الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    أکلت یوم أکل الثور الأبیض

    من جیل إلى جیل انتقلت قصة الأسد الذي افترس ثلاثة ثیران وتعلمنا مغازیھا كدرس في الخداج، ومع ذلك یبدو أن كثیرین لا یتذكرون القصة برمتھا. فالأنظمة العربیة ما تزال عاجزة عن الدفاع عن مصالح بلادھا الحقیقیة لأن النظام العربي ممزق وھش وتنافسي ومخترق.

    لا یبدو أن الرئیس دونالد ترامب یحترم الأنظمة العربیة، فھو یتطاول علیھا جھارا نھارا ولا تملك ھذه الأنظمة إلا أن تظل جاعلة بواشنطن وجھة دائمة لھا تحت وھم التحالف معھا، فقبل أشھر قلیلة مضت اعترف ترامب بالقدس عاصمة موحدة وأبدیة لإسرائیل ضاربا بعرض الحائط مرجعیات عملیة السلام والقانون الدولي الذي لا یتغنى به سوى الضعیف والعاجز أو غیر الراغب في المواجھة.

    ربما لم یتفاجأ الرئیس ترامب من الرد العربي الرسمي الضعیف، فھو ینتمي إلى مدرسة تقول بأن الأنظمة العربیة ھي من تحتاج الولایات المتحدة ولیس العكس، وترى ھذه المدرسة أیضا أن الأنظمة العربیة معزولة عن شعوبھا وبالتالي غیر قادرة على صناعة الفرق.

    وكأن ضربة القدس غیر كافیة، فالرئیس ترامب قرر أن یوظف ھضبة الجولان السوریة المحتلة في سباق الانتخابات الإسرائیلیة لیسعف صدیقه نتنیاھو الذي تراجع لصالح قائمة ”أبیض وأزرق“ بقیادة رئیس ھیئة الأركان الإسرائیلي السابق بني غانتس. وھكذا وبدماء باردة یعترف ترامب رسمیا بسیادة إسرائیل على الجولان السوري متناسیا أنھا أرض محتلة وأن ھناك قرارا لمجلس الأمن ینص صراحة على عدم الاعتراف بضم إسرائیل للجولان في العام 1981 .وھو أیضا یتجاھل مواقف الإدارات الأمیركیة السابقة بشأن الجولان ویقفز عن المفاوضات بین الإسرائیلیین والسوریین التي أفضت إلى استعداد إسرائیل للانسحاب من ھضبة الجولان.

    لم یقف أمام ھذا الاتفاق سوى بضعة أمتار شرق بحیرة طبریة عندما أصر الجانب الإسرائیلي على أن یكون الحد الفاصل ھو حد الانتداب للعام 1923 والذي یمنح إسرائیل بضعة أمتار شرق بحیرة طبریة – ما یجعل البحیرة كاملة ضمن الأراضي الإسرائیلیة – في حین أصر الجانب السوري على خط الرابع من حزیران الذي یمنح سوریة الوصول إلى الشاطئ الشرقي لبحیرة طبریة.

    لنقل بكل صراحة أن الذي شجع ترامب وغیره في التطاول على الحقوق العربیة ھو التنافس المریر بین الأنظمة العربیة التي لا تقف وقفة رجل واحد عندما یتم قضم حق إحدى ھذه الدول، فالأمیركان بھذا المعنى یعرفون جیدا أن مصالحھم لیست عرضة للتھدید عندما یقوم البیت الأبیض بمنح القدس كاملة إلى إسرائیل! وما من شك أن موقف الأنظمة الخجول من القضیة ھو ما شجعه مرة أخرى لتقدیم الجولان السوریة ھدیة لنتنیاھو لعل الأخیر یكسب الانتخابات الإسرائیلیة المزمع عقدھا بعد عشرة أیام تقریبا.

    وھذا یقودنا إلى النقطة الأھم المتعلقة بھدایا جدیدة قد تقدمھا إدارة ترامب إلى إسرائیل، فھل مثلا ستقوم إسرائیل بضم غور الأردن بحجة أمنیة أو المناطق جیم وفقا لاتفاق أوسلو؟ الموقف العربي الرسمي لا ینم عن جھل إذ تدرك ھذه الأنظمة ما تقوم به أمیركا ومع ذلك تھرول نحو واشنطن التي تتحول إلى محج في حین نعرف أنھا تفترسھم الواحد تلو الآخر. فھي أنظمة لا یجمعھا مصدر تھدید مشترك، وللأسف لم یعد البعض منا یرى بإسرائیل العدو الاستراتیجي الأول للمنطقة برمتھا.

    أنا على یقین بأن لقاء العرب في قمة تونس لن یفضي إلى موقف عربي موحد، فالقادة العرب لن یترجموا بیاناتھم الانشائیة إلى سیاسات واستراتیجیات عمل تأخذ بالحسبان ضرورة رفع الكلفة على ترامب وغیره، فالعرب بما یملكون من مقدرات مالیة وقدرات بشریة لیسوا عاجزین عن دفع الآخر لاحترامنا واحترام حقوقنا. والخوف أن یستمر مسلسل اقتناص العرب فرادى في حین یقف
    الشقیق موقف المتفرج دون أن یعلم أن دوره قادم.





    [30-03-2019 09:14 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع