الرئيسية مقالات واراء
المهندس عاطف الطروانة
لا أحد يعرف حتى اللحظة أي تفاصيل عن ما بات يسمى بصفقة القرن، وكل ما يُروج عنها هو بحدود خطة مزعومة للسلام، في طياتها تسوية للقضية الفلسطينية، تريدها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قياس مصالح إسرائيل بحكومتها اليمينية المتطرفة.
ولا أجد حرجا في القول بأن هذا التناغم بين الإدارة الأميركية اليوم، والحكومة الإسرائيلية بعد فوز نتنياهو بأغلبية مريحة في الكنيست، حتما سيكون له تداعيات مقلقة على صعيد استمرار التعنت الإسرائيلي في مصادرته من الحقوق الفلسطينية، وقد يترجم عمليا في خطوات صناعة صفقة غير عادلة تقدم حلا أو تصفية للقضية الفلسطينية.
ولعلنا في هذا المقام نؤكد أن تحييد الولايات المتحدة الأميركية لنفسها كوسيط نزيه في أي تسوية قادمة للقضية الفلسطينية، يجعلنا اليوم أمام خيارات صعبة جدا، لابد من مواجهتها بحشد الصفوف وتوحيد المواقف.
وإذا ما استثنينا موقف المملكة الأردنية الهاشمية الذي يمثله الملك عبد الله الثاني، فإننا بالكاد نجد موقفا عربيا إسلاميا يقدم الدفاع عن الحقوق الفلسطينية كأولوية أساسية، ومدخلاً عملياً لصناعة الأمن والسلام في منطقتنا.
في السياق أيضا؛ فإنه محبط جدا استمرار الانقسام الفلسطيني، وغياب توحيد جبهة الأحزاب والفصائل الفلسطينية من أجل مواجهة أي استحقاقات خطيرة مقبلة.
هذا بشكل سريع تشخيص للحالة الراهنة عربياً وفلسطينياً، لكن يبقى في الخاطر أسئلة كثيرة حول مآلات الأزمة في المستقبل القريب، وكم هو مقبول أن نتجاوز عقود النكبة والنكسة، بكارثة عنوانها إلغاء حق الشعب الفلسطيني بأرضه وكرامته وسيادته على قراره وإدارة حياته.
إن الأردن المتمسك بثوابته تجاه القضية الفلسطينية، لا يمكنه التعليق على تسريبات صحفية حيال صفقة، هي افتراضية حتى هذه اللحظة، ومزعومة تريد أميركا الإعلان عنها، ومن الصواب والحكمة أن لا يتم اتخاذ أي موقف قبل أن يتم الإعلان رسميا عن بنود خطة السلام لإدارة ترامب.
لكن انشغال النخب السياسية في تحليل ما تسرب من صيغ الصفقة، يُكرس انطباعا عن هؤلاء بأنهم مسكونون بشكل الخريطة بعد الإعلان عن الخطة، وأجد هؤلاء أيضا يتصورون انتصار إسرائيل بدعم أميركي في إنهاء حلم دولة فلسطين وعاصمتها القدس.
لكن بالنسبة لي يظل السؤال الأهم هو لماذا سيستسلم الفلسطينيون؛ سلطة ومنظمةً وأحزابا وفصائل وشعبا؛ لأي حلول مجتزأة، لن تأتي لهم بالدولة والاستقلال والاستقرار!، ولماذا نرتكن لفكرة أن تاريخ النضال الفلسطيني سيتوقف عاجزاً عند الخطة المزعومة!.
لذلك وحتى لا نستبق الأحداث، مطلوب منا أن نتوقف عند إرادة الشعب الفلسطيني، وهي إرادة عنيدة لن تقبل بتسليم تاريخها لغطرسة اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي أصبح يستفز الشعب الفلسطيني واحداً موحداً.
بالمحصلة تبرز مسألة أخرى، يتوجب التنبه إليها، إذ أن على كل قوى العالم المؤثرة الإدراك بأن الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب لن تنجح أمام هذا العنوان الأساسي لتغييب العدالة وتجاوز قرارات الشرعية الدولية في مسألة القضية الفلسطينية وحقوقها العادلة.