الرئيسية أحداث محلية

شارك من خلال الواتس اب
    المهندس علي صويلح يستذكر والده

    أحداث اليوم - كتب المهندس علي صويلح في ذكرى استشهاد والده طالب صويلح على يد صدام حسين في مذبحة الرفاق عام ١٩٧٩ والتي راح ضحيتها أيضا رفيقه منيف الرزاز الذي وضع تحت الإقامة الجبرية قبل أن يتوفى لاحقا في ظروف غامضة.

    أربعون صيفا، ولم يجف الدمع على فراقك يا شهيد العروبة.. اربعون صيفا، ولا تزال نظراتك الحادة تبصر مستقبل أمة ستنهض لو بعد حين.

    اربعون صيفا، خيبات ونكسات وهزائم وضل الربيع طريقه إلينا يا أبي، اربعون صيفا منذ الخيانة العظيمة، لكن اطمن يا أبي فجلادك لم يهنأ وظلت لعنتك تلاحقه حتى طوقت عنقه وانتزعت روحه..

    اربعون صيفا ولم يعد العراق كما ودعته، ولم تعد سوريا كما تمنيتها، والاردن لا يزال تائها كما غادرته اخر مرة.. اه نسيت أن أخبرك يا أبي، أبلغ رفيقك منيف أن ابنه عمر خلع ثوبه وارتدى ثوب السلطة ورمى بوصاياه في الجب. أبلغه أنه لم يصن ارثه وانه لم يعد يشبهه، بل أصبح اشبه باعداء ابيه وأخيه..

    وماذا عني؟ هل تسألني!؟ انا يوسف يا أبي وإن تكالب علي اخوتي.. لازلت كما اسميتني علياً، لا ينحني. واسأل عني وصفي.

    كم اشتاق اليك في هذه الأيام العجاف يا أبي، كم يشتاق الوطن لرجال من طينتك وطينة منيف ووصفي وهزاع.. صيفنا بدونكم شديد الحرارة يا أبي، يلهب قلوبنا وروحنا التي لم تعد تطيق صبرا.. ااخ يا أبي ما أحوجنا لربيع تحيي نسائمه اوطاننا المكلومة...

    لا عليك يا أبي، فالربيع قادم ولو بعد حين.. وسنرفع رايتكم على قبور الاعداء.. نم هنيئا يا أبي ولنا لقاء..احبك
    ابنك علي

    ..........
    في الثامن اب عام ١٩٧٩ افتتح النظام العراقي الجديد آنذاك عهده بدماء الرفاق في حزب البعث مفرغا الحزب من القيادات التي تشكل تهديدا لحكمه، وكان من بين تلك القيادات الشهيد طالب محمد صويلح .

    كانت عروبة الشهيد طالب صويلح تهمته التي انهت حياته بعد ان قرر صدام حسين اعدامه مع رفاقه ، فلم يكن النظام ليتقبل فكرة وجود قيادات تؤمن بالوحدة مع سوريا وهو الذي نفذ انقلابه على الرئيس البكر لمنع الوحدة مع البعث السوري التي كانت قاب قوسين او ادنى .

    وامتد اثم الانقسام الذي لم يقتصر على القطرين السوري والعراقي الى باقي الدول العربية فانقسمت النخب السياسية بين البعثين وكادت ان تشتعل حروبا بالانابة بين النخب فيما كانت القيادات السورية والعراقية تقف موقف المتفرج المنتشي بذلك التحارب .

    ولد الشهيد طالب صويلح في بلدة النعيمة شمال المملكة الاردنية الهاشمية سنة ١٩٣٦ ، وعمل موظفا في مصفاة البترول الاردنية قبل ان يلتحق بالعمل السياسي .شكل الاحتلال الصهيوني لفلسطين منعطفا هاما في حياة الشهيد فانضم لحركات النضال العربي وساعدته مقومات وصفات الزعامة والقيادة التي كان يتمتع بها لقيادة جبهة التحرير العربية .

    لم يكن الشهيد يخشى في الحق لومة لائم وامتازت مواقفه وآراؤه بالجرأة ما تسبب باعتقاله عدة مرات في سجن الجفر السياسي .

    وعقب احداث أيلول الأسود وتحديدا في عام ١٩٧١ غادر الى العراق ، والتحق بحزب البعث العربي الاشتراكي ولفت اهتمام قيادات الحزب واثار إعجابهم بفترة قياسية حتى اصبح عضوا قياديا في الحزب .

    وفي شهر رمضان من عام ١٩٧٩ وتحديدا في الثامن من أب ، اعدم الشهيد طالب صويلح بسبب موقفه المؤيد للوحدة بين العراق وسوريا فدفع حياته ثمنا لمواقفه الوطنية والقومية. ودفن في العاصمة العراقية بغداد .

    رحل الشهيد صويلح ورفاقه، ورحل النظام بعد نحو نصف قرن من حكم دموي قاد فيه العراق العظيم الى الهاوية وفتح ابوابه للمحتل جراء سياساته القمعية التي انهكت الجبهة الداخلية ودفعت الشعب العراقي للاستجداء بالمحتل ، وشتان بين الرحيلين.





    [08-08-2019 02:50 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع