظلم، وإحقاق العدالة للشعب الفلسطينيّ الشقيق.
كما تؤكّد الحكومة موقف الأردنّ الثابت والراسخ تجاه القدس الشريف، ورفض جميع القرارات والإجراءات الأحاديّة التي تستهدف عروبة المدينة وقدسيّتها؛ فالقدس مدينة محتلّة بموجب قرارات الشرعيّة الدوليّة وأحكام القانون الدولي، وأيّ عبث أو مساس بالوضع القائم فيها يعني استفزازاً لمشاعر المسلمين والمسيحيين في جميع أنحاء العالم.
وستواصل الحكومة أيضاً جهودها لحماية المسجد الأقصى المبارك، والمقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس، بموجب الوصاية الهاشميّة التاريخيّة، ووفقاً لرؤية مولاي صاحب الجلالة، التي تؤكّد دوماً أنّ المسجد الأقصى المبارك كاملاً، وقفٌ للمسلمين وحدهم، لا يقبل التّقسيم، ولا الشراكة، ولا التفاوض.
كما وتؤكّد الحكومة أيضاً استمرار السياسة الخارجيّة الأردنيّة على ذات النهج والوتيرة، الملتزمة بثوابت الدّولة الوطنيّة والإنسانيّة والقوميّة، والتي ندعم من خلالها جميع القضايا العادلة، والحقوق المشروعة، ونسعى من خلالها إلى إشاعة الأمن والاستقرار والسلم في العالم أجمع.
سعادة الرّئيس السيّدات والسّادة النوّاب لقد بذلت قوّاتنا المسلّحة الباسلة – الجيش العربيّ، ومختلف أجهزتنا الأمنيّة، جهوداً مضنية خلال السنوات الماضية، من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، في ظلّ التحدّيات الإقليميّة المحيطة، حتّى غدت أنموذجاً في الانضباط والاحترافيّة يُشار له بالبنان؛ ومع استمرار التحدّيات من حولنا، فإنّ الحكومة تلتزم بتوفير كامل الدعم والرعاية لمؤسّساتنا العسكريّة والأمنيّة، لتبقى في أعلى مستويات الجاهزيّة والاستعداد، لضمان أمن الوطن واستقراره وسلامة أبنائه والمقيمين على أرضه.
وفي هذا المقام، نستذكر بكلّ فخر، قوافل شهدائنا الأبرار، الذين ارتقوا إلى علّيين، ونالوا شرف الشّهادة، دفاعاً عن حياض الوطن والأمّة، ونوجّه التحيّة لجميع نشامى قوّاتنا المسلّحة، وأجهزتنا الأمنيّة، عاملين ومتقاعدين، على عطائهم الكبير، وتضحياتهم في ميادين الشّرف والبطولة، التي ستبقى خالدة في ذاكرة الوطن والإنسان.
واسمحوا لي أيضاً، أن أتوجّه بوافر الشكر وعظيم الامتنان، إلى أبناء الوطن، الذين جسّدوا قيم الانتماء الحقيقي طوال الفترة الماضية، وتحمّلوا الصّعاب والأعباء والظروف، وكانوا العون والسّند لقوّاتنا المسلّحة وأجهزتنا الأمنيّة في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره؛ والتحيّة موصولة أيضاً إلى أبناء الوطن المغتربين، سفراء الأردنّ الذين يحملون في أفئدتهم حبّ الوطن، ولا يدّخرون سبيلاً من أجل خدمته.
كما أوجّه الشكر الجزيل إلى جميع الدّول الشقيقة والصديقة التي وقفت إلى جانب الأردنّ الذي تحمّل أعباءً كبيرة جرّاء الظروف المحيطة، واستقباله مئات الآلاف من اللاجئين خلال السنوات الماضية.
سعادة الرّئيس السيّدات والسّادة النوّاب تتعهّد الحكومة خلال مائة يوم من تشكيلها بإنجاز المهامّ الآتية: 1- تخفيض النفقات بواقع (151) مليون دينار، وذلك من قبيل مساهمة الحكومة في تحمّل الأعباء الاقتصاديّة، من خلال ضبط النفقات العامة وترشيدها.
2- إطلاق حوار حول مشروع قانون ضريبة الدخل.
3- تشكيل لجنة فنيّة لدراسة العبء الضريبي الكلّي، لغايات إجراء مراجعة شاملة للمنظومة الضريبيّة، تحقيقاً للعدالة.
4- الإعلان عن آليّة تسعير المشتقّات النفطيّة ومكوّناتها، ونشرها بكلّ شفافيّة ووضوح.
5- دراسة تعديلات نظام الخدمة المدنيّة، وتقديم مقترحات وتوصيات تسهم في تحقيق أهداف تنمية الموارد البشريّة وتفعيل أداء القطاع العام وقياس أداء الموظفين.
6- وضع آليّة محدّدة لمعالجة مرضى السرطان، تتجاوز الإجراءات البيروقراطيّة، وتسرّع عمليّة البدء بتلقّي العلاج، وقد تمّ إقرار هذه الآليّة والإعلان عنها.
7- مراجعة البند المتعلّق بتقاعد الوزراء في قانون التقاعد المدني، والعودة إلى العمل بقرار تخفيض رواتب الوزراء بنسبة (10%).
8- البدء بدراسة شاملة لضمّ عدد من الوزارات والدوائر والهيئات المستقلّة، بهدف ترشيق الأداء، وضبط الإنفاق.
9- إقرار نظام المدارس الخاصّة بهدف وضع ضوابط على ارتفاع الرسوم والأقساط المدرسية الخاصة، وإيجاد تصنيف وطني لها، وحماية حقوق المعلّمين من خلال الدفع الإلكتروني للرواتب.
10- إطلاق منصّة إلكترونيّة حكوميّة لفتح المجال أمام المواطنين للتواصل مع الحكومة والتعبير عن آرائهم وأفكارهم وقضاياهم، والتفاعل معها.
11- إقرار مدوّنتيّ سلوك لعمل الوزراء والموظّفين الحكوميين، تضمنان حُسن الأداء والحرص على الصالح العام.
12- متابعة إحالة ملفّات الفساد التي أعدّتها هيئة النزاهة ومكافحة الفساد إلى النيابة العامّة، وإعادة تقييم التشريعات المتعلّقة بمنظومة النزاهة والشفافيّة، بحيث تشمل قانون الكسب غير المشروع، وقانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وقانون ديوان المحاسبة، وقانون حقّ الحصول على المعلومات.
13- تقديم خطّة واضحة، تتضمّن جدولاً زمنيّاً محدّداً، لتحسين الخدمات المقدّمة في قطاعات الصحّة والتعليم والنقل والمياه.
14- الاستمرار في تنفيذ الاستراتيجيّة الوطنيّة لتنمية الموارد البشريّة، ووضع جدول زمنيٍّ محدّد لإجراءات التنفيذ ينشر بشكل واضح للرأي العام.
15- الإسراع في تفعيل الشّراكة بين القطاعين العام والخاص، لتنفيذ العديد من المشاريع، وهذا يتطلّب سرعة إنجاز دراسات الجدوى الاقتصاديّة لهذه المشاريع، وعرضها على الراغبين في الاستثمار بصورة شفّافة.
16- تخفيض نسبة الضريبة الخاصّة على مركبات الهايبرد، والضريبة الخاصّة على الوزن على جميع أنواع المركبات.
وقد أنجزت الحكومة بالفعل بعضاً من هذه المهام، وفاءً بالتعهّدات التي قطعتها منذ اليوم الأوّل لتشكيلها.
كما تتعهّد الحكومة، في حال حازت ثقة مجلسكم الكريم، بوضع خطط تفصيليّة تترجم جميع ما ورد في بيانها الوزاري، وفق سقوف زمنيّة محدّدة، ومؤشّرات قياس واضحة، يتمّ إطلاع مجلسكم الكريم عليها، ليتمكّن من أداء دوره الرقابي على أعمال الحكومة، وفق الأصول الدستوريّة.
سعادة الرّئيس السيّدات والسّادة النوّاب ختاماً، إنّ الأردنّ العزيز يستحقّ منّا كلّ جهدٍ مخلص، والأردنيّون الشرفاء ينتظرون منّا كلّ عطاء صادق، وسنضع نصب أعيننا على الدّوام، أنّ المسؤوليّة تكليفٌ لا تشريف، وأنّ خدمة الوطن والمواطنين شرفٌ لا يضاهيه شرف.
وفي هذا المقام، أستذكر قول ابن خلدون رحمه الله في مقدّمته: "المُلكُ بالجُندِ، والجُندُ بالمالِ، والمالُ بالخَراجِ، والخراجُ بالعمارةِ، والعمارةُ بالعدلِ"؛ وإذا ما أردنا ترجمة هذه المقولة اليوم، فإنّنا نقول: "إنّ مناعة الدّولة تتأتّى من قدرتها على حماية كيانها ومصالحها، وحماية كيانها ومصالحها تتأتّى من قواها الذاتيّة، وقواها الذاتيّة تتأتّى من قوّتها الاقتصاديّة، وقوّتها الاقتصاديّة تتأتّى من دولة القانون والمؤسّسات والعدالة الاجتماعيّة"، وبهذا فإنّ المعادلة لم تتغيّر كثيراً بين يومنا واليوم الذي قال فيه ابن خلدون مقولته الشهيرة، لذا فإنّنا سنسعى جاهدين لجعل هذه المقولة حقيقة قابلة للتطبيق.
وإذ أقفُ أمامَكم طالباً ثقةَ مجلسِكم الكريم، برفقةِ زملائي أعضاء مجلس الوزراء، فإنني أوّكد لكم أنّ الحكومة حريصة كلّ الحرص على أداء واجبها المقدّس بكلّ تفانٍ وإخلاص، وبمنتهى التعاون والتشارك مع مجلسكم الكريم، لنرسم معاً، وعلى مشارف مئويّة الدّولة، نهجاً جديداً، نحو نهضة وطنيّة شاملة.
حمى الله الأردنّ العزيز، وأمنه واستقراره، وأنعم على قيادته وأبنائه بالسكينة والخير.
البيان الوزاري لحكومة الدكتور هاني الملقي امام مجلس النواب الثامن عشر
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين،
ونصلّي ونسلّم على أشرف الخلق سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين،
وبعد..
قال تعالى: "وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" (المؤمنون الآية51) صدق الله العظيم
السيّد رئيس مجلس النواب السيّدات والسادة الذوات أعضاء مجلس النوّاب الثامن عشر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
قد شرّفني مولايَ صاحبُ الجلالة الهاشميّة، الملكُ عبدُ الله الثاني ابنُ الحسين المعظّم حفظه اللهُ ورعاه بتشكيلِ الحكومة، وحملِ أمانةِ المسؤوليّة، خدمةً لوطنِنا العزيز وأبناءِ شعبِنا الأبيّ، في ظلِّ مرحلةٍ مليئةٍ بالتحدّيات، تتطلّبُ منّا العملَ بجدٍّ ومثابرةٍ وحزمٍ من أجلِ رفعةِ الأردنّ، والذودِ عن حماه، ومواصلةَ مسيرةِ البناءِ والعطاءِ والإنجازِ. وانصياعاً لاستحقاقِنا الدستوريِّ ومبادئنا الديمقراطيّة، فإنّني أقفُ في هذا المقامِ المهيب، لأقدّمَ بيانَ حكومتي لطلبِ الثقةِ من مجلسِكم الكريم، مُسترشدينَ بكتابِ التكليفِ السامي، الذي نستنيرُ بهِ لتنفيذِ ما كلّفنا صاحبُ الجلالةِ من مسؤوليّاتٍ وطنيّةٍ، وأولويّاتٍ استراتيجيّة، في ظلّ تحدّياتٍ جسيمةٍ اعتدنا كأردنيينَ، وعلى مرّ الزمن، أن نحوّلَها إلى فرصٍ للإنجاز، بهمّةِ قيادتِنا الحكيمةِ الشُّجاعة، وعزيمةِ أبناءِ شعبِنا العزيزِ ووعيِهم السديد، وبالشراكةِ والتكاملِ بين مؤسّساتِ الدولةِ الأردنيّةِ وسُلطاتِها الدستوريّة.
إنّ الحكومةَ تتشرّفُ أن تحملَ إليكم برنامجاً شاملاً لمواجهةِ التحدّياتِ الداخليّةِ والخارجيّة، يسعى إلى ترسيخِ الأمنِ والاستقرار، وتعزيزِ مسيرتِنا الديمقراطيّةِ وإصلاحِنا السياسيِّ المأمول، وتحقيقِ التقدّمِ الاقتصاديِّ المنشود، على أسسٍ من العدالةِ والنزاهةِ والشفافيّة، مستندينَ إلى المصلحةِ الوطنيّةِ العُليا كمحدّدٍ رئيس لكلّ السّياساتِ والقراراتِ التي نتّخِذُها، بالشراكةِ والتعاونِ مع مجلسِكم الكريم، وعلى قاعدةِ المسؤوليّةِ الوطنيّة، ونهجِ المكاشفةِ والمصارحةِ والتفهّمِ، بهدف تأطيرِ التوقعاتِ الوطنيّةِ ضمنَ حدودِ المعقولِ والممكن، وبما يُحقّق أمرَ جلالةِ الملكِ بأن نكونَ جميعاً خُدّاماً للمواطن، فخورينَ بهذا الوصفِ أكثرَ من أيِّ وصفٍ آخرَ لأعمالِنا. وبرنامجُ الحكومةِ يرتكزُ بشكلٍ أساسيٍّ على مراكمةِ الإنجازِ، والبناءِ على ما تحقّق، والاستفادةِ من كلّ الخططِ والاستراتيجيّاتِ التي تمّ وضعُها في السابق، ومراجعتِها بما يحسِّنُ مستوى الأداء، ويزيدُ حجمَ العطاء؛ فالمرحلةُ المقبلةُ هي مرحلةُ العملِ والإنجازِ والتنفيذ، وليست مخصّصةً لوضعِ المزيدِ من الخطط ِ والاستراتيجيّاتِ التي لدينا ما يكفي منها في مختلفِ القطاعات.
أوّلاً: مجالُ الإصلاحِ السياسي
لقد تعهّدت الحكومةُ في ردّها على كتابِ التكليفِ السامي بأن يكونَ التعاونُ الكاملُ مع مجلسِ الأمّةِ بشقيه: الأعيانِ والنوّابِ، منهجَ عملِها الدائمَ والثابت، والأساسَ في جميعِ السياساتِ التي ننتهجُها، كي نواصلَ مسيرةَ الإنجازِ الوطني؛ فالحكومةُ ستجسّدُ هذه الشراكةَ والتكامليّةَ واقعاً، من خلالِ حواراتِنا الدائمةِ ونقاشاتِنا المستمرّةِ التي تهدفُ أوّلاً وقبلَ كلّ شيء إلى تحقيقِ مصلحةِ الوطنِ والمواطنين، وتسعى لكي يتفهّم كلٌّ منّا مسوّغاتِ القرارات، ولا يتمترسَ خلفَ سياساتِه، فهدفُنا واحدٌ هو خدمة الأردنّ وشعبِه ومليكِه، ويبقى علينا أن نتوافقَ على الطرقِ الفُضلى للوصولِ إلى هذا الهدف.
وستتخذُ الحكومةُ من الأوراقِ النقاشيّةِ الملكيّةِ الستّةِ نهجاً لتجذيرِ عمليّةِ الإصلاحِ الشامل، وتطويرِ مسيرتِنا الديمقراطيّةِ، بما يعزّزُ دورَ المواطنِ في صُنعِ القرار، كونهُ شريكاً أساسيّاً في عمليّةِ البناءِ والنماءِ الوطني. إنّ طرحَ أوراقٍ للنقاشِ من لدن مولايَ صاحبِ الجلالةِ المعظَّم يُعَدُّ قيمةً أردنيّةً عميقةً بحدِّ ذاتها، فهي تؤشّرُ إلى نهجِ الحكمِ الهاشميِّ التاريخيِّ الراشد، وتؤكِّدُ احترامَ القيادةِ الهاشميّةِ للوعيِ الجمعيِّ الوطنيّ، وتوجيهَهُ بما يتلاءمُ وطموحاتِ الأردنّ، وينسجمُ مع تاريخهِ الكبيرِ المُشرِقِ والمشرِّف؛ والمطلوبُ من جميعِ الأفرادِ والمؤسّساتِ ترجمةُ هذه المضامينَ على أرضِ الواقع، لتسهمَ في تحقيقِ التقدّمِ والنماءِ المنشود، وتدفعَ مسيرةَ الإصلاحِ الشاملِ نحوَ الأمام في مختلفِ المجالات.
وفي إطارِ التفاعلِ مع الأوراقِ النقاشيّةِ الملكيّة، واستثمارِ القيمِ العميقةِ والثريّةِ الواردةِ بها، عملت الحكومةُ، وبعد نقاشٍ مستفيضٍ، على إقرارِ محاورَ وحزمٍ تنفيذيّةٍ وخطّةِ عملٍ لتنفيذِ مضامين الورقةِ النقاشيّةِ السادسةِ التي تتمحورُ حولَ سيادةِ القانونِ كأساسٍ للدولةِ المدنيّة، بما يرقى لمستوى تطبيقِ القيمِ الواردةِ في الأوراقِ النقاشيّة، مع إيمانِنا المطلقِ بالحقّ الرقابيِّ والتشريعيِّ لمجلسِ الأمّةِ وفقَ ما تنصُّ عليهِ مبادؤنا الدستوريّة.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب المحترمين
لقد كانت الانتخاباتُ النيابيّةُ الأخيرةُ تجسيداً حقيقيّاً لنهجِنا الديمقراطيّ، وثمرةً من ثمارِ مسيرةِ الإصلاحِ الوطنيِّ الشامل، ومحطّةَ التنفيذِ الأُولى بعد إقرارِ حزمةِ التشريعاتِ الناظمةِ لعمليّةِ الإصلاحِ السياسيّ، المتمثّلةِ بقوانين الأحزابِ والانتخابِ والبلديّاتِ واللامركزيّة، التي جاءت بعد تعديلاتٍ دستوريّةٍ إصلاحيّة.
وقد شكّلَت الانتخاباتُ مرحلةً جديدةً من مراحلِ البناءِ الوطنيِّ والعملِ البرلمانيِّ المؤسسيّ، في ظلّ قانونِ انتخابٍ جديد، اعتمدَ نظامَ القائمةِ النسبيّةِ المفتوحة. ومن دواعي الفخرِ والاعتزازِ أن نرى بلدَنا يبهى بإجراءِ انتخاباتِه النيابيّةِ في ظلِّ ظروفٍ إقليميّةٍ دامية، وتحدّياتٍ جسيمةٍ؛ فالأردنيون احتكموا إلى صناديقِ الاقتراعِ بكلِّ مسؤوليّة.
ومن دواعي الفخرِ أيضاً، أنّ الأردنَّ ورغم محدوديّةِ الموارد والإمكاناتِ بات موئلاً للمستضعَفين، وملاذاً للخائفين، يستقبلهم الأردنيّونَ بكلِّ كبرياءَ وشهامةٍ ورجولةٍ عزّ نظيرُها، يوفّرونَ لهم الأمنَ والطمأنينة، ويقاسمونهم لقمةَ عيشِهم؛ فلنا نحنُ الأردنيّينَ أن نفخرَ بصنيعِنا الإنسانيِّ النبيل، الذي عجزَ عن فعلِه العالمُ بأكمله. وإنّنا من هذا المنبرِ نقفُ وِقفةَ إجلالٍ وإكبارٍ أمام كلِّ جنديٍّ مرابطٍ شرّفَ الوطنَ بأدائِه المهيب، وكيفَ لا تكونُ المهابةُ للوطنِ وأوّلُ جنديٍّ من جنودِهِ ملكٌ شجاعٌ مغوار، أبهرَ العالمَ بحكمتِه، وقيادتِه، وإنسانيّتِه، وقوّةِ شكيمتِه، واستطاعَ أن يقودَ مركبَ الوطنِ نحوَ برِّ الأمانِ فيّ ظلِّ أمواجٍ عاتيةٍ اقتلعت كلَّ ما حولَها. وعلى طريقِ النجاحِ الذي تحقّقَ في الانتخاباتِ النيابيّةِ الأخيرة، فإنّ الحكومةَ ستنجزُ استحقاقَ الانتخاباتِ البلديّة، وانتخاباتِ مجالسِ المحافظاتِ في العامِ المُقبل. وفي هذا الصدد، أنجزَت الحكومةُ جميعَ الأنظمةِ المطلوبة، ووضعَت السياساتِ والأطرَ العامّةَ لتطبيقِ قانونِ اللامركزيّة وقانونِ البلديات؛ كي توفّرَ البنيةَ التشريعيّةَ التي تمكِّنُ الهيئةَ المستقلّةَ للانتخابِ من إعدادِ العُدّةِ لإجراءِ الانتخاباتِ البلديةِ ومجالسِ المحافظات، في آنٍ واحدٍ معاً، خلالَ صيفِ عام 2017م.
كما قامت الحكومةُ بتحديدِ الاحتياجاتِ والمتطلّباتِ الإداريّةِ والفنيّةِ واللوجستيّةِ والتقنيّة، والكُلَفِ الماليّةِ اللازمةِ لتطبيقِ اللامركزيّة. ولابدّ من الإشارةِ هُنا، إلى أنَّ الموازنةَ العامةَ ومؤشِّراتها لعام 2017م، ستبدأُ بتحديدِ المشروعاتِ التي ستنفَّذُ في المحافظاتِ كافّةً، سواءً أتمَّ استكمَالُها خلال عام 2017م أو في العام الذي يليه، علماً بأنّ إدارةَ المشروعاتِ ستؤولُ إلى المؤسّساتِ المحليّة، وستكونُ هذه الخطوةُ بدايةً لتحريرِ طرقِ الانفاق. أما في عام 2018م، فسيكونُ لكلِّ محافظةٍ موازنَتُها الخاصّة، ومشروعاتُها الرأسماليّة، ضمنَ مشروعِ قانونِ الموازنةِ العامّةِ للدولة، الذي سيناقِشُهُ مجلسُكُم الكريمُ خلالَ أسابيعَ من الآن، وتُحدَّدُ فيه المؤشّراتُ الرقميّةُ القابلةُ للقياس؛ وبذلكَ نكونُ قدْ قُمنا بتفصيلِ السياساتِ التي تضمّنها هذا البيانُ، والتي جرت تقاليدنا السياسيّة أن يتضمّنها. وعلى طريقِ الإصلاحِ السياسيّ أيضاً، فإننا نُذكِّرُ بأن الأوراقَ النقاشيّةَ الملكيّةَ حدّدت أساسيّاتِ تطبيقِ نهجِ الحكوماتِ البرلمانيّةِ بشكلِه الكامل، الذي يرتكزُ على تحفيزِ المواطنينَ للمشاركةِ في الحياةِ العامّة، وإقبالِهم على المشاركةِ في الأحزابِ السياسيّةِ التي تتبنّى منهجيّاتٍ واضحةً لتحقيقِ آمالِ الناسِ وتطلّعاتِهم.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ الإعلامَ هو ضميرُ المجتمعِ ومرآةُ الشعوبِ وعينُها، وصاحبُ دورٍ وطنيٍّ كبير، وهو الأكثرُ تأثيراً في وعيِ الأفرادِ والمجتمع؛ وقد زاد حجمُ هذا التأثيرِ في ظلِّ الانفتاحِ الكبيرِ والتطوّرِ التقنيِّ المذهلِ الذي أخرجَ إلى حيّزِ الوجودِ أنواعاً جديدةً من وسائلِ الإعلام، أسهمت في تسريعِ نقلِ المعلومةِ وسهولةِ تداولِها.
وقد سعت الحكومةُ إلى مواكبةِ هذا التطوّرِ، مستندةً إلى الثقةِ الكبيرةِ التي يحظى بها إعلامُنا الوطنيُّ، والتي ترسّخت في ظلِّ الأحداثِ الإقليميّةِ الأخيرةِ التي استطاعت من خلالِها وسائلُ إعلامِنا الوطنيّةُ، الرسميّةُ والخاصّةُ، أن تحافظَ على مهنيّتِها ومصداقيّتِها، وانحيازِها إلى قضايا الوطنِ والأمّة، فكانت تُعلي دائماً قيمةَ الدقّةِ على السرعةِ والسبقِ الصحفيّ؛ وفي هذا دلالةٌ تُسجَّلُ لمهنيّةِ إعلامِنا الوطنيّ، وانحيازِه الدائمِ لمصلحةِ الوطن، حتّى بات بالفعلِ عاملاً من عواملِ قوّةِ الدولةِ والمحافظةِ على أمنِها ومصالحِها وثوابتِها. ومن هنا، فإنّ الحكومةَ ملتزمةٌ بتعزيزِ المكانةِ المميّزةِ التي يحظى بها إعلامُنا الوطنيّ، مستندةً إلى الرؤيةِ الملكيّةِ السامية، التي تؤكّدُ أنّ رسالةَ الإعلامِ تقومُ على قاعدتَيْ الحريّةِ والمسؤوليّة، لتعكسَ واقعَ الرأيِ العام وحقيقتَه، وتعبِّرَ عن ضميرِه، وتدافعَ عن قضايا المواطنين، وتلبّي تطلّعاتِهم، وتكونَ عينَهم على القراراتِ وتطبيقِها.
كما ستلتزمُ الحكومةُ، وبالتعاونِ الوثيقِ مع إعلامِنا الوطنيّ، بتطبيقِ القوانين لضمانِ التزامِ وسائلِ الإعلامِ ومواقعِ التواصلِ الاجتماعي بالابتعادِ عن خطابِ الفتنةِ والكراهيةِ والتحريض، وبثِّ الشائعاتِ المغرضةِ التي مسّت بنية الكثيرِ من المجتمعاتِ، وساهمَتْ في تقويضِ أمنِها واستقرارِها.
ثانياً: المجال الاقتصادي
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنَّ واجبَ الدولةِ الأردنيّةِ الرئيسَ هو توفيرُ مجتمعٍ مستقرٍّ وآمنٍ للجميعِ، والعيشِ الكريمِ للمواطنينَ، وتحقيقُ نموٍّ اقتصاديٍّ وتقدُّمٍ اجتماعيٍّ وسياسيٍّ مبنيٍّ على مبادئِ الحريّة ِ والعدلِ والمساواةِ وحقوقِ الإنسانِ والانفتاحِ وتكافؤِ الفرصِ، ضمنَ تشريعاتٍ واضحةٍ وشفّافةٍ، وإدارةٍ حصيفةٍ وكفؤةٍ، وفي ظلِّ سيادةِ القانونِ. إنَّ المواطنَ هو هدفُ التنميةِ وأداتُها، وإنَّ الفقرَ والبطالةَ هاجِسُها وشُغلُها الشاغلُ، وإنَّ الخدماتِ الحكوميّةَ الأساسيّةَ الكفؤةَ والجيّدةَ تشكّلُ أداةً لتخفيفِ حدّةِ الفقرِ والبطالةِ عن كاهلِ مواطِنيها، وفتحِ المجالِ أمامَهُم للسعيِ نحو تحسينِ مستواهم المعيشي. ولمّا كانَ القطاعُ الخاصُّ المحرِّكَ الأساسيَّ للنموِّ، والموفِّرَ لفرصِ العملِ، فإنَّ نهجَ الشراكةِ والتشاورِ معه هو أحدُ أساساتِ النهجِ الاقتصاديِّ، والتشاركيّةَ أساسُ تحقيقِ التنميةِ والاستفادةِ من ثمارِها، كما إنّ المؤسّسيَّةَ لا الشخصنةَ هي عنوانُ التقدُّمِ. إنَّ الإصلاحَ عمليّةٌ مستمرَّةٌ في سبيلِ تحقيقِ رؤيةِ جلالةِ الملكِ المعظَّمِ وطموحاتِ المواطنينَ، ذلك من خلالِ إيجادِ بيئةٍ تمكِّنُ وتُحفِّزُ أبناءَ وبناتِ الوطنِ لإطلاقِ طاقاتِهِم وإبداعاتِهِم لتحقيقِ أقصى الطموح. إنّ الحكومةَ تدركُ تمامَ الإدراكِ أنّ التحديَ الاقتصاديَّ الذي نواجهُه هو الأعمقُ والأصعب، وقد اضطرّت الحكوماتُ المتعاقبةُ بسببهِ إلى اتخاذِ قراراتٍ صعبةٍ نتيجةَ الظروفِ التي مرّت بنا.
وقد بذل القائمونَ على الاقتصادِ الوطنيِّ جهوداً كبيرةً ليحققوا للأردنِّ نموّاً اقتصاديّاً مستمرّاً ومستداماً، في الوقت الذي تقاطَعَت فيه هذهِ الجهودُ مع تطوّراتٍ واضطراباتٍ إقليميّةٍ وعالميّةٍ أدّت إلى إحباطِ تلكَ المحاولات، أو تأجيلِ تنفيذِها لمواجهةِ ظروفٍ طارئة، ولعلّ أكثرَها حدّةً في الآونةِ الأخيرةِ اللجوءُ السوري والضغوطُ الأمنيّةُ التي أثّرَت على مؤشّراتِنا الاقتصاديّةِ والاجتماعيّةِ بنسبٍ لافتة. لقد شهدَ الأردنُّ، وكما تعلمونَ، منذ عام 1921م موجاتٍ من الهجرةِ واللجوءِ من الدولِ المجاورةِ طلباً للأمانِ والحياةِ الإنسانيّةِ الكريمة، ممّا اضطرّهُ إلى تغييرِ مسارِ خططِه وبرامجِه، وصارت المفاضلةُ بين تلبيةِ متطلّباتٍ مستعجلةٍ على المدى القصيرِ وبينَ تحقيقِ أهدافِ النموِّ والإنتاجِ للوصولِ إلى مرحلةِ الكفايةِ الذاتية، كلُّ ذلك أدّى إلى توقيعِ العديدِ من الاتفاقيّاتِ لإحداثِ التصحيحِ الاقتصاديِّ وإعادةِ الهيكلة، من أجلِ تمكينِنا من الحصولِ على المواردِ التي تعينُنا على مواجهةِ الأعباء. ومن أجل الخروجِ من هذهِ الحلقةِ المُفرغة، بات علينا أن نصنعَ لأنفسِنا برامجَ وخططاً نتمسّكُ بها حتى يصبحَ الاقتصادُ الوطنيُّ أكثرَ رسوخاً وأقلَّ حساسيّةً للهزّات التي تجري في المنطقةِ والعالم.
فإلى جانبِ الحروبِ والهجرات، فإن اقتصادَنا الوطنيَّ تأثّرَ بارتفاعِ أسعارِ المستورَداتِ الأساسيّةِ مثلِ مصادرِ الطاقة، وفي الوقتِ ذاتِه تأثّرَ بتراجُعِ العوائدِ الماليّةِ لصادراتِنا من الفوسفاتِ والبوتاس. لذا، فإن الحكومةَ عازمةٌ على أن تقومَ بالإصلاحِ المنسجمِ مع زيادةِ الاستثمارِ، وبتقليصِ نسبةِ إجمالي الدينِ العام إلى الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ الذي ارتفعَ من (70,7%) عام 2011م إلى (93,4%) عام 2015م، لتصبح (77%) في عام 2021م، ليس فقط عن طريقِ زيادةِ الإيراداتِ وتقليصِ النفقاتِ والهدرِ - على أهميّتِه - وإنّما عن طريقِ دعمِ النموِّ في الناتجِ المحلّيّ الإجمالي، ومحاربةِ التهرُّبِ الضريبي. وسيستمرُ البنكُ المركزيُّ الأردنيُّ في سياستِه الهادفةِ إلى الحفاظِ على الاستقرارِ النقديِّ في المملكةِ والمساهمةِ في تحقيقِ الاستقرارِ المالي، إضافةً إلى مساهمتِه في تشجيعِ النموِّ الاقتصاديِّ المطّرد؛ حيثُ استطاعَ المحافظةَ على مُستوىً مريحٍ من الاحتياطاتِ الأجنبيةِ التي تصلُ اليومَ إلى ما ينوفُ عن (13) مليار دولار، إضافةً إلى الاحتياطاتِ من الذهبِ وحقوقِ السحبِ الخاصّة.
وقد قامت الحكومةُ وعملاً بمنهجِ البناءِ التراكميّ للإنجازِ بتفعيلِ كلِّ الاستراتيجيّاتِ والرؤى والخططِ التي وُضعت من قبْل، وراجعَتْها بهدفِ الاستفادةِ من المقترحاتِ العمليّةِ الواردةِ فيها. ولعلَّ من أبرزِها وثيقةَ الأردنّ 2025م، واستراتيجيةَ التشغيلِ الوطني، والاستراتيجيّةَ الوطنيّةَ للموارد البشريّة، وبرنامجَ التصحيحِ الماليّ والهيكلي الموقَّعَ مع صندوقِ النقدِ الدولي، ومختلفَ الاستراتيجيّاتِ القطاعيّةِ الأخرى. وهنا تجدرُ الإشارةُ إلى أنّ الحكومةَ على قناعةٍ بأنّ الأردنَّ لديه ما يكفي من الاستراتيجيّات، لكنّ الضعفَ يكمنُ في حلَقةِ التنفيذ. ومن هُنا فإنّ الحكومةَ ستنتهجُ الأسلوبَ العمليَّ البعيدَ عن التنظير، ضمنَ قناعتِها الراسخةِ بأنّ الطموحَ مشروعٌ والتقدّمَ ضرورة، لكن لابدّ أن يكونَ ضمنَ إمكاناتِ المواردِ المتاحة لا أن يتحوّلَ لقائمةٍ من الأمنياتِ البعيدةِ عن الواقعِ والتي تحوِّل طموحاتِ المواطنينَ إلى إحباط. ولابدّ وأن أنوّه هنا، إلى الدورِ المتميّزِ الذي يقومُ به مجلسُ السياساتِ الاقتصاديّة، الذي يشرفُ عليه مولايَ صاحبُ الجلالة، والذي تتشكّلُ غالبيّةُ أعضائه من ممثلينَ عن القطاعِ الخاص بالإضافةِ إلى رؤساءِ اللجانِ الاقتصاديّةِ في مجلسَيْ الأعيان والنوّاب.
وقد تبنّت الحكومةُ توصياتِ المجلسِ بعدَ دراسةٍ مستفيضةٍ لها من قبلِ مجلسِ الوزراءِ، وستواصلُ الحكومةُ التعاونَ مع هذا المجلسِ بما يسهمُ في وضعِ الحلولِ لكلّ التحدّياتِ الاقتصاديّة. ووفقاً لهذه التوصيات، ستقومُ الحكومةُ خلال وقتٍ قريب بإنجازِ مشروعاتِ القوانين المقترحةِ لتطويرِ الاقتصاد الوطني، كقانونِ الشركات، وقانونِ ضريبة الدخل والمبيعات، وقانونِ الأوراق الماليّة، وقانونِ الإعسار المالي، وقانونِ الملكيّة العقاريّة، وقانونِ الأموال المنقولة، وغيرِها من منظومةِ التشريعات الاقتصاديّةِ المهمّة التي ستُعرَض على مجلسِكم الكريم وفقاً للأصولِ الدستوريّة، والتي من المتأمّلِ أن ينتجَ عنها مُناخٌ محفِّزٌ للاستثماراتِ الأردنيّةِ والعربيّةِ والأجنبيّة. كما ستعملُ الحكومةُ على إعادةِ النظر في قانون تنظيم الموازنة العامّة للدولة، بحيث يعكسُ تنظيمها أفضلَ الممارساتِ العالميّة، وسيكونُ اختيارُ المشروعات الرأسماليّة منسجماً مع متطلّباتِ النموّ الشامل، ومراعياً للحاجاتِ الأساسيّة للمحافظات. وفي هذا الإطار، ستقومُ الحكومةُ والبنكُ المركزي الأردني بالتعاون مع الجهاز المصرفيّ والمؤسّساتِ الدوليّة بتأمينِ مصادر تمويلٍ جديدة تصلُ لحوالي (420) مليون دينار مع نهايةِ العام الحالي، بهدفِ حفزِ الاستثمار ودعمِ المشاريع الصغيرةِ والناشئة والصادراتِ الوطنيّة. وفي ظلّ هذا التصوّر، يصبح لزاماً علينا أن نسعى إلى تحفيزِ الاستثمارِ في المحافظات، وأن نقومَ ببناء المشروعات الكبرى ذاتِ القدرةِ التنافسيّة العالية والمعتمدةِ على المواردِ المتاحةِ في الأردن، وكذلك استكمالِ البنى التحتيّة والمرافقِ الأساسيّة في مجالات الطاقةِ والمياهِ والاتصالات والنقل. وتأكيداً لأهميّة الاستثمار وجديّة الحكومةِ من أجل تطويرِه وتشجيعِه، فإنّنا سنعملُ على تقويةِ المؤسّسات التي تعنى بالاستثمار، من خلال تمكينِ هيئةِ الاستثمار، والصندوقِ الأردني للاستثمار، ومؤسساتِ التمويلِ الاستثماري ووسائلِه من أن تعمل بفاعليّةٍ وجديّة حتى يَلمسَ المواطنونَ آثارها على حياتِهم. كما ستعملُ الحكومةُ على الترويجِ للفرص الاستثماريّةِ في المحافظاتِ على مختلف المستوياتِ المحليّةِ والإقليميّةِ والدوليّة، كما خصّصنا في هذه الحكومةِ حقيبةً وزاريّةً تحت مسمّى "وزير دولة لشؤون الاستثمار".
وفي إطارٍ موازٍ، ستعمل الحكومةُ على تطويرِ التشريعاتِ المتعلّقةِ بتنظيمِ وتطوير بيئةِ الأعمال بما يجعلها قادرةً على تلبيةِ متطلّباتِ الاستثماراتِ المحلّية وتنميتِها، واستقطابِ الاستثماراتِ الخارجيّة، بالإضافة إلى توفيرِ المرونةِ الكافية في تسجيلِ المؤسّساتِ الفرديّة والشركات، وتبسيطِ التعاملِ معها؛ بما ينعكسُ إيجاباً على مساهمتِها في دعمِ الاقتصادِ الوطني. وقد وجدنا أنّ التمويلَ المتاحَ في خزينةِ الدولةِ قد لا يكفي لأداءِ المتطلباتِ الاستثماريّةِ المطلوبة من القطاعِ العام، فتحرّكت الحكومةُ من أجلِ تفعيلِ قانون الشراكةِ مع القطاع الخاص، ليسهمَ التمويلُ المحليُّ والدولي في بناءِ المرافقِ والوسائلِ والمشروعاتِ المطلوبة، وعلى نظامِ التأجيرِ التمويلي. وبهذا الأسلوب نحدُّ من ارتفاعِ نسبة الدينِ العام التي وصلت إلى نسبٍ مقلقة، ونفعِّلُ دورَ المصارفِ والمؤسّساتِ الماليّة في التمويلِ والاستثمار، ونستكملُ المتطلباتِ الأساسيةَ التي تحفّزُ الاقتصادَ الوطني. وستقومُ الحكومةُ بتطبيقِ المعاييرِ الدوليّةِ فيما يخصُّ الشركاتِ المساهمة العامّة المتعثّرة، بما يسهمُ في حلّ مشاكلِها، وتعزيزِ دورِ المشاريعِ الرياديّة في الاقتصادِ الوطني من خلالِ الاستراتيجيّةِ الوطنيّةِ لريادة الأعمال وتنميةِ المشاريع الصغيرة للأعوام الخمسة المقبلة.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
لقد وقّعت الحكومةُ اتفاقاً للإصلاح المالي مع صندوقِ النقد الدولي حتى عام 2018م، وسعت في الحدّ من عبءِ ذلك البرنامجِ عن كاهلِ المواطنِ الأردني، خصوصاً الطبقتين الوسطى والفقيرة. وفي ظلِّ هذه الإجراءاتِ الاقتصاديّة الدقيقة، نجحت الحكومةُ في ضبطِ عجز الموازنةِ ممّا أدّى إلى الحفاظِ على نسبةِ المديونيّةِ من الناتجِ المحلّي الإجمالي قريبة لحدود (94%) لهذا العام، بالرغمِ من تقاعُسِ المجتمعِ الدولي عن تغطيةِ كاملِ الكلفِ التي تتحمّلها الخزينةُ العامّة لإيواءِ اللاجئينَ السوريين، حيث لا تُغطي هذه التكاليفُ أكثر من (40%) من الكلفةِ الفعليّة، بينما تشكّلُ كلفتُها الحقيقيّةُ نسبةٌ كبيرةٌ قياساً بظروفِنا الاقتصاديّةِ الصعبة، مع التأكيد على أنّ نسبةِ إجمالي الدينِ العام إلى الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ ما كانت لتصل إلى (94%) لولا المشاكل التي تعرّض لها قطاع الطاقة خلال السنوات الخمس الماضية، والتي أجبرتنا على استخدام الوقود الثقيل من أجل توليد الكهرباء، وإلّا لبقيت نسبة الدين العام بحدود (75%) وربّما أقلّ. وأودُّ التأكيدَ هنا على أنّ الهدفَ الأساسَ والاستراتيجي من كلّ الجهودِ الاقتصاديّةِ هو خفضُ نسبةِ الدينِ العام إلى الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ، والتخفيفُ من عجزِ الموازنة، وزيادةُ الاستثمار، ورفعُ معدّلات النموّ، وتوفيرُ فرصِ عملٍ كريمٍ للأردنيين.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب المحترمين
لقد أخذت الحكومةُ على عاتقِها، ومنذ يومها الأوّل، أن تسعى جاهدةً لتوفير فرصِ العملِ للباحثينَ عنه، وبطرقٍ غير تقليديّة، إذ لابدّ من تمكينِ الباحثينَ عنه ليصبحوا منتجينَ للأعمالِ لا باحثينَ عنها. وحتى لا يبقى الشبابُ تحتَ وهم الاعتقادِ بأن الوظيفةَ الحكوميّةَ العامّةَ هي ملاذُهم الأفضل وبشكلٍ يحمِّل الاقتصادَ والمجتمعَ أعباءً كبيرةً ونفقاتٍ جاريةً لم يعد قادراً عليها، وضعت الحكومةُ برامجَ عديدة لترجمةِ سياسة "التشغيل بدل التوظيف"، وخصّصت مبالغَ في النصفِ الثاني من هذا العام تقدّر بنحو (80) مليون دينار، لتمكّنَ الشبابَ من أن يصبحوا روّاداً في الأعمال، ومبتكرينَ في الإنتاجِ والتسويق، وصولاً إلى آفاق جديدة. وقد فعَّلت الحكومةُ استراتيجيّةَ التشغيلِ الوطني، وترأسَ رئيسُ الوزراء أعمالَ الفريقِ الوزاريّ الذي تشكّلَ لمتابعةِ الإنجازِ في هذهِ الاستراتيجيّة. كما ستمضي الحكومةُ في تفعيلِ برامجِ التدريبِ المهنيِّ، والاستفادةِ منْ تجاربِ الدولِ المتقدِّمةِ في هذا المجالِ، من أجلِ إنشاءِ مراكزَ للتدريبِ المهنيِّ بمواصفاتٍ عالميّةٍ، تسهمُ في تمكينِ الشبابِ وتأهيلِهم للحصولِ على فرص عملٍ مجزيةٍ في القطاع المهنيِّ.
وحتّى نتيحَ فرصاً أفضل للتشغيل، فإنّ الحكومةَ بصدد الاستفادةِ من النوافذِ التمويليّة مثل: صندوق التنمية والتشغيل، والمؤسّسة الأردنيّة لدعم المشاريع الاقتصاديّة، وصندوق تنمية المحافظات، وغيرها، وسنعملُ على التنسيقِ بين جهودِها، وتسهيلِ إجراءاتِ الاقتراضِ منها، ووضعِ آليةٍ للإشرافِ على موازناتِها وبرامجِها، للتأكُّدِ من أنّها تطبِّقُ الممارساتِ الفضلى. وكذلك سنعملُ على تعميقِ دورِها عن طريقِ تقديمِ التدريبِ والمشورةِ الفنيّةِ لمشروعاتِها، بما يمكّنُ المستفيدينَ من الإنجازِ والإبداعِ في أعمالِهم. وستحظى الباديةُ والمناطقُ النائيةُ في المحافظاتِ بالعنايةِ والاهتمامِ في توزيعِ عوائدِ التنمية ونوافذِ التمويلِ المتاحة بما يكفلُ تحقيقَ العدالةِ الاجتماعيّة.
حيثُ ستستمرُّ الحكومةُ بتنفيذِ مشاريعِ الأولويّاتِ التنمويّةِ للمحافظات، كما ستعملُ على استحداثِ تشريعٍ يضعُ جميعَ هذه الصناديقِ التمويليّة للمشروعاتِ الصغيرةِ والمتوسطةِ تحتَ رقابةٍ موحّدة، لضمانِ فاعليّةِ التمويلِ ونجاحِ المشروعاتِ المموّلة. وبالتزامن، ستسعى الحكومةُ - في إطار عملها على تهيئةِ البيئةِ الملائِمة لتوفير فرصِ العملِ - إلى تعزيزِ الإجراءاتِ التي تنظّمُ سوقَ العمل وضبطه، وتتيحُ الأولويّةَ للعاملين الأردنيين، من خلالِ الاستمرارِ في الحدّ من استقدامِ العمالةِ الوافدة، وتكثيفِ حملاتِ التفتيش على العاملينَ وأصحابِ المنشآتِ المخالفين، وتوفيرِ فرصِ التدريبِ والتأهيلِ للعمالةِ الأردنيّة. ونقولُها بكلّ صراحة وشفافيّة، إنّ الاقتصادَ وسوقَ العمل لا يستطيعان الاستمرارَ في ظلّ أوضاعِ سوقِ العمل الحاليّة، ووجودِ أعدادٍ كبيرة من العمالةِ غيرِ الأردنيّة، وفي الوقت نفسه لدينا نسبٌ مرتفعةٌ من البطالة، فهذا عيبٌ اقتصاديٌّ بنيويٌّ لابدَّ من إصلاحه.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
لقد قامت الحكومةُ بمتابعةِ مُخرجاتِ مؤتمر لندن لدعم الدول المستضيفة للاجئين السوريين، وحصلنا على امتيازٍ كبيرٍ من الاتحاد الأوروبي، وهو تبسيطُ شروطِ قواعدِ المنشأ مما يمكّنُ الإنتاجَ والصناعاتِ المحليّةَ من دخولِ الأسواقِ الأوروبيةِ بشكلٍ مضاعف، ويمنحها الإعفاء من الجمارك. وتؤكّدُ الحكومةُ أنّها ستستخدمُ كلَّ وسيلةٍ ممكنة وتستثمرُها في سبيل جلبِ الدعمِ للأردن وإعانته على تحمّلِ الأعباءِ الإضافيّةِ التي فرضتْها موجاتُ اللجوءِ المتلاحقة. ونقولُ لكلّ العالم إنّ الأردنّ يقومُ بهذا الدور بالنيابة عن المجتمع الدولي، وإنّنا إذ نفخرُ بذلك فإنّنا نشدّدُ على أنّ ترْكَ الأردنِّ وحيداً ستكونُ له عواقبُه الإنسانيّةُ والأمنيّةُ التي رأينا آثارها بمختلف أصقاعِ العالم. وفي إطارٍ موازٍ، ستعمل الحكومةُ على إقرارِ السياسةِ الصناعيّةِ للأعوام 2017 – 2021م، التي تهدفُ إلى تطويرِ المنتَجاتِ الصناعيّةِ وتشجيعِ الابتكار وتعزيزِ تنافسيّةِ المنتج الأردني، وتعزيزِ الصادراتِ الوطنيّة، والبحثِ عن أسواقٍ جديدة لها كالسوق الإفريقيّةِ وغيرها. كما ستقومُ بتوفيرِ البنيةِ التحتيّة لاستكمالِ إقامةِ المدنِ الصناعيّةِ الجديدة في محافظاتِ البلقاء ومأدبا والطفيلة وجرش.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ الحكومةَ ستواصلُ دعمَ المواد الغذائيّة الأساسيّة بهدفِ التخفيفِ عن كاهلِ المواطنين، وستسعى جاهدةً لإيصال الدعمِ إلى مستحقّيه لا إلى غيرهم، علماً بأنّ نحو (50%) من الدعمِ لا يذهبُ إلى الفئةِ المستحقّةِ وبالتالي لابدّ من دراسةٍ جادّةٍ لإيجادِ السُبُل الكفيلةِ بوقفِ هذا الهدرِ وتحويلِه لمنفعةِ جيوبِ المواطنين. وستقومُ الحكومةُ بإعدادِ السياسةِ التموينيّة للأعوام 2017 – 2021م، وستواصلُ من خلالِها تبنّي النهجِ القائمِ على تسهيلِ إجراءاتِ استيراد المواد الغذائيّة وتعزيزِ نظامِ الإنذارِ المبكّر حولَ مخزونِ السلعِ الأساسيّة في المملكة، والإبقاءِ على الدعمِ المقدَّمِ للمؤسّستين الاستهلاكيتين المدنيّة والعسكريّة، وتعزيزِ إجراءاتِ حماية المستهلك، وتوسعةِ السعاتِ التخزينيّةِ للصوامعِ واستقطابِ المستثمرينَ لإنشاءِ صوامعَ تخزينيّةٍ في مختلفِ أنحاءِ المملكة. وأودُّ التأكيدَ هنا، أنّ الحكومةَ لن تتوانى عن محاربةِ الفسادِ أينما وجدتْه، صغيراً كان أم كبيراً، فنحن ندركُ أنّ هذا الأمرَ أكثر ما يستفزّ الأردنيين، وقد أعلنّاه أنّه اعتداءٌ على جيبِ كلِّ مواطن أردني، علماً بأنّ الجرأةَ على المالِ العام قد تراجعَت بفعلِ الاستمرارِ في معاقبةِ المخالفينَ والمعتدينَ على الخدماتِ المقدَّمةِ للمواطنين، والذين يسعونَ الى استغلالِ المالِ العام لمنفعتهم. وفي هذا الصدد، تدركُ الحكومةُ وجودَ فئةٍ قليلة من أصحابِ المصالحِ الخاصّة مستفيدين من الاعتداء على جيوب المواطنينَ باستغلالِ الدعمِ المقدَّم للسلعِ والخدمات، وهم أصحابُ صوتٍ مرتفع، يعارضونَ بشدّةٍ القراراتِ الراميةَ إلى إيقافِ الهدرِ الذي يأتي على حسابِ جيوب المواطنين، وهذا فسادٌ بيِّنٌ لا نقاش فيه، ولن يثني الحكومةَ عن المضيّ قدماً في مسارِها الإصلاحي استناداً إلى مصلحةِ الوطنِ والمواطنين ولا شيءَ غير ذلك. وأودّ أن أؤكّد هنا، أنّنا نضعُ أيدينا بأيديكم، فنحن وإيّاكم سنتصدّى لكلِ من يقدِّم مصلحتُهُ الخاصّةَ على مصلحةِ الوطنِ وأبنائه، ويرفضُ التغييرَ الإيجابي الذي سنصنعهُ بالتشاركِ معكم، والذي نتطلّعُ من خلاله إلى تحقيقِ الإصلاحِ المنشودِ خدمةً للوطن.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
وفي مجال الطاقة، فإنّ الحكومةَ، ومن منطلقِ مسؤوليَّاتِها، عازمةٌ على استكمالِ تنفيذِ الاستراتيجيّةِ الوطنيّةِ لقطاعِ الطاقةِ للأعوام 2015 – 2025م، والتي تستندُ إلى مرتكزاتٍ أربعة هي: 1- أمن التزوّد من نقاط دخول متعدّدة 2- أمن التنوّع 3- أمن مصادر التزويد 4- تحرير السوق النفطيّة للمنافسة؛ بما يضمنُ التنافسيّةَ في النوع والكُلفة لتعودَ بالنفعِ على الوطن والمواطنين، وكذلك بما يضمنُ عدم انقطاعها تحت أيِّ ظرفٍ. وفي هذا الصدد، تسعى الحكومةُ إلى التوصُّلِ لاتفاقيّات مع الشركات العالميّة لتأمين جزءٍ من احتياجاتِ المملكة الضروريّةِ من الطاقة، وستستكمل تنفيذ عددٍ من المشروعات من أهمّها استحداثُ نقاطٍ جديدة لاستيرادِ المشتقّات النفطيّة وتخزينها، وكذلك بناءَ سعاتٍ تخزينيّةٍ استراتيجيّة متعدّدة لها. كما ستعمل الحكومةُ على زيادةِ مساهمةِ الطاقة المتجدّدة في خليطِ الطاقة الكليّة، لتصل إلى ما نسبته (8%)، بنهاية عام 2018م. وتحرص الحكومةُ كلَّ الحرصِ على تسهيلِ استكمالِ الإغلاق المالي لمشروع الصخرِ الزيتيّ الذي يستخدمُ الحرق المباشرَ لتوليد الكهرباء بمقدار (470) ميجاواط، بكلفة تُقدَّر بنحو (1,2) بليون دينار، ويؤول المشروعُ بعد انتهاءِ المدةِ التعاقديّة إلى ملكيّةِ شركةِ الكهرباء الوطنيّة. كما سنمضي قُدُماً باستكمال مشروعِ الطاقة النوويّة لغايات الاستمرار في تنويعِ مصادر الطاقة، والبحثِ عن إمكانات جديدةٍ للطاقة المتجدّدة، بما يسهم في الوقايةِ من مخاطرِ انقطاعِها. أمّا الجانبُ السياحي، فقد وضعت الحكومةُ خطّةً شاملةً لمواجهة الظروفِ والتحدّياتِ التي يواجهُها القطاعُ والتخفيفِ من الآثارِ السلبيّةِ التي طالته بسبب الظروفِ الإقليميّة. وستُجري الحكومةُ مراجعةً شاملةً للقوانين والأنظمة الناظمةِ للقطاعِ السياحي، لتكون متوائمةً مع المرحلة ومتطلباتِها ومحفِّزةً لتحسين الواقع السياحي. وقد عملت الحكومةُ على دعمِ القطاع السياحي من خلال تخفيضِ أسعارِ الكهرباءِ للفنادقِ باعتبارِها منتجاً صناعيّاً، كما ستعمل على دعم هذا القطاعِ من خلال اتخاذ جُملةٍ من الإجراءات التي تدعمُ تطويرَ المنتَج، وتحسينَ تجربةِ الزائر، وزيادةَ أعدادِ الأفواجِ السياحيّة. وفي قطاعِ الزراعة، ستعملُ الحكومةُ على مباشرةِ العملِ في صندوقِ إدارةِ المخاطرِ الزراعيّة، ومراجعةِ وتعديلِ التعليماتِ الصادرةِ بموجب قانون الزراعة، بهدفِ دعمِ المزارعينَ وتحفيزِهم على المضيّ قُدماً في العملِ بهذا القطاعِ بما ينعكسُ إيجاباً على مستوى أدائِه وفاعليّته. كما ستعملُ الحكومةُ على تنفيذِ برامجَ ومشروعاتٍ تسعى إلى تحسينِ مستوى الأمنِ الغذائي، وزيادةِ الاعتمادِ على الزراعةِ كموردٍ مهمّ للاقتصادٍ الوطنيّ من خلالِ التوسّعِ في تنفيذِ منشآتِ الحصاد المائي، وتشجيعِ الزراعاتِ المحميّة وزراعةِ المحاصيل ذاتِ العائد العالي للمياه، وتشجيعِ استخدام التقنيّاتِ الحديثة في الزراعة لتحسين جودتها، وتنميةِ المراعي والحفاظِ على الثروةِ الحرجيّة، وفتحِ أسواقٍ جديدة للمنتجات الزراعيّة، والبحثِ عن طرق بديلةٍ لإيصالها إلى أسواقِ أوروبا الشرقيّة، وتطويرِ عمليّات النقل لمنتجاتنا الزراعيّة بما يضمنُ جودتَها وزيادةَ الطلب عليها.
ثالثاً: المجال الاجتماعي
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
وفي مجال تعزيز الحماية الاجتماعيّة، ستواصلُ الحكومةُ جهودَها في إعداد مشروع قانون العمل الاجتماعي بالشراكة مع مختلف القطاعات، وتنفيذِ استراتيجيّةٍ موحّدةٍ للعمل الاجتماعي، وتعزيزِ المسؤوليّةِ المجتمعيّة للمؤسّسات، والارتقاءِ بمستوى الخدماتِ الاجتماعيّة من منظورِ إدارةِ الجودة الشاملة، واستهدافِ الأسرِ الفقيرة بناءً على مؤشراتٍ دقيقةٍ لإيصالِ المعوناتِ الإضافيةِ لمستحقّيها. كما ستعملُ على تحديثِ استراتيجيّةِ مكافحةِ الفقر لتصبحَ استراتيجيّةَ مكافحةِ الفقر والحماية الاجتماعيّة، ويجري التحضيرُ حاليّاً لتنفيذِ مسح دخلِ ونفقات الأسرة التي سيتمّ بناءً عليها تحديدُ مناطق جيوبِ الفقر، وتنفيذُ تدخّلاتٍ إنتاجيّة واستثماريّةٍ من شأنها الحدُّ من الفقرِ والبطالة في المحافظات، من خلالِ إنشاءِ مشاريعَ إنتاجيّةٍ مدِّرّة للدخلِ وموفِّرةٍ لفرص العمل ضمنَ برنامج تعزيز الإنتاجيّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة. إنّ الحكومةَ تدركُ بأنّ الإصلاحَ الاجتماعيَّ هو جزءٌ أساسيّ من عمليّة الإصلاحِ الشامل، ويتطلّبُ تلمّس حاجات المجتمع والوقوفَ عندها، والتفاعلَ مع جميعِ القضايا والمشاكل التي يعانيها المواطنون، ووضعَ حلولٍ لها على المدى القريبِ والبعيد. وتدركُ الحكومةُ كذلك أنّ السيرَ في طريقِ الإصلاحِ يتطلّبُ تنفيذَ برامجَ وخططٍ واضحة تركّز على جيل الشبابِ من مختلفِ الأعمار، بصفتِهم قادةَ المستقبل والفئةَ الأكثرَ تعداداً في وطننا العزيز، وكنزَ الأردنِّ الذي لا ينضب؛ وهم الذين يشعرون أنّ دورَهم لا ينسجمُ مع أعدادِهم وطاقاتِهم الخلّاقة، فهم يشعرونَ أنّهم أقلّ تمثيلاً رغمَ أنهم يشكّلونَ الأغلبيّة. إنّ الخطوةَ الأولى التي تدلّلُ على اهتمامِ الحكومةِ بقطاع الشباب هي إعادةُ وزارة الشباب إلى حيّز الوجود، إيماناً منّا بأنّ قضايا هذه الفئةِ ليست حكراً على الرياضة، بل تتعداها الى جميعِ نشاطاتِ الحياة وقطاعاتها. وتنوي الحكومةُ من خلال الوزارة أن تدعمَ دَور الشباب في الحياة العامّة السياسيّة والحزبيّة، وتؤسّسَ لتوسيعِ قاعدة المشاركةِ في الاقتصادِ عن طريقِ الإنتاجِ والعمل الخلّاق .
وستقومُ الحكومةُ بزيادة مخصّصات وزارة الشباب، تحقيقاً للأهدافِ التي أُعيدت من أجلِها، كما ستعملُ على إنشاء مراكزَ شبابيّةٍ متعددة الاغراض في جميع محافظات ومناطق المملكة، لضمان استفادة أكبر شريحةٍ ممكنة منها. كما ستدعمُ الحكومةُ جهودَ تحريكِ الطاقاتِ الشبابيّةِ في مجالاتِ الإبداع والفنّ، والعلوم، والرياضة؛ فقد حقّقَ الشبابُ الأردني العديدَ من الإنجازات الدوليّة، وحصدوا جوائزَ عالميّةً في مجالات الألعاب الأولمبيّة، والطب، وتقنيّة المعلومات، والهندسة، والبحث العلمي والابتكار، وحققّت المرأةُ من هذه الإنجازات نصيباً وافراً. وستستعى الحكومةُ إلى تحفيز دورِ القطاع الخاص من أجل دعم المبادراتِ الخلاقة والإبداع، عن طريق المسؤوليةِ المجتمعيّةِ للمؤسسات، التي تمنحُ الشبابَ فرصاً واعدة. والحكومةُ تدركُ أنّ الشبابَ هم الفئة الأكثر استهدافاً من قِبل القوى الظلاميّة والجماعاتِ المتطرّفة، التي تستغلُّ حاجات الشباب ورغباتِهم لزرعِ أفكار الغلوّ والتطرّف، وتجنّيدِهم في سبيل تنفيذ أفكارِها الهدّامة، ومن هنا فإنّ الحكومةَ ستعملُ على تنفيذ حزمةٍ واسعةٍ من الأنشطةِ والبرامجِ التي تهدفُ إلى توعيةِ الشبابِ بمخاطر الفكر المتطرّف وخطابِ الفتنة والكراهية، وتُرسّخُ لديهم مفاهيم احترام الآخر، وقيم التعدّديّة والتسامح، وتُعزّزُ دورهم في خدمة المجتمع وبنائه ورفعته. كما ستتصدّى الحكومةُ وبكلِّ حزمٍ إلى الآفاتِ التي تستهدفُ جيلَ الشبابِ، وفي مقدّمتها المخدِّراتِ والمؤثّراتِ العقليّةِ بشتّى أنواعِها، ولن تتهاون مطلقاً مع مروّجي هذه الآفات.
وقد استطاعَ الأردنُّ، بفضلِ مكانتهِ الدوليّة المميّزة، واحترامِ العالمِ لرؤى ومواقف مولاي صاحب الجلالة الهاشميّة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه، ومن خلالِ عضويّتِه غيرِ الدائمة في مجلس الأمن، حشدَ الدعمِ الدوليّ من خلالِ قرار مجلس الأمن رقم (2250) حول الشبابِ والسِلم والأمن، والذي جاء بمبادرةٍ من سموّ وليّ العهد المعظّم الأمير الحسين بن عبدالله، في مجالِ تحصينِ الشبابِ وحمايتِهم وتعزيزِ دورِهم في الأمنِ والسلم وتوفيرِ الفرص لهم. كما ستتولّى الحكومةُ دوراً رئيساً في محاربة أفكارِ التطرّف، من خلالِ التركيز على دورِ الخطباءِ والأئمّةِ والوعّاظِ والمؤذّنين، وإعدادِهم الإعدادَ السليم، من خلالِ التركيزِ على الجانبِ الشرعي واللُّغوي والمسلكي والتربوي. كما ستولي الحكومةُ المساجدَ الأهميّةَ المطلوبةَ لاستعادةِ دورِها كمنارةٍ للمعرفةِ الدينيّةِ الصحيحة، وكمنبرٍ لتعليمِ السلوكِ السويّ، والتحلّي بقيمِ الأخلاقِ الإسلاميّةِ الفاضلة.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
لقد وضعت الحكومةُ خطواتٍ لإصلاح قطاعِ التعليم والارتقاءِ بمستوى العمليّةِ التربويّةِ لا بد من إنجازِها على أكملِ وجه. وفي هذا المجال، ستستكملُ الحكومةُ خطّةَ إصلاح قطاعِ التربيةِ والتعليم من خلالِ تطويرِ البيئةِ التعليميّة، والبنيةِ التحتيّة، وأساليبِ التدريس، ورفعِ سويّةِ امتحانِ الثانويّة العامّة، وضمانِ الارتقاءِ بمستوى التعليم في المدارسِ الحكوميّةِ والخاصّة، وضمانِ العدالةِ في توزيعِ الخدمات التعليميّة بينها، وتطويرِ المناهجِ بما ينسجمُ مع قيمِنا الدينيّةِ والاجتماعيّةِ والثقافيّةِ وموروثِنا الحضاريّ، وبما يعكسُ تنوّعَ المجتمعِ وقيمه الحقيقيّة وعاداتِه الأصيلة، ضمن أطر علميّةٍ ولجان متخصّصة. وأودّ التأكيد هنا، أنَّ عمليّةَ تطويرِ المناهجِ هي عمليّةٌ مستمرّةٌ وضروريّةٌ لا رجعة عنها، ولن تستهدفَ المحتوى الدينيَّ أو تمسَّ الثوابتَ الوطنيّةَ والقوميّةَ التي جُبِلنا عليها كأردنيّين. والمناهجُ الدراسيّةُ المتوافرةُ بين أيدي الطلبة والمعلّمين حاليّاً، والتي ثار بسببها جدلٌ واسعٌ خلال الفترة الماضية، تمَّت مراجعتُها من قِبل اللجنة المكلّفة بذلك، والتي رفعَتْ بدورِها التوصياتُ إلى مجلسِ التربية الذي ناقشَها وقرّرَ اعتمادُها. أمّا على مستوى المعلمين، فنحنُ ندركُ أن التعليمَ مهنةٌ إنسانيّة ذاتُ أبعادٍ عميقةٍ وواسعة، ونظراً لأن المعلِّمَ هو محورُ العمليّةِ التعليميّةِ والتربويّة ذاتِ الأصول والقواعد الحرفيّة، فإنّ الحكومةَ ستعملُ على إيلاءِ عمليّة التدريبِ والتأهيلِ للمعلّمين عنايةً خاصّة، داعمينَ بذلك جهودَ صاحبةِ الجلالة الملكة رانيا العبدالله في إنشاءِ أكاديميّةٍ لتدريبِ المعلّمين، كي تقدِّمَ أفضلَ ما وصلت إليهِ التجاربُ الحديثةُ في هذا المضمار. وفيما يتعلّق بالأبنيةِ المدرسيّةِ وتحديثها وصيانتها، فجميعُنا يُدرك حجمَ العبء والكلفةَ الكبيرةَ التي أنفقتْها الحكومةُ في هذا المجال، وعلى مرّ السنواتِ الماضية، خصوصاً في ظلّ الضغوطاتِ الكبيرةِ التي تعرَّضتْ لها مدارسُنا الحكوميّةُ بسببِ موجاتِ اللاجئينَ السوريينَ؛ ورغمَ ذلكَ ستبذلُ الحكومةُ جهودَها من أجل إنشاءِ مدارسَ جديدةٍ، وصيانةِ وتطويرِ المدارس الحالية. وفي قطاعِ التعليمِ العالي والبحثِ العلميِّ فإنّ الحكومةَ ستعملُ على تنفيذِ مُخرجاتِ اللجنةِ الوطنيّةِ لتنميةِ الموارد البشريّة، ومضامينِ الورقةِ النقاشيّةِ الملكيّةِ السادسةِ، وذلكَ من خلالِ تطبيقِ نظامِ قبولٍ موحَّدٍ للدرجةِ الجامعيّةِ الأولى يستندُ إلى أسسِ المساواةِ والتنافسِ الحرِّ، ويراعي في الوقت ذاته مسألةَ عدم تكافؤ الفرصِ والظروفِ والمدارس. كما ستعملُ الحكومةُ على تطبيقِ إجراءاتٍ فاعلةٍ لرفع جودةِ التعليمِ الجامعي، وتطويرِ البحثِ العلمي ليراعي معاييرَ الابتكارِ والإبداع، وتعزيزِ مبدأ الحاكميّة، وزيادةِ مستوى الدعمِ للطلبةِ غير المقتدرينَ في الجامعاتِ الرسميّةِ من خلالِ تطويرِ آليّاتِ الدعمِ الحاليَّةِ، واستحداثِ وسائلَ جديدة.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ مجلسَكم الكريم يضمُّ في عضويّته عشرينَ امرأةٍ استطاعت الوصولَ إلى قبّة البرلمان عبر صناديقِ الاقتراع، وهو ما يحدثُ للمرّة الأولى في تاريخِ الأردنّ؛ وهذا الحضورُ غيرُ المسبوق للمرأة الأردنيّة يضعُ الحكومةَ أمام تحدٍّ جديدٍ يتمثّلُ في إيلاء المرأةِ الرعايةَ المستحقّةَ التي تدعمُ وصولَها ومشاركتَها في الحياةِ العامّة بمختلفِ القطاعات. لذا، ستسعى الحكومةُ جاهدةً إلى رفعِ معدّلات المشاركةِ الاقتصاديّةِ والسياسيّةِ والاجتماعيّةِ للمرأة. ويتعاظم الإيمانُ لدينا بأهميّة هذا التحدي حينما نعلم أنّ المرأةَ الأردنيّة تعاني من نسبة بطالةٍ تتجاوز (35%) من الباحثات عن العمل والقادرات عليه. وتدلل الأرقامُ أيضاً على أن (65%) من النساءِ المتعطّلاتِ عن العمل يحملن شهادة جامعيّة، مقابل (25%) بين الرجال. وهذه الأرقامُ صادمة بالفعل، وتدفعنا إلى الالتزام بتطويرِ برامجِ التشغيل لتساندَ المرأةَ في الحصولِ على فرصِ عملٍ كريم، من أجل التخفيفِ من نسبةِ البطالةِ بين صفوفِ هذهِ الشريحة المهمّةِ من مجتمعنا. ولأنّ دعمَ تشغيل المرأة يُعدُّ من الخطواتِ الناجحةِ لمحاربة الفقر والبطالة، فقد تبنت الحكومةُ عدداً من الإجراءاتِ الداعمةِ لهذا التوجّه، مثل التوسّع في السماحِ للمرأةِ بممارسة مجموعةٍ كبيرة من المهنِ والأعمال من المنازل، وتوفيرِ فرص عملٍ في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، وتشجيع النساءِ على إنشاءِ المشروعاتِ الصغيرة والمتوسطة، وتوفيرِ التدريبِ للنساء على الإنتاجِ في المجالِ الزراعيِّ، والغذائيِّ، والصناعيّ. كما ستلتزمُ الحكومةُ باستكمالِ تنفيذِ الخطّةِ الوطنيّةِ لحقوقِ الإنسانِ، من أجل تحقيق الأهدافِ التي وُضِعَتْ من أجلها، في مجملِ المحاورِ المدنيّةِ والاقتصاديّةِ والسياسيّةِ، وحمايةِ مختلفِ فئاتِ المجتمع. وفي إطارٍ موازٍ، ستواصلُ الحكومةُ جهودَها في مجال رعايةِ الطفولةِ من خلال تكريسِها لنهجِ حقوقِ الطفل، القائم على عدمِ التمييزِ بين الأطفال، والمحافظةِ على بقائِهم ونمائِهم وضمانِ مصلحتهم الفضلى، وحمايتِهم من المخاطر. وفي مجالِ رعايةِ المسنّين، ستولي الحكومةُ كبارَ السنِّ جلَّ عنايتها واهتمامها، وستعمل على تقدير احتياجاتِهم وتلبيتها، وستسعى ضمن إمكاناتها إلى توفيرِ فرصِ العمل للمعاقين، فمن بين هؤلاء أصحابُ قدرات خاصّة لابدّ من اكتشافِها وتطويرِها، حتى يكونوا أفراداً فاعلين ومنتجينَ في المجتمع. والحكومةُ ملتزمةٌ بتحسينِ الواقع الثقافي، ورصدِ المخصّصات الكفيلة بالارتقاءِ بمستوى الهيئاتِ والمؤسّساتِ الثقافيّة في مختلفِ أنحاءِ المملكة، وزيادةِ عددها وقدراتها؛ لتؤدّي دورَها في نشرِ الإبداع، وتبنّي المواهب، وتنفيذِ برامج ومشاريع لرعايةِ الأدبِ والثقافةِ وحفظِ التراث الأردنيّ وحماية تنوّعه، بالإضافة إلى مساهمتِها في ترسيخِ ثقافةِ الحوار ومحاربةِ آفاتِ الغلوّ والتطرّفِ من خلال الفعلِ الثقافيِّ التنويريِّ المؤثِر. وستبدأ الحكومةُ بإنشاءِ مراكزَ ثقافيّةٍ خاصّة باليافعين والأطفالِ في مختلفِ مناطق المملكة، حيث ستنجزُ الحكومةُ عشرين مركزاً – على الأقلّ – خلال العام المقبل. أمّا منظماتُ المجتمع المدني على اختلافِ أنواعها، فالحكومةُ تنظر إليها كشريك فاعلٍ في تعزيز عمليّةِ المشاركة المجتمعيّة للمواطنين، ومساهمٍ رئيس في عمليّة التنميةِ المستدامةِ بأبعادها الاقتصاديّةِ والاجتماعيّةِ والبيئيّة، لذا فإنَّ الحكومةَ ستستمرُّ في تسجيلِ وترخيصِ منظماتِ المجتمعِ المدني، وتقديمِ الدّعم للمنظّماتِ الفاعلة منها، بموجبِ أسس ومعاييرَ موضوعيّة؛ لتمكينها من القيامِ بأدوارِها التنمويّةِ المأمولة منها.
رابعاً: مجال الإصلاح الإداري
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ الحكومةَ ستمضي في مسيرةَ الإصلاح الإداري وفقَ نهجٍ شموليّ يقومُ على أساسِ الإدارةِ الحكوميّةِ الموجِّهة بالنتائجِ لخدمة المواطن، ويركزُ بالدرجة الأولى على تحسينِ مستوى الخدماتِ الحكوميّة. والإصلاحُ الإداريُّ سيكونُ على قاعدةِ الشفافيّة والانفتاحِ وقيمِ التفاني بالعملِ العام، والجدارةِ والريادة؛ فالأردنيّون يستحقّون خدماتٍ حكوميّةً متميّزةً، ولن يُقبَل من الموظَّفِ العامِّ التقاعسُ أو الإبطاءُ والروتين، بل النزاهة التي تصبُّ في خدمةِ المواطنِ وتُعلي من قيم العدل والمساواةِ وتطبيقِ القانون. وهنا لابدّ من التأكيدِ على شعارِ هذه الحكومة، وهو "أنّ كلّ من يتولّى العملَ العامّ هو خادمٌ مُعيَّنٌ من قبل المواطنينَ لتقديمِ الخدمةِ لهم". وقد اشتملت المحاورُ التنفيذيّةُ التي أعدّتها الحكومةُ لترجمة مضامينِ الورقةِ النقاشيةِ الملكيّةِ السادسةِ على وضعِ خطةِ عملٍ شاملةٍ وطموحةٍ للإصلاحِ الإداري، بهدف تعزيزِ سيادةِ القانونِ وتطويرِ الإدارة، وتمكينِ الكفاءاتِ الإداريّة، ورفعِ كفاءةِ المؤسساتِ والموظفين. واستجابةً لذلك، ستبدأ الحكومةُ بإعادة هندسةِ الخدماتِ الحكوميّةِ وإجراءاتِها، بما يسهمُ في تبسيطِها وحوسبتِها وفقَ معاييرَ دوليّة، ورفعِ كفاءةِ الجهازِ الحكومي وفاعليّته. وستعملُ الحكومةُ أيضاً على معالجةِ تداخلِ المهام بين الوزاراتِ من جهة، وبين مختلفِ الدوائرِ والمؤسساتِ الحكوميّة من جهةٍ أخرى، وستستمرّ بمراجعةِ وتطويرِ الهياكلِ التنظيميّة لمؤسساتِ الجهازِ الحكومي وأنظمتها الإداريّة، وتفعيلِ مبدأ الثوابِ والعقاب داخلَ المؤسّساتِ، كما سنعملُ على تجذيرِ مبدأ تكافؤ الفرصِ في الإدارة العامّة، ودعمِ ثقافةِ التميُّزِ من خلالِ توفيرِ السُبُلِ الضروريّةِ لمتابعةِ تطويرِ مركزِ الملكِ عبدِاللهِ الثاني للتميّزِ. كما ستتولَّى الحكومةُ إعادةَ النظرِ بمنظومةِ الصلاحيّاتِ الممنوحةِ للقياداتِ التنفيذيّةِ في الجهازِ الحكومي، في مختلفِ الأنظمةِ الإداريّةِ والماليّة، بحيث يتمكّنُ الأمينُ العام أو المديرُ العام، وهُو المرجعيّةُ الإداريّةُ والتنفيذيّةُ، من القيامِ بمهامّه، الأمر الذي يجعلُ التردّدَ في اتخاذِ القرارِ مسؤوليّةً عليه؛ إلى جانبِ تفعيلِ دورِ ديوانِ الخدمةِ المدنيّةِ وديوانِ المحاسبةِ في الرقابةِ على الإجراءاتِ الإداريّة. وستوفِّرُ الحكومةُ كاملَ الدعمِ لهيئةِ النّزاهةِ ومكافحةِ الفسادِ، لتؤدّي دورَها في إرساءِ مبادئِ العدالةِ والنّزاهةِ، ومحاربةِ الواسطةِ والمحسوبيّةِ، وضمانِ حُسنِ الأداءِ، وعدمِ التعدّي على حقوقِ الغيرِ؛ بما يكفلُ الكشفَ عنْ مواقعِ الخَلَلِ، ويُعزِّزُ ثقةَ المواطنِ بمؤسساتِ الدولةِ.
خامساً: قطاع الخدمات
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ قطاعَ الخدماتِ في المملكةِ يتمتّعُ بسمعةٍ مرموقةٍ وكفاءةٍ عالية، قياساً بحال هذا القطاعِ في العديدِ من الدول. ولقد سعت الدولةُ الأردنيّةُ على الدوامِ إلى تطويرِ خدماتِها وتحسينِ مستوى كفاءتِها وبنيتها التحتيّة. ويدركُ الجميعُ أنّ قطاعَ الخدماتِ في المملكةِ تعرّضَ خلالَ السنواتِ الخمس الأخيرة إلى ضغوطٍ غير مسبوقة. إنّ الأردنَّ يتمتعُ بسمعةٍ رفيعةٍ في مجال الخدمات الصحيّةِ والطبيّة والعلاجيّة، وحفاظاً على هذه السمعة، ستعملُ الحكومةُ على التوسّعِ في بناءِ المستشفياتِ والمرافقِ الصحيّةِ الحكوميّةِ في مختلفِ محافظاتِ ومناطقِ المملكة، وسنسعى إلى تعزيزِ الشراكةِ مع القطاعِ الخاصّ في هذا المجالِ كتجربتنا المتمثّلةِ بإنشاءِ مستشفى الطفيلةِ الحكومي الذي يستندُ إلى قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إنشائه. كما ستعملُ الحكومةُ على بذلِ أقصى جهدٍ لتحديثِ الخدماتِ والبنى التحتيّة وتطويرِ المعدّاتِ الطبيّةِ في مختلفِ المستشفياتِ والمراكزِ الصحيّةِ التابعة لها. وعلى صعيدِ التأمينِ الصحيِّ للمواطنين، فقد بدأت الحكومةُ بدراسةِ شمولِ جميعِ المواطنينَ بالتأمينِ الصحي، ولقد بدأت ذلك بالتدرّج بإعفاءِ كبارِ السنّ ممّن بلغوا سنّ الثمانين عاماً من رسوم الاشتراك في التأمين الصحي، ابتداءً من هذا العام، وسنعملُ في وقتٍ لاحق على إعفاءِ شرائح أقل عمراً وبشكل تدريجي إلى حين الوصولِ إلى تأمينٍ صحّي شامل. وتعلمون أنّ الديوانَ الملكيَّ الهاشميّ العامر، بالإضافةِ إلى الحكومة، يغطيانِ نفقاتِ العلاجِ لشريحةٍ واسعةٍ من المواطنينَ الذين يعانونَ من أمراضٍ مزمنة، وإنّ الحكومةَ تعي أنّ هناك بعضَ الممارساتِ الخاطئة في هذا المجال؛ ولغاياتِ تحقيق العدالةِ وتكافؤ الفرصِ فقد قرَّرَت الحكومةُ وضع أسس ومعايير واضحة لكلّ من يسعى للحصول على هذه التغطية، خصوصاً وأنّ كلفَ العلاجِ والدواءِ تعاني من عجزٍ ماليٍّ كبير.
وستمضي الحكومةُ في حوسبةِ القطاعِ الصحّي، وستستكملُ تطبيقَ نظامٍ إلكتروني وبطاقاتٍ ذكيّة لكي تشتملَ على كلِّ المعلوماتِ الصحيّةِ الأساسيّةِ للمواطنين. ولتلافي النقص الحاصل في الكوادر الطبيّة، ستبدأ الحكومةُ خلال العام الحالي بتنفيذِ برنامجِ بعثاتٍ لدراسةِ الطبّ لأبناءِ المحافظات، سواء على مستوى الشهادةِ الجامعيّةِ الأولى أو على مستوى التخصّص، وبعثاتٍ أخرى للمهنِ الطبيّةِ شريطةَ أن يعودَ هؤلاء للخدمةِ في المحافظاتِ التي لا تتوافرُ فيها التخصّصاتُ والكفاءاتُ الطبيّةُ المطلوبة. ومن أجل الحفاظِ على الميزةِ النسبيّةِ للأردن في مجالِ السياحةِ العلاجيّة، فإنَّ الحكومةَ عازمةٌ على تشجيعِ القطاعِ الخاصِّ في هذا المجال، وكذلكَ تكثيفِ الرقابةِ على ممارساتِ القطاعِ الصحيِّ حتّى يحتفظ بمكانتهِ المتميّزة. وستقوم الحكومةُ كذلك بتشجيعِ صناعةِ الأدويةِ الأردنيّة لتطويرِ بحوثها، ولتوسيعِ أسواقِها في الداخل والخارج. وفي قطاعِ المياه، يشهد العالمُ بأَسره أنّ الأردنّ بات من أفضل الدول في مجالِ إدارةِ مواردِ المياه، فقد استطعنا التأقلمَ مع واقعِنا رغم أنّنا ثالثُ أفقرِ دولةٍ في العالم بالمياه، ومن هنا فإنّ الحكومةَ ستستمرُّ في تنفيذ الاستراتيجيّةِ الوطنيّةِ لقطاعِ المياه، والتوسّع في إنشاءِ مشروعاتِ المياه والصرفِ الصحّي وإقامةِ السدود في مختلفِ محافظاتِ ومناطقِ المملكة، كما ستنفّذُ الحكومةُ خطّةَ الإصلاحِ المالي لقطاعِ المياه بما يُسهم في تقليلِ الخسائرِ وخفضِ النفقات، ورفعِ كفاءةِ أداءِ القطاع. وستمضي الحكومةُ في تنفيذِ المشاريعِ الاستراتيجيّةِ المائيّةِ الكبرى كمشروعِ ناقل البحرين، ومشروع الناقل الوطني الذي يربطُ جميعَ محافظاتِ المملكة ضمن استراتيجيّةِ التزويد المائي لمحافظاتِ الشمال، بالإضافة إلى البدء بدراسةِ تنفيذِ المشروع الوطنيّ لجرّ المياهِ الجوفيّة العميقة من منطقة الشيديّة والحسا، وتزويدِ محافظاتِ الجنوبِ، والذي من المتوقّع البدءُ بتنفيذه العامَ المقبل. وستواصلُ الحكومةُ تطبيقَ القانونِ بحزمٍ على كلّ من تسوِّلُ له نفسُه الاعتداءَ على مصادرِ الوطنِ والمواطنين من المياه، واتخاذَ مختلف الإجراءاتِ الراميةِ إلى الحفاظِ على هذهِ الثروة.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ الحكومةَ عازمةٌ على تنفّيذِ العديد من البرامجِ والخططِ والمشروعاتِ ذات الجدوى الاقتصاديّةِ والتنمويّةِ في قطاعِ النقل، لنواجهَ التخبُّطَ والعشوائيَّةَ الحاليّةَ بمنهجيّةٍ علميّةٍ تعالجُ الواقعَ وتخفّفُ المشقّةَ عن المواطنين في مجالِ التنقّل، وفي مقدّمة هذه الخطط، إنشاءُ مشروعِ السكك الحديديّة الذي يُعَدُّ خياراً استراتيجيّاً وعنصراً أساسيّاً لإنشاءِ نظامِ نقلٍ متعدّد الوسائط، ويتمّ حاليّاً تحديثُ جميع الدراسات الفنيّة المتعلّقة بالمشروع، كما ستعمل الحكومةُ على تطويرِ سكّةِ حديد العقبة، والبدءِ بإنشاءِ ميناء معان البرّي، بما ينعكسُ إيجاباً على حركةِ التجارةِ بين الأردن والبلدان المجاورة. وفي إطار موازٍ، ستعمل الحكومةُ على تطوير البنيةِ التحتيّةِ لقطاعِ النقلِ من خلال المشروعاتِ الكبرى وفي مقدّمتِها مشروعُ تأهيلِ الطريق الصحراوي، وذلك بعد أن قامت بإجراء إصلاحاتٍ سريعةٍ حسّنت من كفاءةِ الطريق، كما ستتمّ المباشرةُ بتنفيذِ مركز جمرك عمّان الجديد في منطقة الماضونة، بالإضافة إلى استكمالِ تنفيذِ طريق الزرقاء – الأزرق / العمري الذي من المتوقّعِ الانتهاءُ منه نهايةَ العام المقبل، والاستمرار بتنفيذ مشروع الباص السريع بين عمّان والزرقاء ليرتبطَ بمشروعِ الباصِ السريع في أمانة عمّان الكبرى. كما ستعمل الحكومةُ على تنفيذِ جملةٍ من المشاريعِ لتوفير منظومةٍ آمنةٍ للنقل العام تلبّي حاجات مختلفِ شرائحِ المجتمع، وتقلّلُ من استخدامِ المركبات الخاصّة، بالإضافةِ إلى تطويرِ البنيةِ التحتيّةِ لمطار الملكةِ علياء الدولي ومطارِ عمّان المدني، واستكمالِ تنفيذِ أعمالِ التوسعةِ والتطويرِ لموانئ العقبة. أمّا قطاعُ الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي يحظى الأردنّ فيه بميزة نسبيّة على مستوى الإقليم، فستعمل الحكومةُ على تحفيزِ بيئةِ الأعمال، والإسراع في إعداد السياساتِ الرقميّةِ المرتكزةِ على أفضلِ الممارساتِ الدوليّة، واستكمالِ شبكةِ الأليافِ الضوئيّة بهدف توفيرِ بنيةٍ تحتيّةٍ رقميّةٍ متطوّرةٍ لتسهم في رفعِ كفاءةِ الخدماتِ الصحيّةِ والتعليميّةِ والتوسّعِ في تقديمِ الخدماتِ الحكوميّةِ الإلكترونيّة، بالإضافةِ إلى تطويرِ منظومةِ أمن وحمايةِ المعلوماتِ الوطنيّة. كما سنعملُ على مواصلةِ الاستثمارِ بالتعليم النوعي في هذا القطاع بعد أن أضحى أبناءُ الوطن قياداتٍ رياديّةً فيه على مستوى الإقليم. وفي قطاع البيئة، ستتابعُ الحكومةُ تطويرَ التشريعاتِ البيئيّة كقانونِ حماية البيئة، والقانون الإطاري لإدارة النفايات، والبدء باستغلال مكبّاتِ النفاياتِ لتوليدِ الطاقة، بالإضافةِ إلى مواصلةِ تنفيذِ الاستراتيجيّةِ الوطنيّةِ لإدارةِ النفاياتِ الصلبة. وستعملُ الحكومةُ على تطويرِ المناطقِ المتضرّرة بيئيّاً، كحوضِ سيل الزرقاء، وإنشاءِ وحدةِ معالجةٍ للنفايات الخطرة، وإعادةِ تأهيلِ الأنظمةِ البيئيّة في الباديةِ الأردنيّة وزيادةِ إنتاجيّةِ المراعي. وستنفّذُ الحكومةُ حملاتٍ رقابيّةً وتوعويّةً للحدّ من انتشارِ النفاياتِ على أطرافِ الشوارع وفي الغاباتِ والحدائقِ العامّة، والمحافظةِ عليها من العبثِ والتخريب. وتعي الحكومةُ أنّ الإرثَ التاريخيَّ الزراعيَّ الأردنيَّ يحملُ أهميّةً كبرى، فالأشجارُ التي زرعتْها أيادي الآباءِ والأجدادِ، بالقليلِ الذي توفّرَ بين أيديهِم، لها مكانتُها الرمزيّةُ والواقعيّة، ولن نسمحَ مطلقاً المساسَ بها أو الاعتداءَ عليها أو المتاجرةَ بها، وسنطبّقُ القانون بحزمٍ بحقّ كلّ من يقترفُ هذا الفعل. أمّا البلديّاتُ، فقد قامتْ الحكومةُ بدعمِها من خلالِ الموازنةِ والمنحِ، بما يزيد عن (700) مليونِ دينارٍ خلال الفترةِ الماضيةِ، وإيماناً من الحكومةِ بأهميّةِ هذا القطاعِ فإنّها ستستمرُّ بدعمِ البلديّاتِ خلال الأعوامِ المقبلةِ، بما يُسهِمُ في رفعِ كفاءةِ كوادِرها، وحفزِها للقيامِ بدورها التنمويِّ إلى جانب دورها الخدميّ.
سادساً: مجال السياسة الخارجيّة
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ علاقات المملكةِ مع محيطِنا العربيّ والعالمي وثيقةٌ، ويتمتعُ الأردنُّ بمكانةٍ كبيرةٍ على السّاحةِ الدوليّة، ترتكزُ على الاحترامِ الكبيرِ والتقديرِ العالي الذي يحظى به مولاي صاحبُ الجلالة حفظه الله ورعاه، من مختلفِ القوى والأوساطِ العربيّةِ والإقليميّةِ والدوليّة. وستواصلُ الحكومةُ البناءَ على هذه المكانةِ وتعظيمَ مكتسباتنا الدوليّةِ بما يحققُ مصالحَنا الوطنيّةَ والقوميّة، ويستجيبُ لطموحاتِ شعبنا، ويعزّزُ قدرتَنا على مواجهةِ التحدّياتِ والظروفِ التي تمرُّ بها المنطقةُ في سياقٍ يحافظُ على ثوابتنا الوطنيّةِ والتزاماتِنا القوميّةِ والإنسانيّة.
وإيماناً منّا في الأردنّ بأمّتنا العربيّةِ وضرورةِ تلاحمها ونهضتِها، فإنّ الحكومةَ ستسعى إلى حشدِ الدعمِ لإصلاحِ وتعزيزِ منظومةِ العمل العربيّ المشترك، لنتمكنَ كأمّةٍ واحدةٍ من الدفاعِ عن قضايانا العربيّة، والاستجابةِ الفاعلةِ للتحدّياتِ والمخاطرِ التي تُواجه الأمة، ونتطلعُ لأن تكونَ استضافةُ وترؤس المملكة للقمّة العربيّةِ المقبلةِ في دورتها العاديّة الثامنة والعشرين العام المقبل، والتي وجّه صاحبُ الجلالةِ حفظه الله باستضافتِها، محطةً على طريق إعادةِ تفعيلِ العملِ العربيّ المشترك وتعزيزِه وتنسيقِه.
وهنا، أودّ أن أُعربَ عن شُكر الحكومة العميق، وتقديرِها البالغ، إلى الأشقّاء في المملكةِ العربيّةِ السعوديّة، والإماراتِ العربيّةِ المتحدة، ودولةِ الكويت، على دعمِهم للأردنّ خلالَ السنواتِ الخمسِ الماضية من خلالِ المنحةِ الخليجيّة، والشكرُ الموصولُ أيضاً إلى الدولِ الشقيقةِ والصديقةِ التي قدّمت مختلفَ أشكالِ الدعمِ إلى الأردن، من أجلِ تخفيفِ العبءِ عن كاهلِه، ومواصلةِ دورِه الإنساني التاريخي تجاه أشقّائِه.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّنا في الأردن الأقرب إلى فلسطينَ وقضيّتِها العادلة، وشعبِها الشقيق ومعاناتِه، وقد أثبت الأردنُّ على الدوام أنّه الأكثر دفاعاً عن القضيّةِ الفلسطينيّة، وعن حقوقِ الشعبِ الفلسطينيّ الشقيق؛ لذا، ستواصل الحكومة توفير كلّ أسباب الدّعم والإسناد للأشقاء الفلسطينيين في سعيِهم المشروع والدؤوب لنَيلِ حقوقِهم المشروعة والطبيعيةِ غيرِ القابلة للتصرّف، وأولُها حقُّهم في تقريرِ المصير عبر إقامةِ دولتِهم المستقلةِ وذات السّيادة على خطوطِ الرابعِ من حزيران لعام 1967م وعاصمتُها القدس، في إطارِ حلّ الدولتين، وفي سياقٍ شاملٍ يعالجُ القضايا الجوهريّةَ كافّةً، وهي قضايا القدسِ، واللاجئينَ، والأمنِ، والحدودِ، والمياهِ؛ استناداً للشرعيّة الدوليّة، ومبادرةِ السلامِ العربية بعناصرِها كافة، وبشكلٍ يصونُ ويلبّي المصالحَ الحيويّةَ العُليا للأردنّ المتّصلةَ بهذه القضايا.
وسنواصلُ حملَ المسؤوليّةِ وأداءَ هذهِ الأمانةِ، وسنتصدى كدأبِنا دوماً لكل المحاولاتِ المدانةِ والمرفوضةِ التي تقومُ بها سلطاتُ الاحتلالِ الإسرائيليّ في القدسِ الشرقيّةِ المحتلّةِ تجاه مقدساتِنا الإسلاميّةِ والمسيحيّة، مستخدمينَ في ذلك كلَّ الوسائلِ القانونيّة والدبلوماسيّةِ المتاحة، وعبر مختلفِ المحافلِ الدوليّة، ومن ضمنِها منظمةُ اليونسكو بمختلف أجهزتِها، التي اعتمدت عدّةَ قراراتٍ كان للأردنِّ الدورُ الرئيسُ في إقرارِها، وآخرُها قرارُ لجنة التراثِ العالميّ بدورتِها الأربعين، والمجلسِ التنفيذي بدورتهِ المائتين، الذي أكّدَ على إدانةِ الممارساتِ الإسرائيليّةِ بتغييرِ الوضعِ القائمِ التاريخيّ وضرورةِ احترامِه، وتثبيتِ تسميةِ المسجدِ الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف كمترادفتين لمعنى واحد، وأن تلّةَ بابِ المغاربة جزءٌ لا يتجزأ من المسجدِ الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، واستخدامِ مصطلحِ ساحةِ البراق بدلاً من الساحة الغربية، وبمخاطبةِ إسرائيلَ بصفتِها القوةَ القائمةَ بالاحتلال، والمطالبةِ بتعزيز دورِ اليونسكو للحفاظِ على معالمِ المدينةِ القديمة. ومن هنا، تجدّدُ الحكومةُ هذا الموقفَ الأردني الثابتَ والراسخَ باستمرار، ومن منطلق الرعايةِ الهاشميّةِ التاريخيّةِ للمقدساتِ الإسلاميّةِ والمسيحيّةِ في القدسِ الشريف، التي يباشرُها مولاي صاحبُ الجلالةِ الهاشميّة، الوصيُّ على المقدساتِ في القدسِ الشريف.
كما ستعملُ الحكومةُ أيضاً على الدفعِ باتجاهِ تحقيقِ الحلِّ السياسيّ للمأساةِ السوريّةِ والذي يشددُ عليه صاحبُ الجلالة منذ اندلاعِ الأزمةِ السوريّةِ على أنّه الحلُّ الوحيدُ لهذه الأزمة.. حلٌّ يحققُ المتطلباتِ المشروعةَ للشعبِ السوريّ الشقيق بكلّ فئاتِه، ويعيدُ الاستقرارَ إلى سوريا ويرمّمُ نسيجَها المجتمعي، و يؤسّسُ لتوفيرِ البيئةِ المناسبة لعودةِ النازحينَ واللاجئين.
وستواصلُ الحكومةُ دعم جهودِ ترسيخِ الأمنِ والاستقرارِ ومحاربة الإرهابِ والتطرّفِ في العراقِ واليمن وليبيا وغيرِها من الدول الشقيقة، وبما يحقّقُ لشعوبِها الشقيقةِ الأمنَ والاستقرارَ والحياةَ الكريمة.
كما ستعمل الحكومةُ أيضاً على مواصلةِ جهودِها في محاربةِ الإرهابِ والتطرّف على مختلفِ الصعد، والتصدّي لخوارجِ العصر، والدفاعِ عن قيمِ ومبادئ دينِنا الإسلاميّ الحنيف، وقيمِنا الوطنيّةِ والقوميّة، والتصدّي لمحاولةِ الخوارجِ اختطافَها وتشويهَها، والذودِ عن مستقبلِ وطنِنا وأجيالِنا القادمة، وتنفيذِ استراتيجيّاتٍ وخططٍ وطنيةٍ تحاربُ كلَّ مظاهرِ الغلوِّ والتطرف. وسنواصلُ العملَ مع المجتمعِ الدوليِّ لصياغةِ نهجٍ شموليِّ للتصدّي لخطرِ الإرهابِ والتطرّف، وكذلك التصدّي للمشاعرِ المعاديةِ للإسلام، وهذا شأنٌ لا سكوتَ عنه ولا تقاعسَ تجاهه، فهو خطرٌ محْدِقٌ من الواجب أن نواجهَهُ بكلّ شجاعةٍ وبسالة، كما هو عهدُ الأردن دائماً.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ القضاءَ العادلَ والنزيه هو الدعامةُ الأساسيّةُ لدولةِ المؤسّساتِ والقانون، التي هي أبرزُ ميّزاتِ الدولةِ المدنيّةِ التي نَنشُد، حيثُ أعطتْ الورقةُ النقاشيّةُ السادسةُ مساحةً مهمّةً لها؛ لذا فإنّ الحكومةَ ملتزمةٌ باحترامِ استقلالِ القضاءِ الأردنيّ ونزاهتِه، وستسعى بكلّ الوسائلِ المتاحة لتقديمِ كلِّ أشكالِ الدعمِ لمتطلّباته، بما يكفلُ قيمَ العدالةِ والمساواةِ بينَ جميعِ المواطنين.
وفي هذا الإطار، وضمنَ جهودِ الحكومةِ لإنجاحِ مسعى اللجنةِ الملكيّةِ المكلّفةِ بوضع خطّةٍ شاملةٍ لتطويرِ الجهازِ القضائي، حدّدت الحكومةُ خطواتٍ عمليّةً لدعمِ استراتيجيّةِ تطويرِ الجهازِ القضائيّ وتعزيزِ سيادةِ القانون، حيث ستقومُ الحكومةُ بدعمِ عملِ اللّجنةِ الملكيّةِ وإنفاذِ مُخرجاتِها. كما سنسعى جاهدين بالتعاون مع مجلسكم الكريم، ووفقَ القنواتِ الدستوريّةِ الناظمة، وبموجبِ التوصياتِ التي ستقدّمُها اللجنةُ الملكيّةُ لتطويرِ القضاء، إلى تطويرِ القوانين والأنظمةِ المتعلّقةِ بالسلطةِ القضائيّة، وتعزيزِ إمكانياتِها بما يكفلُ تعظيمَ الإيجابيّات، وتحسينَ الأداء، وتلافي السلبيّات وتوفيرَ الإمكاناتِ المناسبةِ للقُضاة، وتوفيرَ بيئةٍ مؤسسيّةٍ عصريّةٍ للجهازِ القضائيِّ وأجهزتِه المساندة، وتحديثَ الإجراءاتِ والتشريعاتِ للارتقاءِ بعمليةِ التقاضي وإنفاذِ الأحكام. كما ستستكملُ الحكومةُ العديدَ من الإجراءاتِ التي تهدفُ إلى تقصيرِ أمدِ التقاضي، وتحسينِ مستوى الإجراءاتِ الإداريّةِ داخل المحاكم، وحوسبةِ عملِها.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ الحكومةَ تدركُ حجمَ التحدّيات التي تواجهُها قوّاتُنا المسلّحةُ الباسلة / الجيشُ العربي وأجهزتُنا الأمنيّة، والجهودَ التي تبذلُها في سبيلِ الذودِ عن حمى الوطنِ وأمنِهِ وسلامةِ أبنائِهِ، والمسؤوليّاتِ الجسامَ التي تتحمّلها على مختلفِ الصُعُد الوطنيّةِ والإقليميّةِ والعالميّةِ؛ فنشامى جيشِنا العربيّ وأجهِزتنا الأمنيّة خاضوا معاركَ الشرفِ والبطولة، دفاعاً عن الوطنِ والأمّة، وقاموا بدورٍ إنساني مشرِّفٍ في مختلفِ بقاعِ العالم، للحفاظِ على الأمنِ والسلمِ العالميين، وهذا ليس غريباً عمّن تأسّسَ على مبادئ ورسالةِ الثورةِ العربيةِ الكبرى، وظلّ ملتزماً بها.
ومن هنا، فإنّ التحدّياتِ المحيطةَ، وحالةَ الفوضى الإقليميّة، تتطلّبُ أن تبقى قوّاتُنا المسلّحةُ الباسلة، ومختلفُ أجهِزتنا الأمنيّة على أهبة الاستعداد، للحفاظِ على أمنِ الوطنِ واستقرارِه؛ وتلتزمُ الحكومة ُ بتوفيرِ كاملِ الدعمِ والرعايةِ لمؤسّساتِنا العسكريّةِ والأمنيّةِ لتبقى على الدوام بأعلى درجاتِ الجاهزيّةِ والاستعدادِ، وحصنِنا المنيعِ في وجهِ المتربّصينَ بأمنِ الوطنِ واستقرارِه.
كما ستدعم الحكومةُ بمختلفِ السُبُل والإمكانات المتاحة إجراءاتِ تطويرِ وتحديثِ وهيكلةِ قوّاتِنا المسلّحةِ والأجهزةِ الأمنيّةِ الذي أوعز به مولاي صاحبُ الجلالة، بما ينعكسُ إيجاباً على مستوى الخبراتِ والقدراتِ والكفاءاتِ التي تتميّزُ بها، وبما يسهمُ في تحصينِ جبهتِنا الداخليّة، وأداءِ واجبِنا تجاهَ الوطنِ وأبنائِه، ومحيطِنا العربيّ والعالميّ بأقصى درجاتِ الكفاءةِ والمهنيّةِ كما هو دأبُنا.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ الحكومةَ تتعهّدُ بالعملِ بكلّ ما أوتيَت من عزيمةٍ، وبهمّةٍ عاليةٍ، وبحزمٍ لا يلين، على أن تحقّقَ الإنجازَ والتقدّمَ في كلِّ المجالاتِ آنفةِ الذكر، وأن تنفّذَ برنامجَها الشاملَ بدقّةٍ متناهيةٍ، وبواقعيّةٍ عمليّة، دون مبالغةٍ أو تسويفٍ أو تنظير؛ لتنالَ من خلالِ مجلسِكم الكريم ثقةَ المواطنينَ، وشرفَ خدمتِهم التي نعتزُّ بها.
وستلتزمُ الحكومةُ بتكريسِ نهجِ التشاركيّةِ والتكامليّةِ في العملِ مع جميعِ المؤسّساتِ الدستوريّةِ، وستتّبعُ سياسةَ الانفتاحِ الدائمِ والحوارِ معَ الجميعِ حولَ مُجملِ الملفّاتِ الوطنيّة، فنحنُ في الحكومةِ نؤمنُ بأنّ هذا النهجَ هو الأمثل لصنعِ القراراتِ الأكثر ملاءمةً لواقعِنا ومصالحِنا الوطنيّةِ التي هي فوقَ كلِّ اعتبار.
إنّ الحكومةَ وهي تلتزمُ بالتعاونِ والتشاورِ مع السلطاتِ الدستوريّةِ في الدولة، ووفقَ أحكامِ الدستورِ والأعرافِ الديمقراطيّةِ الراقية، فإنّها تعي كلّ الوعي حقَّ مجلسكم الكريم الدستوريِّ في الرقابة والمساءلة، مثلما تدركُ حقَّها الدستوريَّ في الولايةِ العامّةِ بما هو ضمنِ اختصاصِها، عملاً بأحكامِ المادّة (45) من الدستور.
كما ستلتزمُ الحكومةُ بنهجِ الشفافيّةِ والمصداقيّةِ والوضوح، ولن تحيدَ عنه مطلقاً، وستسعى دائماً إلى مكاشفةِ مجلسِكم الكريم والرأيِ العام ومصارحتِه في مختلفِ الظروفِ والأحوال.
سيّدي الرئيــــــــس
حضرات النـــــوّاب الكرام
إنّ هذا البلدَ المباركَ الأمينَ يستحقٌّ منّا كلَّ جهدٍ مخلصٍ وعملٍ دؤوبٍ، وبهمّةٍ لا تلين ولا تستكين، كي يبقى قويّاً، منيعاً، شامخاً، سنداً للأهلِ والأشقّاء، ومنارةَ إشعاعٍ إنسانيٍّ يحظى باحترامِ العالمِ وتقديرِه، ينشدونَ فيه النصيحةَ والقيادةَ وسدادَ الرأي، بفضلِ قيادتِه الحكيمةِ، ورؤيتِها وبصيرتِها المتسلَّحةِ بالحقِّ والإيمانِ والعزيمة.
وختاماً، اسمحوا لي أن أتوجّهَ إليكم بجزيلِ الشكرِ وعظيمِ الامتنان، وآملاً أن ينالَ هذا البيانُ ثقتَكم الدستوريّةَ لنبدأ معاً، وبمبدأِ الشراكةِ الحقيقيّةِ، العملَ من أجلِ رِفعةِ الأردنِّ وخدمةِ أبنائهِ التي هي شرفٌ نطوّقُ به هاماتنا.
وإنني إذ أقفُ أمامَكم، طالبا ثقةَ مجلسِكم الكريم، برفقةِ زملائي أعضاء مجلس الوزراء، فإنني حريصٌ كلَّ الحرصِ على أن ننالَها، لنعملَ يداً بيد من أجلِ تنفيذِ رؤى جلالةِ الملكِ عبدِالله الثاني حفظهُ الله ورعاه، الراميةِ إلى خدمةِ الوطنِ، وتحقيقِ نموّهِ وازدهارِه، والعملِ من أجلِ رفاهِ أبنائِه.
بسم الله الرحمن الرحيم
"رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ" (آل عمران 8)
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.