الرئيسية مقالات واراء
لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ(التين: 4)) ولا ننسى أن الله خلق سيدنا آدم عليه السلام بيديه تكريماً له ولذريته من بعده (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (ص: 75)). ولقد خلقنا الله بصفات راقية جداُ للغاية حيث زودنا بأرقى أنظمة للرؤيا والسمع والإحساس ... إلخ من بين جميع مخلوقاته. وزودنا بأرقى أجهزة الإتصالات اللاسلكية ولا أحد يستطيع أن يصنع مثلها لو تعطل أي منها (أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ، وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ(البلد: 8 و 9))، (ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون (السجدة: 9)) ... إلخ. وعندما صنَّع الإنسان جهاز الحاسوب حاول تشيبيه الإنسان ولكن شتَّان.
فأريد في مقالتي هذه أن أركز على كيفية عمل نظام السمع عند الإنسان Human Hearing System(HHS) بالذات مشاركة مع نظام الرؤيا معاً عند الإنسان مع ما زوده الله بذاكرة رئيسية في عقله. فعندما ينشأ الطفل بين أمه وأبيه وإخوانه يبدأ يسمع الأصوات ويتعرف على كل ما حوله من ناس وأشياء وأول ما يتعرف عليه هو صوت أمه عن طريق نظام السمع والبصر فيقوم بتخزين صوتها في ذاكرته ومن ثم يخزن صوت والده في ذاكرته وهكذا مع معلومات عن كل صوت. ومن ثم يبدأ الطفل في التعرف على ما حوله من أصوات أشياء بمسمياتها وبمعلومات عنها. فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن كيف يميز الطفل فيما بعد بين أصوات أمه وأبيه وإخوته؟!. أول ما يستخدم الطفل من أجهزته للتمييز هو أذنيه فيسمع اولا ثم يستخدم عينية فينظر إلى ما هو أمامه فيراه ويقوم بعد ذلك عن طريق احهزته العصبية والبصريه وغيرها بمقارنة الصوت الذي سمعه مع الأصوات والمعلومات المخزنة في ذاكرته فإذا تطابقت مع أي صوت مخزن في ذاكرته يتعرف عليه وعلى صاحبه أو مسماه فيميز أن ما يسمعه هو صوت أمه أو أبوه أو أخوه وإلا فلا يستطيع أن يتعرف على ما يسمعه من اصوات نهائيا.
وبعد ذلك تزداد معرفة الطفل بأصوات الأشياء التي حوله مع نموه وإزدياد سنوات عمره. وقاموسه الصوتي والمعلوماتي يزداد شيئاً فشيئاً فيتعرف على أصوات الحيوانات والأدوات الموسيقية وغيرها... إلخ. فعندما يتصل أي شخص معه على الهاتف يتعرف على صوته سواء صوت امه أو ابوه او غيرهما. مستخدماً نظام السمع ويقارن بالتعاون مع أجهزته الأخرى ما يسمعه مع ما تم تخزينه في ذاكرته من أصوات ومعلومات عنها. فإذا سمع صوت امه او والده وقارنه مع الأصوات االمخزنه في ذاكرته يستدل عليه ويقول هذا صوت ابي أو امي. ولهذا السبب عندما يسمع أي صوت غير مخزن في ذاكرته لا يستطيع التعرف عليه ويسأله من انت؟ ويجيبه ويتم في الحال تخزين الصوت ومعلومات عنه. فإذا سمعه مرةً ثانية يتعرف عليه فوراً. ولكن إذا تعرض الإنسان لتلف في ذاكرته لسبب ما تمسح عنده بعض تلك الأصوات ومعلوماتها فعندها لا يستطيع أن يتعرف عليها. لأنه يستطيع أن يسمع اصوات بنظامه السمعي ولكن لا يستطيع أن يقارنها بما هو مخزن عنها من قبل في ذاكرته.
وذلك لأنها مسحت بسبب التلف الذي لا يتجدد في خلايا الذاكرة. وهذا ما يحصل عند كل إنسان يعاني من مرض الزهايمر. نسأل الله أن يمتعنا في جميع أجهزتنا أبداُ ما أحيانا رب العالمين.