الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الضميــــر والإدراك

    ما هو الضمير؟ هل الضمير ينمو ويُصْقَل في النفس البشرية منذ الطفوله؟ أم منذ أن ينفخ الله الروح في الجنين في رحم أمه؟ وهل يتأثر الضمير مع الأحداث التي يمر فيها الإنسان خلال فترات حياته المختلفة ونعني الطفولة، الشباب والشيخوخة؟ فهل يصبح عند الإنسان أكثر من ضمير؟ وكم نسبة تأثير الوالدين في ضمير الأولاد؟ مقابل نسبة تأثير الأحداث التي يمر فيها الإنسان في المجتمع؟ وهل الفقر والغنى عوامل مهمه في التأثير على الضمير؟ هل الظروف الثقافية والإقتصادية والمالية والسياسية ... إلخ لها تأثير على الضمير؟ وما هو الفرق بين الضمير والإدراك؟ نحاول فيما يلي الإجابة والتعليق على قدر المستطاع.

    كما قال بعض العلماء الضمير هو مجموعة من المبادئ الأخلاقية التي تسيطر أو تتحكم في أعمال الشخص وأفكاره، وهو يشمل الإحساس الداخلي بكل ما هو صحيح أو خاطئ في سلوك الشخص أو دوافعه، وهو ما يدفعه للقيام بالعمل الصّحيح إذا كان الضمير حياً وهو إحساس أخلاقي داخلي عند الإنسان، تُبنى عليه تصرفاته،ويحدد الضمير درجة نزاهة وأمانة الإنسان، وشعوره بالسلام الداخلي نتيجة نقاء ضميره. يتشكل الضمير عند الإنسان من خلال القيم الموجودة على مدار التاريخ البشري، مثل الصواب والخطأ، والخير والشر، والعدل والظلم، ويمكن لهذه القيم أن تتشكل من خلال بيئة الإنسان التي يعيش بها. حيث يتأثر ضمير الإنسان بالبيئة الثقافية، السياسية، والاقتصادية التي يعيش بها، وكلما اقترب عقل الإنسان الباطني من الضمير أصبح لديه تصوراً أعلى لهذه المفاهيم، ويحدد الضمير درجة نزاهة الفرد، وهو أعلى سلطة في الفرد، فهو يقيّم المعلومات التي يتلقاها الإنسان، ثم يحدد طبيعة التصرف إن كان خيراً أو شراً. وكما قيل من بعض العلماء أنه يتم الخلط عادة بين الضمير والإدراك، والتي يساء فهمها من قبل العديد من النّاس، فالإدراك هو وظيفة من وظائف العقل، حيث يتلقى العقل المعلومات ويعالجها، ثم يخزنها أو يرفضها ويتم ذلك بمساعدة عدة عناصر وهي: الحواس الخمسة، وقدرة العقل على التفكير، والذاكرة، والخيال، والعاطفة، حيث تنقل الحواس الخمس المعلومات إلى العقل، والذي يحكّم هذه المعلومات بدوره، ويعالجها من قبل الخيال والعاطفة، لتخزن الذاكرة هذه المعلومات أو تمسحها. ومن الجدير بالذكر أنّه كلما زادت المعلومات التي تمكن الإنسان من جمعها ومعالجتها، أصبح الإدراك والوعي لديه أكبر، ويختلف الإدرك عن الضمير في آلية عمله، حيث تعد آلية عمل الإدراك معقدة جداً مقارنة مع آلية عمل الضمير والتي هي أبسط بكثير.

    نقول بعد هذه المقدمة أن النفس لها تأثير كبير على الضمير(وهنا يأتي تأثير نفوس الأبوين على الأولاد ومن حولهم من الأقارب والأصدقاء ... إلخ) ولقد كتبنا عن أنواع النفوس وهي ثلاثة أنواع: النفس الأمارة بالسوء، واللوامة والمطمئنه. فمن السهل جداً أن يتشكل الضمير عند صاحب النفس المطمئنه بحيث يكون ضمير حي وصاحي ولا يقبل أي تصرف فيه مخالفة لتعاليم رب هذا الكون ومن الصعب أن يؤثر عليه أياً مما ذكر سابقاً. وأما النفس اللوامة من الممكن أن تخضع للتغيير في ضميرها لأنه عندها الخطأ واللوم وتتراجع عن الخطأ. وأما النفس الأمارة بالسوء فهي منذ البداية ليس لديها ضمير حي وصاحبة ضمير متقلب من سيء إلى أسوأ فأسوأ وهكذا.

    فنسأل الله أن نكون صاحبي نفوس لوَّامه أو مطمئنه حتى نكون من أصحاب الضمائر التي لا تفعل الشر وإن فعلت الشر تتراجع عنه ولا تستمر فيه. والسؤال الذي يتبادر للذهن هل عدد أصحاب الضمائر الميتة والنائمة والتي لا تخاف الله قليلة أم كثيرة؟ الجواب في الآيتين (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (الأعراف: 179)، (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (الفرقان: 44)).





    [27-03-2019 08:56 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع