الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    الإخوان المسلمون والإرهاب

    تدفع بعض الشخصیات المؤثرة في الإدارة الأمیركیة باتجاه تصنیف الإخوان المسلمین حركة ”إرھابیة“ الأمر الذي سیكون له تبعات كثیرة داخل الولایات المتحدة وخارجھا. وقبل أن نتمعن بالخطوة المحتملة ینبغي أن نتذكر أن التحریض ضد حركة الإخوان المسلمین جاء من قبل أنظمة عربیة حاولت أن تقنع عددا كبیرا من الدول بتصنیف الإخوان المسلمین حركة إرھابیة. وھناك الكثیر من التصریحات والمقابلات التي منحھا مسؤولون عرب لصحف أجنبیة وفیھا حاولوا شیطنة
    الإسلام السیاسي وتوظیفھ كفزاعة للغرب حتى یغض البصر عن حالة الاستبداد العامة في الاقلیم.

    طبعا ھناك في الغرب حالة من الاسلاموفوبیا لھا سیاقھا الخاص وھناك أیضا حركات متطرفة ناشئة ضمن سیاق وطني (movements radical homegrown) لكن لیس للإخوان المسلمین أي ارتباط مباشر أو غیر مباشر بھذا التطرف. وعلاوة على ذلك، تؤمن حركة الإخوان المسلمین بالدیمقراطیة وھي تمارس نشاطھا السیاسي بشكل سلمي على عكس الأنظمة المتحالفة مع الغرب التي تقوم بقمع الاخوان المسلمین بالقوة. وإذا كان ھذا التحلیل دقیقا، وأحسبھ كذلك، لماذا تحاول إدارة ترامب تصنیف حركة الإخوان المسلمین حركة إرھابیة؟!

    المفارقة أن الدولة العمیقة بالولایات المتحدة عندھا وجھة نظر مختلفة إذ تعتقد أن اعتبار الإخوان المسلمین حركة إرھابیة سیكون أمرا سیئا، فخبراء وكالة الاستخبارات المركزیة (سي أي آیه) یرون بقرار كھذا سببا لرفع منسوب التطرف. واللافت أن تقریرا صدر عن السي أي آیھ نشر في الحادي والثلاثین من ینایر 2017 یفید بأن حركة الاخوان المسلمین لھا اتباع بالملایین في مختلف أنحاء العالم وأن الحركة قد رفضت العنف وقامت بالوقت ذاتھ بمعارضة تنظیمي القاعدة وداعش كما عارضت أیضا غیرھا من حركات التطرف.

    ویرى تقریر نشر بصحیفة الواشنطن بوست أن الملایین السبع من المسلمین الذین یعیشون في الولایات المتحدة سیتم استھدافھم بھذا التصنیف، وھناك العدید من النشطاء المحلیین في أمیركا لھم علاقات مع الإخوان المسلمین ما
    یعني أنه یمكن ملاحقتھم قضائیا باعتبارھم أعضاء في التنظیم.وھذا بدوره سیزرع الخوف والارباك في قلوب المسلمین الأمیركان.

    الراھن أن الرئیس دونالد ترامب یكره الإسلام، ومقولته بأن ”الإسلام یكرھنا“ تخفي في ثنایاھا موقفا عنصریا ضد الإسلام وھو ما تجلى في بدایة رئاستھ عندما حاول منع المسلمین من دخول الولایات المتحدة. فالمسألة لیس مسألة خلاف أمیركي مع نظام عربي أو دولة مسلمة لكنھا أعمق من ذلك بكثیر، فترامب متأثر بمقولات برنارد لویس وبنیامین نتنیاھو عندما فسرا أحداث الحادي عشر من سبتمبر كنتاج كراھیة المسلمین لأمیركا بسبب القیم الغربیة والتفوق الغربي! وكل ما یقوم به ترامب حالیا من سیاسات ومحاولات لتصفیة القضیة الفلسطینیة یأتي في سیاق احتقاره للعرب والمسلمین واعتقاده بأن لأمیركا حقا في أموال العرب والمسلمین. وما علینا إلا متابعة ما یقول في لقاءاته الجماھیریة إذ تكثر زلات اللسان التي تكشف عن ایمان الرئیس بمقولات صموئیل ھنتغنتون وصراع الحضارات والتي تكشف أیضا عن عنصریة بغیضة لا تلیق برئیس أقوى دولة بالعالم.

    وعودة على بدء، أقول في حال تمریر ھذا القرار فإن من شأن ذلك أن یقوض حقوقا دستوریة لملایین الأمیركان المسلمین، وسیجعلھم یشعرون بأنھم غرباء بدلا من أن یكونوا أمیركان. والأھم أن قرارا من ھذا النوع سیشجع أنظمة الاستبداد في المنطقة العربیة على التنكیل بالإخوان المسلمین ما قد یدفع جزءا منھم إلى مقاربات عنیفة سندفع جمیعا ثمنا لھا في قادم الأیام. لكن قبل أن نلقي باللوم على إدارة ترامب علینا أن نتذكر بأن بعضا من الأنظمة العربیة ھي من یشن حربا شعواء على الإسلام السیاسي المعتدل وتحاول شیطنته.





    [11-05-2019 10:49 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع