الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    عدم استقرار بالقرارات في التعليم العالي
    مبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي - أرشيفية

    أحداث اليوم - يشهد قطاع التعليم العالي حالة من «عدم الاستقرار» في القرارات، فرضتها مستجدات طارئة، كشفت عورة عدم مرونة التشريعات لاستيعاب مثل هذه الحالات وكشفت عورة سياسات «اتخذت على عجل».

    فمشكلة الطلبة العائدين من السودان، ليست هي القضية الاولى، التي يتعامل معها مجلس التعليم العالي، ويلجا الى الاستثناء من أجل حلول مخالفة للأسس والتعليمات والانظمة، لغاية إرضاء الطلبة، فقبلها كانت مشكلة الطلبة العائدين من العراق ومن ثم العائدين من اليمن تلاها العائدين من سوريا.

    لم يتجاوز تعاطي مجلس التعليم العالي في معالجة تلك المشكلات الى أبعد من الملف بعينه، إذ تم التعامل معها كحالات فردية، رغم ان واقع الحال يتحدث عن ملف وقضية، ففي حالة العراق تم اتخاذ قرارات لمعالجة الموقف، والحال كذلك بالنسبة لطلبة اليمن وسوريا وليبيا.

    كما يلوح بالافق ملف آخر، قد يفتح خلال الفترة المقبلة يتعلق بالطلبة الدارسين بالجزائر في ضوء حالة عدم الاستقرار التي تشهدها الجزائر.

    ليكون السؤال، لماذا يتم اللجوء الى الاستثناء لمعالجة هذه الملفات بقرارات، ولم يتم اللجوء لوضع أطر عامة قادرة على استيعاب هؤلاء الطلبة؟

    وتتشعب الاجابة على السؤال في أكثر من محور، الاول ان تعليمات معادلة الشهادات الاجنبية تحمل في ثناياها وعند مقارنتها باسس القبول بالجامعات الاردنية ازدواجية في التعامل، لجهة المعدلات، إذ ان الحدود الدنيا لمعدلات المعادلة اقل منها للقبول في الجامعات الاردنية، ولو كانت متساوية لكان الحل أسهل ويحقق العدالة.

    فلغايات معادلة الشهادات غير الاردنية، يشترط ان ان يكون الطالب حاصلا على الثانوية العامة الاردنية او ما يعادلها بنجاح بما يتضمن ذلك ان لا تقل علامة الطالب في كل مادة من المواد عن 50% من الحد الاعلى للمادة، وان يلتزم بفروع الثانوية العامة المحددة في السياسة العامة لقبول الطلبة في الجامعات الاردنية والتي يصدرها مجلس التعليم العالي وحسب فرع الثانوية وسنة الحصول على الثانوية العامة.

    إلا أن المشكلة في اشتراط الحدود الدنيا لمعدلات المعادلة في «التوجيهي» بان لا يقل معدل الطالب في الثانوية العامة عن: (80%) في تخصص الطب وطب الاسنان، بينما في الجامعات الاردنية لا يقل عن (85%) وفي الصيدلة ودكتور الصيدلة لا يقل عن (75%)، بينما في الجامعات الاردنية (80%)، وفي الهندسات (70%) لغايات المعادلة و(80%) للتنافس على القبول في الجامعات الاردنية.

    ورغم الوعود والتصريحات عن توجهات لمساواة معدلات المعادلة مع معدلات القبول بالجامعات الاردنية، إلا أن واقع الحال لم يتغير، باستثناء رفع الحدود الدنيا لمعدلات المعادلة بواقع خمس علامات تقريبا، لكنها بقيت اقل من المخصصة للقبول بالجامعات الاردنية، وهنا تكمن «عقدة» الحل في مواجهة ملفات الطلبة العائدين قسرا من بلدان غير اردنية.

    وتجدر الاشارة الى أن الحدود الدنيا لمعدلات المعادلة، تشمل فقط الطلبة الملتحقين بجامعات غير اردنية على حسابهم الشخصي وتأمين قبولهم مباشرة دون تدخل «التعليم العالي»، بينما يشترط على الطلبة المبتعثين على حساب التعليم العالي سواء بعثة او مقعد ان يحققوا الحدود الدنيا لمعدلات القبول بالجامعات الاردنية على الاقل، اذ هنالك دول تشترط في إطار الاتفاقيات معدلات أعلى.

    وعليه، فإن الخلل البنيوي في التشريعات الناظمة لهذا الجانب من القبولات، هو مصدر الازمات، فلو كانت معدلات المعادلة متساوية مع معدلات القبول بالجامعات الاردنية لكان التعامل مع الامور اسهل ويحقق نوعا من العدالة بين الطلبة.

    وفي حالة الطلبة العائدين من سوريا ومن العراق وكذلك اليمن، استغل عدد من الطلبة التسهيلات التي قدمت، والتي تمثلت باستثناءات في القبول بالجامعات الاردنية، إذ انهم لم يكونوا ضمن الطلبة الملتحقين بجامعات تلك البلدان، قبل اندلاع الازمات فيها، ليسجلوا فيها بعد الأزمة للاستفادة من الاستثناء، إلا ان التعليم العالي تجاوز هذه الثغرة، إذ قبل تقديم الحلول تحصل على قائمة بأسماء جميع الطلبة الملتحقين، ومن ثم تقديم الحلول.

    الى جانب الطلب من الملحق الثقافي في السودان تزويد التعليم العالي بالخطط الدراسية واللجوء الى مواقع الجامعات للوقوف على تلك الخطط ليتم التعامل مع هؤلاء الطلبة وفق منهجية تضمن العدالة.

    وفي الوقت الذين يتطلب المنطق ان يكون التعليم العالي ممثلا بالوزارة او المجلس مسؤولا عن مصلحة الطلبة سواء المبتعثين او المقبولين مباشرة، إلا ان التعاطي مع القضايا السابقة، جعل من طلبة يدرسون يتجاوزون في شكاواهم الى حد المطالبة بالتدخل من أجل استثنائهم من إجراءات ومتطلبات يقتضيها الحصول على شهادة تلك الجامعة الاجنبية وغير الاردنية، بحجة انهم غير قادرين على اجتيازها!

    ومن الامثلة على السياسات التي اتخذت على عجل، السنة التحضيرية، التي طبقت للمرة الاولى في الجامعة الاردنية وجامعة العلوم والتكنولوجيا للعام الجامعي 2018-2019، واثببت التجربة الى انها بحاجة الى مزيد من الدراسة العميقة لتجنب الاخطاء التي تضمنتها مخرجات تلك السنة، ليكون اللجوء الى «الغائها» اعتبارا من العام الجامعي المقبل مخرجا للحل، وفقا لما ورد على لسان رئيس لجنة التربية النيابية.

    في المحصلة، لابد ان يقوم مجلس التعليم العالي ووزارة التعليم العالي بدراسة هذه الملفات بنظرة شمولية بعيدة المدى، وإجراء التعديلات على التشريعات، بما يضمن قدرتها على التعامل مع اي حالة مستجدة، وعدم ترك الامور في تلك الحالات للقرارات الاستثنائية، التي تمس مبدأ العدالة بين الطلبة الاردنيين، خصوصا وان معدلات القبول التنافسية بالجامعات الاردنية مرتفعة وتتجاوز حد الـ(95%) في التخصصات التي يقبل فيها طلبة اردنيون خارج البلد بمعدل (80%) و(75%) و(70%)، وهي التخصصات التي غالبا ما يلجأ الطالب للبحث عنها خارج البلاد في حال عدم تمكنه من الحصول على مقعد بجامعة اردنية.

    (الرأي)





    [11-06-2019 10:10 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع