الرئيسية أحداث فلسطين
أحداث اليوم -
عندما كان يهم الأطباء بإدخال الشهيد المسعف ساجد عبد الحكيم مزهر (17 عاما)، إلى غرفة العمليات لإجراء عملية جراحية له بعد اصابته برصاصة في البطن، رفع إشارة النصر فالتقط أحدهم له الصورة الأخيرة قبل أن يرتقي شهيدا.
مزهر استشهد متأثرا بجروحه التي أصيب بها خلال محاولته تقديم الإسعافات الأولية للشبان المصابين خلال المواجهات التي اندلعت مع جيش الاحتلال قرب شارع القدس- الخليل الرئيسي إثر اقتحام مخيم الدهيشة جنوب مدينة بيت لحم.
فتح استشهاد ساجد جرحا جديدا لم يلتئم، فقد سبق استشهاده بأسبوع واحد ارتقاء "شهيد النخوة" أحمد مناصرة عند حاجز النشناش العسكري المقام على مدخل بلدة الخضر الجنوبي في بيت لحم
بينما كان يحاول إنقاذ أحد المصابين برصاص الاحتلال، ساجد وأحمد ارتقيا بظروف مشابهة ليكونا شاهدين على فظاعة المحتل.
لم تشفع لساجد سترة الإسعاف التي كان يرتديها، ولم يكترث الاحتلال للرسالة الإنسانية التي يؤديها في تقديم العلاج للمصابين وإنقاذ حياتهم
ليطلق عليه جنود الاحتلال الرصاص الحي ويرتقي شهيدا في المكان ذاته الذي استشهد فيه ابن عمه ورفيق دربه أركان قبل حوالي ثمانية أشهر، ليدفن ساجد إلى جواره.
يقول عبد الحكيم مزهر والد الشهيد "ساجد كان متعلقا بابن عمه كثيرا، وجمعتهما صداقة قوية، وعندما استشهد أركان كتب ساجد (وين رحت يا ابن عمي تركتني ولمين)".
بحسرة كبيرة والدموع تذرف من عينيه على فراق فلذة كبده، أضاف عبد الحكيم: "خبر إصابته علمت بها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، عندما نشر خبر يقول إن مسعفا أصيب بجروح خطيرة، عندها قلت لزوجتي ابننا المصاب، وللأسف صدق حدسي".
ويتابع "ابني يمتلك هاتفين محمولين وعندما توجه إلى ساحة المواجهات لتقديم واجبه الإنساني بإنقاذ المصابين، أخذ هاتفا واحدا وأبقى الآخر في المنزل
وخلال ذلك رن الهتاف فأجاب شقيقه خليل، وكان أول شيء قاله المتصل "ساجد وين إصابتك؟" ظنا منه أن المجيب ساجد، هنا تأكد الأمر لدينا أنه أصيب".
"حاولت منعه من الخروج خوفا عليه، وكانت المرة الوحيدة التي ودعته فيها وقلت له ربنا يسهل طريقك ودير بالك على حالك، فأجابني يابا ما تخاف إحنا مسعفين وما بطخوا علينا"، استذكر الوالد.
ويقول "ساجد كان مستقبلي، كنت أرى فيه سندي في الحياة، ذهب ولن يعود، احتسبه عند الله شهيدا، خطفوا فرحة نجاحه في الثانوية العامة، كنت أنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر".
وعلى مقربة من قبر الشهيد ساجد كانت جدته أم والده، غير قادرة على الحركة ويساعدها اثنان، تذرف الدموع وتقول: "ما أعز من الولد إلا ولد الولد، وين رحت يا ستي، ذقت حسرتك، وما زالت حسرة ابن عمك تنهش مهجتي".
يفيد زميله في طاقم الإسعاف بالإغاثة الطبية، الذي كان إلى جانبه لحظة استهدافه برصاص الاحتلال عبد المهدي غريب بأن ساجد هو من أبلغهم بوجود وحدات خاصة وقوات احتلال في مخيم الدهيشة واندلاع مواجهات تقريبا عند الساعة 1:30 فجرا، حيث توجهنا لإسعاف مصاب قبل ان تنسحب القوة.
وعند الساعة السادسة صباحا عادت الوحدات الخاصة وقوات كبيرة من جيش الاحتلال لتقتحم مخيم الدهيشة، وتوجه طاقم مكون من 12 مسعفا من ضمنهم ساجد
وقمنا بإسعاف مصاب في اليد وقتها كان ساجد في المقدمة، باغتته رصاصة من الوحدات الخاصة، فسقط على الأرض وأخذ ينطق بالشهادتين، وكان يطلب منا عدم إخبار أمه "ما تحكوا لأمي".
قال غريب إن الشهيد متطوع منذ سنتين، وكان حاضرا في ماراثون فلسطين الدولي السابع في بيت لحم.