الرئيسية مقالات واراء
د.محمد صاحب سلطان
من يتابع دقائق الأمور فيما يحدث بمنطقتنا العربية وما يحيطها،ويحاول أن يتوغل في دهاليز الأسرار للكشف عن خبايا الأحداث،يجد أن هنالك خيط وصل خفي يربط أحداثها،هذا الخيط يتحكم به لاعب أو(لاعبون يتناوبون مهمة العمل والإنجاز)،مثل محرك دمى، يتحكم بأدواته ببراعة،يمد الخيط ويرخيه متى شاء ويجذبه ويوتره متى شاء!،على وفق سيناريو مسرحيات الدمى الشهيرةفي القرن الماضي،بغية إضحاك جمهور الأطفال المنشدين ببراءة للعرض وهم لصيقي أجساد أمهاتهم أو آباءهم الذين يقومون بدور المفسر لبعض ما يقال كلٍ بحسب تجربته ووعيه!..وقد إنعكست لعبة الشد والتراخي هذه، على العلاقات الدولية ما بين دول المنطقة، فتحولت النزاعات بينها من طابع ثنائي وفردي الى طابع جمعي وتحالفي،بحيث أصبحنا نشهد،تكتلات محورية،يقودها طرف معلن وآخر خفي، لكن من يديرهما محرك دمى واحد!وعلى الأغلب، قطبان متفقان على تقاسم المصالح المستلبة من شعوب المنطقة المبتلاة بمن يقود من دون كفاءة أو تخطيط، وعليه أضحت أهمية دراسة النزاع الدولي، تكمن في إبراز دور العامل الجغرافي وتأثيره على سلوكيات الدول،وبالأخص في إثارة الصراعات الدولية،خاصة إذا إرتبط الأمر بأهمية منطقة جغرافية لطرفين أو أكثر، أو إذا كانت هذه المنطقة تحظى بأهمية إقتصادية أو إستراتيجية،فضلاً عن دور العامل الأثني الذي يبرز كذريعة لتدخل القوى الدولية في المناطق التي تراها ذات أهمية جيوستراتيجية،ولهذا فإن الجغرافيا،تبرز كعامل مساعد في زيادة إحتمالات الدخول في صراعات بين دول تنطوي على مصادر صراعية أخرى،مثل الإختلافات الآيدلوجية وإختلاف طبيعة الأنظمة، أذ شكلت النزاعات ذات الطابع الأثني ذريعة للتدخل الخارجي،بدافع القرابة والإنتماء الأثني الواسع،حيث يصبح البديل الأقل تكلفة والأكثر فعالية من حيث التنسيق الداخلي،هذا إذا أضفنا مدى إسهامها في توسيع دائرة الأطراف المتصارعة،وبالتالي فإن ما يبدو،صراعاً داخلياً قد يتحول الى صراع دولي،علني أو خفي،وبالتالي لا يعود صراعاً داخلياً،،فعندما يشاهد المرء،النيران وهي تشتعل في بعض المدن العربية،وتحرق أطفالها وتشرد أهلها،فإن الكتابة بلغة التحليل والعقل تصبح نوعاً من التواطؤ، وإثماً لا يقل عن إثم التستر على هذا العدوان،مهما كانت دوافعه،بحجة إلقاء اللوم على المتخاصمين،تهرباً من المسؤولية الأخلاقية في الوقوف الى جانب بلدان شقيقة،تواجه المجازر الأضخم في التأريخ ،ماذا يتذكر غير النفط العربي؟ تلك النعمة التي تحولت الى نقمة،ويتذكر ترامب وروحاني وبوتين ونتنياهو، وعلى سبيل المثال،إن جميع من إستقرأوا أسباب الإحتلال الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣،بمهنية،دراسة أو تحليلاً أو تعليقاً، أجمعوا على إن نفط العراق،هدف أساسي، فالإدارة الأمريكية، ترى في النفط العراقي ورقة جيوسياسية، يسيطر من خلاله على منافذ التوزيع وبالتالي يسيطر على العالم، ربما لن نتخيل أن للرؤساء المتحكمين بقرار منطقتنا،دخلاً في فطورناً!،فهم يعيشون تحت جلودنا، ترامب مثلاً، يعد تلميذاً نجيباً لرجل كان صاحب حجر الأساس في نجاح نظام الرأسمالية،الذي تشرب على نظريات(فرويد)عن الطبيعة الإنسانية وغرائز الإنسان لإرتكاب أفعال حيوانية أو غير عقلانية،وجعل الحكومات تحل محل الجهات الأكثر تأثيراً على غرائز الإنسان الوحشية، بيد أن المؤسسات المسيرة لترامب وطاقمه الحكومي،التي أسهمت في تحويل ثقافة الإستهلاك بناءاً على حاجات البشر الى ثقافة مستهلكة بناءاً على إستغلال رغباتهم وغرائزهم الأنانية التي تُلِّح على إشباعها طوال الوقت،هي وراء مصائب منطقتنا وإستمرار إشتعال حرائقها،وتلك هي المشكلة!!؟