الرئيسية مقالات واراء
خلق الله الإنسان في أحسن صورة وهو من أرقى مخلوقاته في مواصفاته الخُلُقِيَةِ والخَلْقِيَةِ (وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (التين: 4)). والإنسان إجتماعي بطبعه منذ أن خلق الله آدم عليه السلام. وأكبر دليل على ذلك أن الله خلق لآدم زوجه حتى تكون سكناً له وجعل بينهما مودة ورحمة ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم: 21)) وهما العنصرين الأساسيين في علاقة الإنسان مع غيره من بني آدم وغيرهم من مخلوقات الله من حيوانات ونباتات وطيور وأسماك وجمادات ... إلخ. نقابل أشخاص ليس لديهم أي من الشهادات العليا ولا يمتلكون الوسامة والمواصفات الخَلْقِيَةِ التي يتصف بها الآخرون ممن يلفتون إنتباه الناس لهم إلا أن الله عوضهم بما يمتلكون من رفق ومودة ورحمه في قلوبهم للآخرين مما جعل الآخرين يحبونهم ويرغبون في التعامل معهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا ينزع من شيءٍ إلا شانه.
في كثير من الأحيان نجد مسؤول كبير أو حتى وزير ما لا يستطيع أن يحل مشكلة إبنه أو قرابة له فيلجأ إلى أحد أعضاء أقربائه من البسطاء والذين لهم قبول عند الآخرين لبساطتهم ولما يمتلكون من الطيبة وحسن المعاملة والخلق ويطلبون منهم المساعدة. وبالفعل يستطيعون حل المشكلة بكل بساطة عند أصحاب الشأن وسبحان الله العظيم الذي وضع سره في اضعف خلقه. فعلى الإنسان المسؤول أن لا يقلل من قدر وقيمة أي إنسان مهما كان مستواه العلمي او المادي والإجتماعي أو قوته سواء أكان في مخاصمة أو في حل مشكلة ما. لأنه ربما يمتلك هذا الإنسان المواصفات التي لا يمتلكها ذلك المسؤول وتجعله مقبولاً عند الناس أكثر من المسؤول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تحقرن صغيراً فـي مخاصمة -إن البعوضة تدمي مقلة الأسد.
والأجمل من ذلك عندما يكون المسؤول إنسانأً بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ في تعامله مع الموظفين المسؤول عنهم ومع المراجعين من عامة المواطنين. سيكون هذا المسؤول محبوباً ومحترماً من قبل كل من حوله حتى لو غادر منصبه في المسؤولية. لأنه كما يقال: المنصب لا يدوم ولو دامت لغيرك ما وصلت أو آلت إليك. فعلى المسؤول أن يتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدًا مُحَابَاةً لَهُ لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلا ، وَمَنْ أَعْطَى أَحَدًا مِنْ مَالِ اللَّهِ شَيْئًا فَحَابَاهُ ؛ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ. كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام أيضاً: اللَّهُمَّ مَنْ وَلي مِنْ أمْرِ أُمتي شَيْئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فاشْقُقْ عَلَيْهِ ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به. ولما تقدم فكم سيكون المواطن سعيداً ومسروراً عندما يقابل مسؤولاً في أي وزارة أو دائرة متعاوناً لطيفاً رحيماً هيناً ليناً على خلق عالٍ. ويا حبذا يكون جميع من يتولوا المسؤوليه ممن يتصفون بالرفق وبالعلاقات الإنسانية السامية والمتميزه مع كل من يتعاملون معهم من موظفين ومواطنين.