الرئيسية مقالات واراء
ما يجري على الدوار الرابع ليس حراكا شعبيا عابرا أو مؤقتا، من الواضح أنه بات يشكل نهجًا شعبيًا جديدًا يوازي النهج الرسمي الذي تتم المطالبة بتغييره، هذا النهج الشعبي يتبلور ويتشكل مدفوعا بحالة تراجع شاملة يعيشها الواقع الأردني وعلى جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومحاطة بعدم وجود أدنى درجات الثقة بكل ما هو رسمي، ومحاصرة كذلك بانعدام رؤية للضوء في الأنفاق التي سلكتها الحكومات المتعاقبة وأدخلتنا فيها.
عنوان المطالبات التي يحملها حراك الرابع هو تغيير النهج، هذا العنوان كبير وعريض يشمل النهج السياسي إلى جانب النهج الاقتصادي وغيره، وهو تعبير آخر من تعابير الإصلاح الشامل الذي مهما يحيد عنه صانع القرار يبقى هو المطلب الجماهيري الأبرز للعبور إلى المستقبل.
مرورا بكل هذا الحديث لابد من لفت الأنظار إلى أن ثمة متغيرات طرأت على الحركة الاحتجاجية منذ بداية الربيع الأردني إلى هذه اللحظة، أبرزها أن الكتلة الأكبر من الحركة الاحتجاجية تمثل قطاع الشباب من جيل التسعينيات الذي يظهر حيوية كبيرة في حضوره في الشارع متخطيا كل عوامل الإعاقة والتثبيط بما في ذلك محاولة تقييده على السوشيال ميديا من خلال مشروع قانون الجرائم الإلكترونية أو غيرها من أنواع الرقابات الأخرى.
المتغير الآخر، أن هوامش التجاوب الشعبي مع الوعودات وتغيير الوجوه والحكومات باتت اليوم ضيقة إن لم تكن معدومة، مما يرتب على صانع القرار إدراك أن سياسة تقطيع الوقت غير مفيدة في هذا الظرف بالغ الحساسية والخطورة.
هذا يستدعي بلورة خارطة طريق وطني وبإرادة تعكس حاجة ذاتية للإصلاح الشامل وفق برنامج زمني محدد ينبثق عن حوار وطني شامل وعقد اجتماعي جديد.
إلى ذلك فإن محاولة تجاهل هذا الحراك في الإعلام التقليدي، هي محاولة بائسة تعبر عن عقلية قديمة في استخدام أدوات عفى عليها الزمن وتجاوزها التاريخ بسبب وجود المواطن الصحفي الذي يجيد التعامل مع ثورة تكنولوجيا الاتصال الرقمي.
خلاصة الأمر، أن حركة الاحتجاج الشعبي التي نراها اليوم على الرابع قد تنتقل إلى المحافظات التي تحمل موجبات تحركها أكثر من العاصمة، وهي مختلفة عن سابقاتها وغير تقليدية، وما كان غير تقليدي يجب التعامل معه بجدية وبغير الأدوات التقليدية، ما يعني الإصغاء لمطالب الشارع والاستجابة لها وفق مبدأ تحويل التحديات إلى فرص.