الرئيسية مقالات واراء
أول ما خلق الله من مخلوقاته في ملكوت السموات والأرض هي الملائكه وكما ذكرنا في مقالات سابقة لنا أن الله خلق الملائكة بعقل وبدون غريزة ومن نور. معادلة الملك هي ملك = عقل + صفر غريزة، ولهذا السبب الملائكة لا تتزوج ولا تتكاثر ولا يعصون ربهم ما أمرهم ويأمرهم، وللملائكة القدرة على التشكل بأي شكل بأمر ربها ولها أجنحة مثنى وثلاث ورباع ويزيد في الخلق ما يشاء (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (فاطر: 1)). والملائكة أنواع مختلفه كل نوع له مواصفاته وقدراته، منهم ملائكة حملة العرش وهم ثمانية (وَالْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (الحاقة: 17)). ونوع آخر ملائكة العذاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (التحريم: 6)). وملائكة الرحمة (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (النحل: 32)).
وهناك أنواع من الملائكة خلقهم الله خصيصاً لمهام معينة مثل ملك الجبال وملك الموت ... إلخ ولكن كبير الملائكة وسيدهم هو جبريل عليه السلام وله مواصفات وقدرات خاصة جداً، وخصَّه الله في مهمة تبليغ رسالاته لأنبيائه ورسله وفي أي مهمة أخرى عظيمة خاصة يوكلها إليه مثل قلع قرى قوم لوط ورفعها للسماء وجعل عاليها سافلها (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (هود: 82)). وأما الملك ميكائيل فأوكل الله إليه الأوزان وتوزيع الأرزاق بين عباده وفق ما كتبه الله لهم من كل شيء وبميزان دقيق وحساس جداً وللغاية. ولقد خص الله هذين الملكين بإسمهما في الآية ( مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ (البقرة: 98)). فبالطبع الكفار يعادون الملائكة لأن الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ولا أحد يستطيع من خلقه أن يلحق بهم الضرر.
وأكثر ما يعادون الكفار من الملائكه ما ذكرهم الله في الآيه رقم 98 من سورة البقرة وهما جبريل عليه السلام لأنه مبلغ رسالات السماء فهو الذي بلَّغ بأمر ربه رسالة نبينا عيسى عليه السلام بعد تبليغه لرسالة نبينا موسى عليه السلام. وكان ذلك لا يعجب أتباع موسى لأنهم يريدون أن تكون رسالة السماء من جبريل لهم فقط وليس لأحد غيرهم ولو إستطاعوا إقناعه بعكس ذلك لفعلوه. وكذلك سيدنا جبريل بلَّغ رسالة الإسلام بعد رسالتي سيدنا موسى وسيدنا عيسى عليهما السلام وكان رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين ورسالته كذلك. وبالطبع كما ذكرنا كل أصحاب دين يرغبون في أن تكون رسالة السماء لهم دون غيرهم (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (البقرة: 113)).
و يعادون الكفار الملك ميكائيل لأنهم غير راضيين بما وزَّن وكيَّل لهم من أرزاقهم التي كتبها الله لهم وبأمر ربه. وكانوا يتمنون لو كان لهم عليه سلطه بأي طريقة كانت ليقنعوه بأن يوزن ويكيل لهم من الرزق من مختلف أنواعه كما يشاؤون، ولكن هيهات هيهات أن يعصي أي ملك ربَّه بما أمره. وذلك لأن رزق كل إنسان محدد من ربِّ العالمين وفي السماء وليس في الأرض (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (الذاريات: 22 و23)).