الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    یشمتون بإسرائیل فماذا عن حال العرب؟

    ملایین التعلیقات انھمرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، باللغة العربیة، تحمل شماتة بالاحتلال الإسرائیلي، إثر تعثر نزول المركبة الفضائیة على القمر.

    الشماتة تعبر عن حالة تستحق التحلیل، لان الذین یشمتون یجب أن یكونوا أكثر قوة، أو انھم حققوا ما حققھ الاحتلال، علمیا، أو على
    الأقل في حالة منافسة، لكننا للأسف نستدعي الذھنیة البائسة، ولا نجد سوى الشماتة، باعتبار أن الاحتلال تعرض إلى خسارة كبرى.

    لست معجبا بالاحتلال، ولست مصابا بعقدة الاعجاب بالمحتل، أو الأقوى، وھي عقدة تستحكم نفوس البعض، الذین یشعرون بالضآلة والضعف، أمام المستبد أو المحتل أو الأكثر قوة، بشكل مباشر، أو عبر تأثر العقل الباطني، أو التمجید الاثم لقدراته، من حیث لا یرید المرء.

    لكن مھلا، إذ علینا أن نقرأ التعلیقات الأكثر تكرارا، وبعضھا یقول إن الله انتقم منھم، أو أن القمر یحتقرھم، وفي حالات یكتب آخرون انھم امضوا الوقت قبل نزول المركبة، وھم یصلون أو یدعون الله، حتى تتحطم المركبة، وثلة كتبت وقالت إن كل ھذه الرحلة مجرد كذبة، وزاد على كل ما سبق، أدعیة من باب اللھم انتقم منھم، ودمرھم تدمیرا.

    انا مثلي مثل غیري، مؤمن بالله، لكن علینا ان نفكر بطریقة منطقیة، ردا على التعلیقات السابقة، فلماذا ینتقم الله من نزول مركبة
    فضائیة، ونحن نعرف ان الاحتلال سوف یكرر رحلة الاطلاق، وقد ینجحون في المرة الثانیة، فماذا سنقول لحظتھا، ھل سنقول ان
    الانتقام الرباني، كان في المرة الأولى، فقط، وغاب في المرة الثانیة، كما ان أولئك الذین یدعون الله حتى ینتقم من الاحتلال، لا
    یختلفون عن ملیار عربي ومسلم یدعون لیل نھار، على الاحتلال، الذي لم یتأثر، لأننا لم نعد العدة، ولم نتسلح بالعلم، وجلسنا مثل النائحات الباكیات المستأجرات نصرخ ونبكي، دون ان نصنع عود كبریت، او نعد أي عدة لنزعھم من جذورھم، في ارضنا، وارض العرب والمسلمین، التي یتسللون الیھا، لیل نھار.

    الانتقام الرباني ھنا، كان من الأولى ان یكون ساعة قصف غزة، او أبریاء فلسطین ولبنان وسوریة، عبر تعطیل طیرانھم وصواریخھم، لا ساعة نزول مركبة فضائیة على القمر، وكان من الأولى ان یكون ساعة نزولھم كالجراد على فلسطین، لا ساعة نزولھم على القمر.

    بلا شك، فأن الله عز وجل، وفى وعده، بشرنا بزوال الاحتلال، وھذا یفرض علینا، بنیة مختلفة، دینیا، واخلاقیا، وعلمیا، وھي بنى غائبة، فكیف سنزیل الاحتلال، ونحن بلا بنیة أخلاقیة وعقائدیة، في الوقت الذي نعاني فیه من افلاس علمي، على كل الأصعدة، ولا أحد ینكر أن الامداد الإلھي، أمر حقیقي، لكنه أیضا، یتجلى في تواقیت تكون فیه ھذه الامة، جاھزة، على كل الأصعدة، وھو شرط غیر متوفر حالیا، وقد یتوفر لاحقا، بأذن الله؟

    الاحتلال، لم یبن كیانه بالكلام والشعارات والأمنیات، وكلنا یعرف ان الاحتلال متفوق على اصعدة كثیرة، عسكریا، وتكنولوجیا، وعلى اصعدة أخرى یتفوقون بھا، فیما نحن نندب حظنا، ونتشاغل بالصراعات، والحروب، ونتغطى بالاوھام والاحلام، ولولا بث الیأس في قلوب الناس، لقلنا الكثیر، عن واقع العرب والمسلمین، الذي یعد سیئا بكل المعاییر.

    الشماتة بالعدو، مفھومة، ومبررة، ومقبولة، لان ھذا العدو، لا یمكن قبوله، ولا یمكن مصالحته، لكننا نرید أن نعید التأكید على أن
    الشماتة، غیر كافیة، وتعبر في أحد اوجھھا عن سذاجة، أو بساطة، لأن ھؤلاء سیعودون الى تكرار تجربتھم، وقد ینجحون فیما نحن
    كما نحن، ننتظر حلا من غامض الغیب، ونفرح فقط لحادث سیر یموت فیه إسرائیلیون في القدس أو النقب، أو حریق یأتي على غابة، باعتبار ان الحل الوحید، ھو الكوارث الطبیعیة، والاخطاء البشریة التي تقع في أي مكان آخر.

    لا تكفي الشماتة، لمواجھة ھذا الاحتلال الغادر، وكل ھذه الطاقة من الكراھیة لإسرائیل، مفھومة، وتؤشر على أن الشعوب تدرك أن ھذا ھو عدوھا، لكن علینا بكل صراحة، ان نتذكر ان اقمارھم الصناعیة، تحوم فوق رؤوسنا لیل نھار، ولم یتم الانتقام منھا، ھذا
    فوق ان إزالة الاحتلال، بحاجة الى نھضة، بكل ما تعنیه الكلمة، من عقیدة وعلم، معا.

    ستزول إسرائیل، یوما ما، لكن بالتأكید لیس عبر الكلام، ولا التعلیقات، ولا عبر شعوب تتمطى على الأرصفة، تنتظر فرجا، من حیث لا تحتسب.





    [13-04-2019 09:42 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع