الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - أحمد بني هاني - مع تصاعد التوتر في الخليج العربي ودخول حرب التصريحات بين واشنطن وطهران لمرحلة الجدية وإظهار القوة، تخرج تساؤلات كبرى حول إمكانية نشوب حرب كبرى يتوقع مراقبون أن تكون الأسوأ منذ 40 عامًا حال قيامها.
طهران التي ترى أن أمريكا تقلل من شأنها وتفرض عليها حصارًا اقتصاديًا لاستنزاف قدراتها وإرغامها على الجلوس لطاولة المفاوضات والحديث عن ملفات أبرزها الملف النووي، ترد على التصعيد الأمريكي بالمثل.
فبعد إعلان أمريكا الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية وفرضها عقوبات على الدول التي تتعامل اقتصاديًا مع طهران، ردت الأخيرة بإعلان استهدافها للمصالح الأمريكية في العالم وأن قواتها في مرمى الصواريخ الإيرانية ولن تكون بمأمن بعد الآن.
التوتر بدأ فعليًا في المنطقة بعد هجوم مجهول على 4 سفن تجارية في المياه الإقليمية للإمارات، وهجوم قوات الحوثي التابعة لإيران على منشآت نفطية سعودية بطائرات مسيّرة، قبل أن تعلن أمريكا لاحقًا أن إيران مسؤولة عن الهجومين بفضل الميليشيات التابعة لها في المنطقة.
بعد هذين الهجومين بدأت حرب التصريحات بين ترامب وطهران، حيث اتسمت بلغة التهديد والوعيد في أكثر من مناسبة، لترد أمريكا على هذا التهديد المرتفع بإرسال مقاتلاتها البحرية إلى الشرق الأوسط تحت ذريعة حماية مصالحها في المنطقة في ظل تصاعد التهديد الإيراني للمصالح الأمريكية خاصة بعد اعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية.
دول الخليج لم تقف للاستماع إلى التهديدات المتصاعدة من إيران، إذ وافقت على طلب الولايات المتحدة لإعادة انتشار القوات الأمريكية في مياه الخليج وعلى أراضي بعض الدول الخليجية في مسعى لردع إيران عن أي محاولة لمهاجمة دول الخليج أو المصالح الأمريكية في المنطقة.
ودعا العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، لعقد اجتماع طارئ لقادة الخليج والعرب في 30 مايو/ أيار، لمناقشة الاعتداءات الأخيرة على السعودية والإمارات وتداعيات الحادثين على المنطقة.
ومع استمرار التوتر بين أمريكا وإيران في المنطقة تبدو فرص نشوب حرب عسكرية بينهما ضئيلة في ظل عدم وجود خطة عسكرية أمريكية لمواجهة إيران والتأكيد على أن انتشار القوات في الخليج ما هو إلا حماية للمنطقة ومصالحها، كما أن إيران لا تسعى للحرب مع أمريكا في ظل اتفاق الطرفين على أن أي اعتداء على مصالحهما ينذر بنشوب الحرب.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت عن إرسال 1500 جندي إلى الشرق الأوسط كإجراء دفاعي لا أكثر، في حين يدور حديث حول صفقة أسلحة أمريكية مع السعودية والإمارات والأردن من أجل ردع إيران إذ قدرت قيمة الصفقة بنحو 8.1 مليار دولار.
وتدخلت أمس، سلطنة عُمان كوسيط لتهدئة الأوضاع بين طرفي النزاع في محاولة لردع خطر نشوب حرب قد تضر بالعالم أجمع، إذ قالت الخارجية العمانية عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "نسعى مع أطراف أخرى لتهدئة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران".
ويرى الخبير بالشأن الإيراني نبيل العتوم أن الأمور مرشحة للتصعيد بين أمريكا وإيران في ظل عدم جلوس طهران على طاولة المفاوضات مع واشنطن للتفاوض بشأن ملفها النووي والعديد من الملفات في المنطقة.
ويقول العتوم لـ "أحداث اليوم"، إن الإدارة الأمريكية تضغط على إيران من خلال العقوبات الاقتصادية عليها وخاصة استيراد النفط، وربما تطال العقوبات قطاع البتروكيماويات الذي يدر على طهران ما يقارب 8 مليار دولار سنويًا.
ويضيف أن الولايات المتحدة تسعى لتغيير النظام الإيراني أيضًا وليس تعديل الاتفاق النووي ونفوذ طهران في المنطقة وملفات حقوقق الانسان والسلوك الإيراني فقط.
وحول موقف الأردن من الأزمة، يؤكد العتوم أن المملكة تتفق مع الدول العربية في عدم الإنجرار وراء المواجهة العسكرية ويدعم الحل السياسي مع التأكيد على إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل سواء من إيران أو "إسرائيل".
ويتابع أن الأردن يشدد على عدم تحويل الانتباه عن القضية الأولى في الشرق الأوسط وهي القضية الفلسطينية، وخاصة في ظل الحديث عن طرح أمريكا لخطة السلام أو ما يعرف بـ "صفقة القرن" بعد شهر رمضان.
من جهته يؤكد نائب رئيس الوزراء الأسبق جواد العناني أنه في حال اندلعت الحرب بين أمريكا وإيران فإن الأردن سيواجه مشكلة ضخمة، وخاصة إذا اتخذ موقفًا من طهران الأمر الذي سؤدي إلى توتر علاقاتنا مع سوريا والعراق الحليفة مع إيران.
ويبيّن العناني لـ "أحداث اليوم"، أنه لا مصلحة للأردن من الحرب والوقوف إلى أحد أطرافها، وعليه التزام الحياد حتى لا تسوء علاقاته مع جيرانه والإضرار بالمصالح المشتركة.
ويشير إلى أنه يجب دعم موقف دول الخليج وخاصة موقف الكويت في ظل احتمالية وقوع الحرب، مضيفًا أن موقف الكويت من عمّأن في الفترة الأخيرة تغير كثيرًا وعلاقتهم معنا ودودة بخلاف علاقاتنا مع دول الخليج الاخرى، كما وأن الكويت هي المستثمر الخليجي الأول في المملكة.
ويتابع العناني أن التحشيد والوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج يخدم تشديد المقاطعة على إيران، لإجبار طهران على الدخول في المفاوضات حول موقفها في المنطقة وخاصة من "صفقة القرن"، إلى جانب ملفات النفط والسلاح النووي.
"لا أعتقد أن أمريكا جادة بالبحث عن حرب مع إيران كما أن طهران ليست معنية بالحرب مع واشنطن"، هذا ما يؤكده النائب نبيل غيشان.
ويقول غيشان لـ "أحداث اليوم"، إن أي تصعيد سيؤثر على المنطقة ككل وخاصة في إمدادات النفط في الخليج.
ويلفت إلى أن ما يحدث حاليًا بين أمريكا وإيران ما هو إلا حرب تصريحات، ولكن لا أحد ينكر قوة طهران في لمنطقة والأدوات التي تمتلكها في المنطقة وخاصة في سوريا والعراق.
ويعتقد أن مصلحة أمريكا و"إسرائيل" تكمن في بقاء إيران دولة قوية في المنطقة وخاصة لابتزاز دول الخليج على اعتبار أن أمريكا تحميهم من هذا الخطر.
ويرى غيشان أن الدبلوماسية الأردنية تعرف أنه لن يكون هناك مواجهة مباشرة بين الطرفين في المنطقة، وبالتالي فإن الموقف الأردني ملتزم بالصمت في الوقت الحالي خاصة عدم وجود أي مصلحة للمملكة في هذا الأمر.
وكان مصدر حكومي كشف في وقت سابق لـ "أحداث اليوم" أن موقف الأردن من التصعيد في الخليج وحرب التصريحات الإيرانية والأمريكية مرتبط بقرار القمة العربية الطارئة في مكة الشهر الحالي التي أعلنت المملكة المشاركة فيها.
وقال المصدر إنه من المبكر الخوض في هذه القضية واستباق الأحداث وعكسها على الأردن سياسيًا واقتصاديًا خاصة أن الحرب لم تبدأ بعد بين أمريكا وإيران.
وأضاف أنه "لا أحد يحب الحرب"، مشيراً إلى أنه سيتم الدعوة إلى التهدئة من جميع الأطراف وإدانة الإرهاب بحكم أن الأردن يدينه أيًا كان مصدره.
وكان الأردن أكد وقوفه إلى جانب السعودية والإمارات في التصدي لأي تهديد لأمن واستقرار الدولتين، وأن أي استهداف لهما استهداف لأمن المنطقة والعالم، كما شدد على أن أمن الخليج العربي وأمن الأردن واحد.