الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم -
أحمد بني هاني - عندما يتعلق الأمر بالطعام أحدهم يقول "لا ينبغي للمرء أن يستحي وقت تناول الطعام"، وآخر "أكل الرجال على قد أفعالها"، في حين أن رئيس الوزراء عمر الرزاز لم يخطئ عندما لبى دعوة أحد المسؤولين في بيرين بمحافظة الزرقاء على مائدة الطعام.
انتشرت صورة للرزاز عبر مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم وهو يتصرف على طبيعته أثناء تناوله للطعام، تناول المنسف وهو الوجبة الرئيسية والأولى في الأردن باليد ليس عيباً بل العيب تناقل الحدث بهذه الصورة والتدخل في خصوصيته.
لم يعتد الأردنيين على اغتيال الشخصيات بهذه الطريقة، ما ذنب الرجل إن كان يأكل وعلى طريقتنا نحن الشعب، وهل هذه الصورة التي نود نقلها عنا للعالم الخارجي، نسخر من رئيس وزرائنا ونعيب عليه طريقة تناوله للطعام بحجة عدم الرضى عن أدائه أو عدم التوافق معه خلال الفترة الماضية؟.
لست هنا بدور الدفاع عن دولة الرئيس، ولكن الوقوف عند الخطأ واجب قبل أن يتحول الأمر إلى مادة مثار للجدل والسخرية من الرجل فهو لم يخطئ، أيُعقل أن نصل إلى هنا لأننا غير متفقين مع سياسة حكومة الرزاز العامة ونهجها في ادارة الملف الاقتصادي؟.
في حديث للملك عبدالله الثاني عام 2018، أكد أن الأردن يريد كسر ظهر الفساد ولكن اغتيال الشخصيات خط أحمر بالنسبة له، قبل أن يبدي استغرابه من اعتقاد البعض أن اغتيال الشخصيات مسموح في كلامه الموجه لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وعاد الملك في تغريدة له عبر موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، مارس الماضي، ليؤكد على ما قاله سابقاً إن "اغتيال الشخصية ونشر المعلومات المغلوطة، هما تعدٍ صارخ على الحياة الشخصية وعلى الأعراف والقوانين، وهذا الأمر دخيل على مجتمعنا وقيمنا".
بعض الأشخاص وصل به الانحدار في منظومة الأخلاق لدرجة تصوير الضيف وهو يتناول الطعام، وكما نعلم فإن الضيف "محمي" في عادات وشهامة الأردنيين لا أن يتم التشهير به وتصويره بهذه الطريقة الفظة والدخيلة على عاداتنا الأصيلة، وربما لا يكون الضيف من صوره بل أحد الحضور ممن لبوا الدعوة أيضاً.
من نشر الصورة اخطأ أولاً بالتقاطها للرئيس، ليكمل خطأه بشكل أكبر عندما دسها في ردهات مواقع التواصل الاجتماعي ليصبح الرزاز مادة مثيرة للسخرية على المواقع الإخبارية وشبكات التواصل والخطأ الأكبر كان في التفاعل على الصورة وتداولها.
تصرف غير مسؤول لا يقع تحت بند النقد المباح، بل هو من النقد الشخصي والتدخل الصارخ في الحياة الشخصية للرئيس، الكل يتفق أن المصور أخطأ ولكن هل نكمل الخطأ بدورنا؟.
إلى أين وصلنا اليوم، بدلاً من أن نبكي خسائرنا نضحك عليها بسخرية، وبدلاً من أن نبكي أوضاعنا الاقتصادية والسياسية في هذه الفترة الحرجة وقبل أسابيع على تطبيق "صفقة القرن" والمؤامرات التي تُحاك بالوطن نتخذ كل شيء مثاراً للسخرية، ويقول الله تعالى "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، فهل نتعظ؟.