الرئيسية مقالات واراء
كتب تامر البواليز - دقائق معدودة من المشاهد المصورة بهواتف بعض طلبة مدرسة الفيصلية التابعة لمديرية التربية والتعليم في مادبا كانت كفيلة بإثارة حفيظة الرأي العام ووسائل التواصل الإجتماعي، وعلى وجه التحديد بعد انتشار مقاطع فيديو لطلبة المدرسة أثناء قيامهم بإثارة الفوضى وتكسير المقاعد بطريقة تؤشر لوجود ردة فعل عدوانية وهمجية عند فئة من طلبة المدارس والغاية منها التعبير عن مشاعر محددة سواء أكانت تعنيهم بشكل مباشر أم لا تعنيهم بالمطلق.
التفاصيل كثيرة حول ما حدث في الفيصلية ذلك اليوم، وتبقى ظاهرة الأحكام المجتمعية تطغى على المشهد لتصدر رأيها بعيدًا عن الولوج في التفاصيل الدقيقة التي دفعت الطلبة لذلك التصرف غير الاخلاقي، وبطبيعة الحال سيبقى مشهد البرميل المقذوف من أعلى درج المدرسة يحمل في جعبته سرًا خطيرًا وراء تلك الدوافع التي منحت الطالب رخصة التصرف بهذه الطريقة.
الأيام القليلة الماضية شهدت تراشقا للتصريحات بين وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين، معظمها اقتصر على الحدث بعينه، ويوم أمس تحديدًا اتخذت مديرية التربية والتعليم قرارها المفاجئ بنقل جميع المعلمين في المدرسة، وصرحت في نفس الوقت بأن لا شأن للقرار بالأحداث؛ فهو مجر نقل فني إداري روتيني ومن حق المديرية، وأشارت في نفس الوقت لعدم إنتهاء التحقيقات على الرغم من التصريحات الصحفية التي أعلنها وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي محافظة وقال فيها بنص واضح وقطعي لا جدل فيه أن المعلمين هم المذنبين فقط.
وزارة التربية والتعليم في هذه القضية امتلكت جرأة كبيرة حين هاجمت المعلمين واتهمتهم بشكل مباشر أمام وسائل الإعلام والمجتمع الأردني، ونقابة المعلمين سجلت تصريحات متعددة، البعض منها دافع بقوة عن المعلمين وانتقد اتهام الوزير لهم، والبعض منها أدان المعلمين وأثنى على قرار نقلهم من المدرسة.
من يتحمل مسؤولية العنف؟
هذا التساؤل سيبقى حاضرًا ومتجددًا وستطوى صفحة الفيصلية بعد أيام قليلة، إلا أن الأرضية والبيئة المدرسية التي احتضنت العنف ما زالت خارج دائرة الاهتمام! وستبقى مؤسسة التربية والتعليم تعاني من أزمة عميقة جدًا على الصعيد الفني والإداري الذي ينعكس سلبًا على مخرجات التعليم، وسيبقى المعلم -أيضا - هو الضحية والجاني في ظل تراجع مكانته الاجتماعية والاقتصادية، وعدم توفر ظروف العمل المناسبة له من أجل تعزيزه وتحفيزه على العطاء إلى متى؟!