الرئيسية تقارير
أحداث اليوم - أحمد بني هاني - حافظ الأردن خلال السنوات الماضية على تحالفاته التقليدية المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية والسعودية والإمارات، إلا أن تمسكه بهذه التحالفات لم ينقذه من الوضع الاقتصادي الصعب خاصة في فترة الربيع العربي وما بعدها.
وحاول الأردن خلال الأشهر الماضية العمل والبناء من أجل عودة العلاقات مع سوريا والعراق، ونجحت مساعيه في فتح الحدود وعودة التبادل التجاري مع الجارين تمهيداً لعودتها على نطاق أوسع.
واستبعد المحلل الاقتصادي حسام عايش أن يخرج الأردن من عباءة تحالفاته التقليدية وأنه ما يزال يتعامل وفق منطق هذه التحالفات.
وقال عايش لـ "أحداث اليوم"، إن الأردن يساير السعودية والإمارات، كما أن الولايات المتحدة تتعامل معه باعتباره الحليف الجيد لها كما هي الحال مع السعودية والإمارات.
وأضاف أن المملكة لم تحاول استفزاز السعودية أو الإمارات بمواقف ربما تؤدي إلى علاقات أكثر توتراً، رغم محاولاته المستمرة بالبحث عن مخرج للوضع الاقتصادي الصعب.
وأشار عايش إلى أن الأردن يحاول ذلك دون ربطه بالموقف السياسي، وبالتالي فهو وازن بين متطلبات وضعه الاقتصادي التي تستدعي منه استخدام كل الأوراق المتاحة وبين موقفه السياسي.
وتابع أن الأردن يحاول أن يقيم علاقات مع دول من الواضح أنه لا يوجد هناك مواقف سلبية منها، رغم ان علاقته جيدة مع المحور الحالي (السعودية والإمارات) وإن كانت تأثرت في مرحلة من المراحل.
وبشأن عودة العلاقة مع العراق قال عايش إن علاقة الأردن بالعراقة تاريخية وفي فترة من الفترات كان الاعتماد على السوق العراقية ووضعه الاقتصادي أفضل عندما كانت العلاقة مع العراق جيدة.
وأوضح أن العلاقات ربما تتأثر بين الدول ولكن الموقف السياسي متقارب بين الأردن والإمارات، ولكن الواضح ان الأردن يملك هامش مناورة محدود ليحسّن وضعه الاقتصادي عن طريق الاقتصاد الحقيقي والتبادل التجاري وليس الاعتماد على المنح والمساعدات فقط.
وبيّن عايش أن هذه الخطوة ستوفر الوظائف للأردنيين وزيادة الصادرات الأمر الذي يسمح بالحصول على العملة الأجنبية لدعم الاحتياطي من العملات الأجنبية والوفاء بالتزاماته فيما يتعلق بالفوائد والأقساط والديون.
ولفت إلى أن العلاقات الاقتصادية مع الدول (العراق، سوريا، تركيا) بقيت مستمرة رغم كل التباينات السياسية وهذا أمر مهم بالسياسة، رغم مواقفه لما يحدث بالعراق وسوريا وتركيا.
وطالب عايش بأن يحسم الأردن موقفه بالعلاقات بين الدول لأن سياسته الحالية قد لا تكون ناجحة على المدى البعيد.
وزاد أن الأردن لا يبدل عباءته السياسية ولكنه يحاول إرسال رسائل اقتصادية لها معنى سياسي لدى الدول التي يتحالف معها بالسياسة لمزيد من الدعم والمنح والمساعدات، وحتى الآن لم تكن هناك استجابة بالشكل الذي كان يتوقعه الأردن.
وعن التحالفات أكد عايش أن الأردن يستطيع التحالف مع الكويت بأريحية، والعراق يلقى دعماً من السعودية وسوريا وتركيا رغم الخلافات السياسية إلا أن العلاقات مستمرة مع البلدين على أساس المصلحة المشتركة.
وأضاف أن الأردن عاد للبحث عن علاقاته الاقتصادية والسياسية مع تركيا وتطويرها بعد بقاء العلاقات مع السعودية والإمارات على ما كانت عليه سابقاً وعدم تحسنها.
واعتبر عايش أن زيارة الملك إلى تونس أمر لافت، خاصة أن تونس لها علاقات مع طرفي المحاور أي قطر من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى، وبالتالي الأردن ربما يحاول أيضاً الاستفادة من حالة التعادل في العلاقات التونسية مع المحورين المتنافسين.
وأشار إلى أن الاقتصاد التونسي مقارب للاقتصاد الأردني وهناك قبول للمنتجات والصادرات الأردنية في تونس وهو ما قد يتحقق في حال إقامة علاقات اقتصادية معها.
وأكد عايش أن الأمور ليست بهذه البساطة ولكن الأردن يحاول، رغم تفسير حركته الاقتصادية بنوع من الاحتجاج على عدم تقديم ما توقعه من المحور أي السعودية والإمارات.
بدوره أكد المحلل السياسي عامر سبايلة أن الأردن لا يغير عباءته التقليدية بقدر ما يحاول تنويع خياراته خاصة وأن موقعه الجغرافي يسمح له بذلك.
وقال السبايلة لـ "أحداث اليوم"، إن علاقات الأردن وتحالفاته بالمنطقة لا تكون مع طرف على حساب طرف آخر، ولكن هناك تفاهمات مع سوريا والعراق بحكم الموقع الجغرافي وتوجهه السياسي يجعله إلى جانب السعودية والإمارات.
وأضاف أنه لا يمكن أن يفرض أحد الحلفاء على الأردن بناء علاقات وتحالفات مع دول بعينها دون أخرى.
وأوضح السبايلة أن هناك خلل في منهجية التفكير بما يخص العلاقات مع سوريا والعارق، مطالباً الأردن باحداث تحول بالعلاقة السياسية معهما من أجل بناء اقتصادية طويلة الأمد تتسم بالديمومة والفائدة للطرفين.
وبشأن تحالفات الأردن مع تركيا أشار إلى أن تركيا قوة إقليمية في المنطقة والأردن غير معني في مواجهتهم وليس هناك أعداء، مبيناً أن الأردن يقيّم المصالح المشتركة.
وزاد السبايلة أن الأردن معني بتطوير الصناعات المحلية من خلال علاقته التجارية والاقتصادية مع تركيا بدلاً من إغراق السوق بالبضائع التركية.
وعن فتح الخطوط إلى تونس قال إن التركيبة التونسية مختلفة عن الأردن ونحن غير معنيين بالتركيبة، موضحاً أن هناك قسم يتعامل مع القطريين في المقابل تضخ قطر الأموال إلى تونس، وقسم آخر معادي للإخوان المسلمين ويتعامل مع السعودية والإمارات.
وتابع السبايلة أن الأهم هو إنجاح القمة العربية التي ستقام في تونس، وهي دولة لها قدرة أكبر على التواصل مع الدول وأهميتها تكمن هنا.
وعبّر عن عدم تفاؤله على احداث الأردن للتغيير الكبير، واصفاً الأردن بـ "كثير من الكلام قليل من الأفعال".
ولفت السبايلة إلى أن الأردن أمام تحدي كبير والأزمة الداخلية تتعمق على كل الصعد الاقتصادية والسياسية، وبالتالي فإن الأردن مطالب بمتابعة هذه الملفات وليس فقط عقد الاتفاقيات وإجراء الزيارات.
وزار الملك عبدالله الثاني خلال الأسابيع الماضية كل من تونس وتركيا والعراق، وركز الملك خلال اجتماعاته مع رؤساء الدول على التعاون الاقتصادي وفتح آفاق جديدة للمستقبل.
وقبل ذلك زار وفد برلماني أردني العاصمة السورية دمشق والتقوا بالرئيس السوري بشار الأسد على إثرها تم الاتفاق على فتح الحدود بد التأكد من أمن الحدود من الطرفين.
ويبقى السؤال الأهم هل تمثل عودة العلاقات مع سوريا والعراق وتركيا وبنائها مع تونس طوق النجاة للأردن للخروج من ضائقته الاقتصادية التي أنهكته لسنوات؟.