الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    غرقی في بحر التسعین ملیار دولار

    ھذا رقم مذھل، حین تصل دیون الحكومة، والناس، معا، إلى تسعین ملیار دولار تقریبا، وھو ما یطلقون علیھ الدین القومي، وھو مصطلح، لا علاقة له بالقومیة ولا بالزھو بھا أصلا.

    الرقم الذي یشمل دیون الحكومة التي تصل إلى أربعین ملیار دولار، فیما الـخمسون ملیار دولار دیون المؤسسات والشركات والمواطنین، رقم صعب بكل ما تعنیه الكلمة، وھذا یعني بكل بساطة ووضوح، ان ھناك حالة غرق عامة لا تستثني أحدا من تأثیراتھا.

    الحكومات من جھتھا، تبرر غرقھا في ھذه الدیون بذرائع شتى، لكن ما یمكن قوله ان الدین العام، ھنا، دین یؤذي البلد، ویتسبب
    بآثار كارثیة، على مستوى الاقتصاد، وارتداد الدین على المواطنین، وعدم وجود أي افق، لسداد ھذا الدین، كلیا او جزئیا، بما یعني اننا امام ازمة كبرى، لا یمكن التنبؤ بفصولھا، برغم كل محاولات التطمین، وجدولة المخاوف.

    ذات الدین العام المرتبط بالحكومات، ارتد بشكل أو آخر على دیون المواطنین، أي الـخمسون ملیار دولار، وقد تسببت سیاسات الحكومات من جھة، وقلة الدخول وغیاب السیولة ونزعات الاستھلاك والتورط في الشراء عبر البنوك، سواء الشقق أو السیارات،

    والحصول على تسھیلات مالیة، وتغطیة نفقات الحیاة، من تعلیم وعلاج، واغلاقات القطاع الخاص، وانخفاض الدخول، إلى لجوء المواطنین للاقتراض بالفوائد، من المصارف، أو الاقتراض بین المواطنین انفسھم، وھذا یعني أن الكل یعاني من مشكلة ما، على صعید دیونه الشخصیة، والأدھى والأمر، ان القدرة على السداد تتراجع، یوما بعد یوم.

    علینا أن نتحدث بصراحة، ھنا، إذ كیف یمكن لنا، ونحن بھذه الحالة، على مستوى دیون الخزینة، أو دیون الافراد، ان نمتلك ونصون سیادتنا السیاسیة، فالقطاعات كلھا مرھونة للمصارف الداخلیة والخارجیة، على مستوى الحكومات، وعلى مستوى الافراد، وبلد مقید بھذه الطریقة، لا یمكن لھ ان یقف في وجھ أزمات كثیرة، فھو في اضعف حالاتھ، والكلام ھنا لا یأتي انتقاصا من مكانة البلد، بل تعبیر عن ھشاشة عامة لا یمكن ان تعزز قدرتنا بشأن قضایا كثیرة.

    الجانب الآخر یرتبط بملف الفوائد، وقد ثبت لمن كان لا یرید ان یصدق ان الفوائد بحد ذاتھا كارثة كبرى، تجعل خلاص الخزینة أو المواطنین من الدیون امرا صعبا جدا، وھذا الجانب الربوي، الذي یسمى فائدة، یسحق الإمكانات على المستوى العام وعلى المستوى الفردي.

    سیكون مؤكدا، ان ھذه الأرقام، سوف ترتفع مع نھایة العام، فالخزینة تواصل الاقتراض ومؤسسات القطاع الخاص تواصل الاستدانة، والافراد یتورطون في قروض جدیدة، وبین أیدینا ملف جدید یعطینا الدلیل على التحولات الاجتماعیة الخطیرة، التي تعصف بنا، حین تتورط عشرات آلاف النساء، في قروض، بصفتھن مقترضات، أو كفیلات، بعد ان أدت التحولات الاجتماعیة الى قبول المجتمع شراكة المرأة الاقتصادیة بمعناھا الإیجابي، وبصورتھا السلبیة التي تعني تورطھا في القروض، من اجل احتیاجاتھا، أو انقاذ أسرتھا.

    ھذا یقود الى الاستخلاص الأھم، أي أن كل ھذا الدین القومي لیس مجرد رقم اصم، إذ أن تسعین ملیار دولار، تعني انتاجا جدیدا
    للبلد، وللبنیة الاجتماعیة والاقتصادیة، ونرى كیف ان كل شيء تغیر، وھذه التغیرات متواصلة، على كل المستویات، بسبب الإرھاق المالي الشدید.

    قد یرد الخبراء ھنا، بالقول ان كل دول العالم، تعاني من أزمات دیون على الخزینة، وكل دول العالم علیھا دیون داخلیة أو خارجیة، إضافة إلى أن دیون الافراد في كل دول العالم مرتفعة، وھذا الكلام صحیح، لكنني ھنا، اتحدث حصرا عن الأردن قبل عقد من الزمن، ومن حقنا ان نسأل لماذا حدث ھذا التدھور السریع على مستوى مدیونیة الخزینة والافراد، وما علاقة سیاسات الحكومات بدفع الأفراد للاقتراض، واغراقھم بالدیون، بدلا من تولید الفرص الاقتصادیة العادلة، ھذا فوق أن فرض الضرائب، وإلغاء الدعم والحمایة عن المواطنین في قطاعات كثیرة، أدى الى نقل مشكلة العجوزات من الدولة إلى المواطنین.





    [30-03-2019 09:11 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع