الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    القفز للأمام

    أعتقد أن الحكومة بحاجة للتفكير بعقل بارد في طريقة التعاطي مع الشعارات المرفوعة في الشارع، واعتقد أيضا أن الأفكار السريعة والمعالجات المتسرعة، قد لا تفيد بإقناع بعض الذين يخرجون كل يوم خميس للتظاهر بالقرب من الدوار الرابع بالسكوت والعودة للبيوت.

    يبدو لي أن الحكومة باتت تفكر في بداية كل اسبوع بنهايته، وبعدد من سيقف في الرابع، وإن كان سيأتي منخفض جوي يقلل عدد الحاضرين أم لا، وإن كان سيرتفع العدد أم سيقل، ولذا فإنني أعتقد جازما أننا بتنا بحاجة للخروج من الدائرة تلك، والتفكير بشكل اشمل واوسع، فالتشكيك بهذا المتظاهر او ذاك وسرد تفاصيل عن سيرة تلك السيدة أو ذاك الشاب لا يفيد، ولن يقنع احدا، كما ان الهجوم على البعض سواء في الداخل او الخارج لن يجعل الناس تمتنع عنه، وربما يرتفع عدد المتابعين.

    الاصل تغيير النهج وطريقة التفكير بالمعالجات، وعدم الركون لطرق قديمة عفا عليها الزمن، فرد الهجوم بهجوم لا يفيد، وتوسيع عدد المعتقلين قد يوسع رقعة المحتجين، واستخدام الماء لإبعاد المتظاهرين طرق قديمة ستحرج الحكومة أكثر مما تفيدها، كما ان فتح حوارات مع فعاليات حراكية لا اعرف كيف يتم اختيارها ومن الطرف الذي يختار هذا ويترك ذاك ايضا لن يقنع الجميع، فالحكومة إن أرادت ايصال رسالة عليها ان توصلها لكل الشعب وليس لطرف دون آخر، وهي ايضا ان ارادات الحوار فعليها فتحه بشكل معلن وواضح وصريح، وان يكون حوارا يصل في نهاية المطاف لطريق توافقي يؤيده الجميع دون استثناء.

    الحل بسيط وواضح، الحكومة عليها ان تقفز للأمام، وتلتقط ما يريده الناس، وتذهب أبعد حتى من الشعارات التي يرفعها البعض في الرابع وغيره، عليها ان تعلن عن إصلاح سياسي حقيقي، إصلاح عماده إعادة النظر في النظام الانتخابي دون محاصصة ودون حسابات ضيقة، وعليها ان تعلن عن دولة المؤسسات والقانون التي يكون فيها الوزير والغفير امام القانون سواء قولا وفعلا، وان تؤسس لهذا الشكل من الدولة التي يجب ان يكون عمادها المواطنة، بذلك تستطيع الحكومة ان تكشف حقيقة نوايا الجميع، وتفرز من يريد فعلا اصلاحا حقيقيا ودولة يسودها القانون، ومن يرفع الشعارات للاستفادة لاحقا وحجز موقع متقدم له.

    الحكومة إن قفزت بالاصلاح السياسي، ستكون قد قطعت سواد الطريق الصحيح باتجاه ديمقراطية شعبية، ولكن قبل ذاك عليها ان تعي وتؤمن وأن تقنع كل اطراف الدولة أن الاصلاح يجب ان يكون حقيقيا وجادا وليس ديكورا فقط، وأن نعمل لإخراج قانون انتخاب حقيقي دون ان نحسب حصة هذا وحصة ذاك، من هنا نستطيع ان نبني دولة المؤسسات والقانون، وان يكون لدينا مجلس نواب قوي.

    طبعا انا شخصيا لا أدعو لحل مجلس النواب سواء اليوم او غدا او بعد غد، وأعتقد أن أي مجلس نواب سواء كان قويا او ضعيفا افضل من عدم وجود مجلس نيابي، واستذكر انه لطالما رفعنا الصوت قبل التحول الديمقراطي للمطالبة بعودة الحياة البرلمانية والانتخاب، وبالتالي لا يمكن ان أناقض نفسي واطالب بحل اي مجلس نواب سواء اعجبني ذاك المجلس ام لم يعجبني، ولكني في الوقت نفسه اراني مؤمنا بقوة بأهمية ان يكون اي قانون انتخاب مقبل بعيدا عن الحسابات الضيقة التي كانت تحكم قوانين الانتخاب الكثيرة التي خرجت خلال الفترة الماضية، وبعيدا عن تدخلات وتخوفات اي طرف.

    صحيح ان الحكومة ذهبت بتوجيه ملكي للعفو العام، وسحبت قانون الجرائم الالكترونية واعادته للنواب معدلا بشكل افضل بكثير من القانون المسحوب، ولكن في خضم كل ذلك، فان المطلوب قفزة حقيقية للامام، وفتح حوارات جادة ومقنعة ومعمقة حول النظم الانتخابية المقبلة، سيما وان عمر مجلس النواب الحالي شارف على الانتهاء ولم يتبق سوى ما يقرب من 20 شهرا او اقل.





    [17-12-2018 01:41 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع