أحداث اليوم - أحمد بني هاني - يمر الأردن اليوم بظروف هي الأصعب خلال السنوات الأخيرة بعد موقفه الثابت إزاء القضية الفلسطينية والحل العادل الذي ينادي به لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.

كلام الملك عبدالله الثاني خلال الأيام الماضية، وزياراته الأخيرة إلى الدول العربية والأوروبية والموقف الثابت في القمة العربية الـ 30 في تونس، أوضح حجم الضغوطات التي تتعرض لها المملكة وتمارس عليها.

وأشار الملك خلال زيارته إلى مدينة الزرقاء، شرق المملكة، بشكل صريح علني ولأول مرة ربما إلى الضغوطات التي يتعرض لها بقوله "في ضغط عليّ من الخارج؟ نعم صحيح هنالك ضغط يمارس عليّ، لكن بالنسبة لي القدس خط أحمر".

وأصبح الأردن مهدداً حسب التسريبات والأخبار التي ترد من "صفقة القرن" بسحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وهو ما يرفضه الملك صراحة مستمداً القوة في مجابهة ذلك من الشعب الذي يقف إلى جانبه.

وتنوي الولايات المتحدة إنهاء الصراع في المنطقة وخاصة العربي الفلسطيني مع "إسرائيل" من خلال مشروع يقوده صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر على حساب القضية الفلسطينية والمقدسات.

وتعاني المملكة أيضاً من حصارٍ غير معلن من قبل بعض دول الخليج يتمثل بقطع المساعدات المالية والمنح، وخاصة من قبل السعودية والإمارات في محاولة لثَنْيّ يد الأردن والضغط عليه واستغلال ظروفه الاقتصادية الصعبة لتمرير المشروع الأميركي.

ويعتبر النائب صالح العرموطي أن ما يجري في الوقت الحالي يمثل حرباً على الأردن من أجل تمرير "صفقة القرن" التي ترعاها الولايات المتحدة، وهو ما أكده الملك من خلال كشفه عن الضغوطات التي تتعرض لها المملكة.

ويقول إن على الأردن التفكير بشكل جاد والبحث عن تحالفات جديدة تخرجه من دائرة التحالفات الحالية وخاصة التحالف الأميركي الذي أصبح يعلن مواقفه بشكل علني من الأردن وإسرائيل.

ويلفت العرموطي إلى أن أميركا باتت عدواً للأردن في ظل المؤشرات الخطيرة بعد تسليم الجولان المحتل إلى "إسرائيل"، موضحاً أن البدائل تتمثل في التحالف مع تركيا والصين وفتح الأبواب مع روسيا.

ويحذر من الصمت الحكومي في ظل الظروف والمؤشرات في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن "العدو يشن حرباً إعلامية قاسية على الأردن بيد أن الحكومة والإعلام الرسمي صامت".

ويطالب العرموطي بطرد السفير الإسرائيلي لدى عمّان وإغلاق السفارة واستدعاء السفير الأردني في تل أبيب كأداة للضغط على "إسرائيل" ولتسجيل موقف تجاه الغطرسة التي ازدادت في الفترة الأخيرة.

ويشير إلى أن الأردن أمام تحدٍ قاسٍ ويمثل اختباراً حقيقياً لقوته وسيادته ويجب أخذ موقف حازم وقوي منه، مؤكداً أن أمن واستقرار الأردن استقرار ودرع واقي للأمة العربية والإسلامية بوجه التعدي الإسرائيلي.

ويرى الخبير السياسي عامر السبايلة أن الخوف من "صفقة القرن" غير مبرر من قبل الأردن، إذ أن الحديث في بنود هذه الصفقة يحمل التنمية الاقتصادية والتنمية في المنطقة وهذا مؤشر إيجابي.

ويقول السبايلة لـ "أحداث اليوم"، إن على الأردن التمسك بالتحالفات الحالية وخاصة مع أميركا كونها الداعم والحليف الأول للأردن.

ويشدد على أن الأردن مطالب بتحسين ظروفه الاقتصادية الصعبة وتقوية جبهته الداخلية، لأن الاقتصاد عامل مهم في الاستقرار ولاعب أساسي في المستقبل.

ويؤكد السبايلة أن الغموض يكتنف مسستقبل الأردن والمنطقة في ظل الحديث عن تسريبات ومعلومات عن صفقة محتملة في المنطقة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.

ويضيف أن العلاقات متوترة بين الأردن وإسرائيل حالياً وهذا يجب أن لا يكون، مشيراً إلى أن قوة الأردن تكمن في حديثه مع الجميع وعدم إقصاء أي طرف وبالتالي يجب المحافظة على المصالح المشتركة واستغلال اتفاقية السلام وعدم الخسارة.

ويلفت السبايلة إلى أن المملكة مطالبة بإحكام الفكر العقلاني وعدم خسارة أي حليف لها بمجرد عدم كسب طرف على حساب طرف آخر، مبيناً أنه يجب انتظار عرض الصفقة رسمياً على الأردن.

من جهته يؤكد أمين عام حزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب أن الأردن مطالب اليوم بالإنفتاح على الوضع الداخلي والعمل على إشراكه في الواقع الذي يواجهه.

ويبين ذياب لـ "أحداث اليوم"، أن قدرة المملكة على مواجهة ما تمارسه أميركا عليه من ضغوطات لتمرير "صفقة القرن" يرتبط أيضاً بقوته في التحالفات السيطرة على الجبهة الداخلية من خلال الإصلاح الشامل سياسياً واقتصادياً.

ويشدد على أن التحالفات الحالية للأردن وخاصة مع أميركا لا تلبي ما يريده الشارع، إذ أن أميركا حليف غير عاقل وخاصة بعد القرارات الأخيرة بتسليم الجولان المحتل إلى "إسرائيل".

ويوضح أن الإصلاح يتمثل بإعادة النظر بالسياسة الاقتصادية وفتح ملفات الفساد ووقف الهدر بالمال العام وضبط الإنفاق هذا على الصعيد الداخلي.

ويتابع ذياب أن الإنفتاح بشكل جاد على سوريا والتفكير بالخروج من عباءة التحالفات الحالية إلى التحالف مع روسيا وإيران والصين وتركيا، وهو ما ينقذ الأردن من اي تبعات سياسية تحملها "صفقة القرن" خلال الأيام القادمة.

[03-04-2019 06:29 PM]