الرئيسية تقارير
أحداث اليوم - أحمد بني هاني - بعد انتشار العديد من مقاطع الفيديو والصور خلال الأيام القليلة الماضية لمداهمات أمنية على نوادي ليلية بمناطق متفرقة في عمّان، ووقوع مشاجرات بين "فتيات ليل" قرب تلك النوادي، يتساءل الأردنيون اليوم عن الأسباب الحقيقية لانتشار وتكرار هذه المشاهد.
ويرى الزميل الصحفي المتخصص بالشأن الأمني والسياسي خلف الطاهات أن الأحداث الأخيرة التي شهدها الشارع الأردني خلال عطلة العيد ليست بجديدة وإنما ساعد بانتشارها توفر أدوات ومواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول الطاهات لـ "أحداث اليوم"، إن العديد من الجرائم والمشاهد كانت أكثر بشاعة مما انتشر خلال الفترة الماضية ولكنه لم يحظى بنفس الفرصة للانتشار على نطاق واسع.
ويضيف أن الحديث عن ارتفاع معدل الجريمة وأن المجتمع الأردني أصبح غير آمن غير دقيق، بدليل انخفاض معدل الجرائم حيث سجلت دائرة المعلومات الجنائية عام 2013 نحو 27 ألف جريمة بينما وصلت عام 2018 إلى 24 ألف جريمة وهي ضمن الحدود المعقولة وغير مقلقلة.
ويشير إلى أنه يتم قياس ذلك بانخفاض أنواع جرائم مقابل ارتفاعها مثل جرائم السرقة، موضحًا أن الأردن قفز نحو 9 مراكز على مؤشر الجريمة العالمي ويأتي مباشرة بعد دول الخليج وهذا مؤشر إيجابي خاصة أن هذه الدول تمتلك من الإمكانيات الاقتصادية الكثير وهذا عامل بارتفاع أو انخفاض معدل الجريمة.
ويرفض إطلاق وصف الإنفلات الأمني على الحوادث الأخيرة لأن ذلك يسيء للجهود المبذولة من قبلها، وأن التضخيم والمبالغة في تداول هذه القصص والمشاهد سلاح ذو حدين أولهما أنها مادة مثيرة كونها حقيقية وصحيحة والثاني أن تصل لمرحلة متقدمة من جلد الذات والطعن بأداء هذه الأجهزة والتقليل من الجهد المبذول لضبط الأمن.
ويعزى سبب انتشار هذه الحالات في المجتمع إلى انهيار في المنظومة الأخلاقية وأن آخر من يتحمل المسؤولية في هذه التجاوزات هو رجل الأمن، بحسب الطاهات.
ويتابع أن هناك ممارسات خاطئة وتطبيق للفساد يقوم بها المواطنين تحت مسمى الفزعة أو النخوة من خلال التوسط لإخراج بعض الخارجين عن القانون أو مرتكبي المخالفات والتدخل بمحاولة تخفيف العقوبات في بعض الأحيان.
ويشدد الطاهات على أن قرار الحكومة بسحب الأسلحة غير المرخصة من بين يدي المواطنين ما هو إلا قرار لحماية أمن المجتمع ولا علاقة له بنظريات خارجة عن المألوف، وأن ربطها بصفقة القرن أو ما شابه ذلك غير مقنع أو صحيح.
ويعتبر أستاذ علم الاجتماع حسين محادين أن العطلة الطويلة للأردنيين خلال عيد الأضحى والضغوطات الاقتصادية والاجتماعية المصاحبة لها ولدّت احساسًا بالتمرد وهو ما نتج عنه ازدياد العنف المجتمعي خلال الأيام الماضية.
ويقول محادين لـ "أحداث اليوم"، إن هناك ظروف أخرى ساهمت بازدياد العنف منها استياء المواطنين من تصريحات الحكومة بشأن فشل سياستها بفرض الضرائب والبرنامج الاقتصادي الذي زاد الأعباء عليهم وهو ما قادَ لمزيد من الضبابية حول مستقبل الأردن.
ويضيف أن الشخصية الأردنية تاريخيًا تميزت بالمغالبة أكثر منها إلى الحوار، وأن ثقافة المغالبة والحدة هي التي طغت على المشهد في ظل عدم التطبيق الكامل والحقيقي للقوانين وانتشار أدوات التواصل الاجتماعي وتحديدًا ثقافة الصورة والفيديو إذ أن الإنسان يستقي 80% من معارفه عن طريقها.
ويشير محادين إلى أن هذا الأمر أخاف الحكومة وصناع القرار من جهة أمام الرأي العام المتوتر والأمر الثاني في بث ما يعرف بالعدوى الاجتماعية لتكرار هذه التصرفات والحالات أو البحث عن الشهرة بأشكال مختلفة وبعضها لا أخلاقي.
ويوضح أن بث مثل هذه الحوادث يوحي للمتابعين من داخل الأردن وخارجه إلى أن هذا المشهد الذي يسيطر عليه وأن الإنجازات احتجبت عن الشاشة الإلكترونية، وهو ما قد يحصل في أي مجتمع في ظل وجود تكنولوجيا وضعف اقتصادي وارتفاع البطالة واستياء من القرارات الرسمية الحكومية.
ويلفت إلى أن الحديث حول التراخي الأمني والمبالغة بوجود العنف غير صحيح بدليل أنه كلما ظهرت حالة مماثلة عولجت بكل مباشر من قبل الأجهزة الأمنية من خلال البيانات التي تصدر عنها، وأن تشخيص الحالة بشكل دقيق جزء من علاجها.
ويبيّن محادين أنه قد يكون لسياسة الأمن الناعم التي تفرد الأردن بها ظلال على المشهد في ظل قسوة الظروف وعدم وجود حلول آنية وربما وجود وعد منتظر للمواطنين حول مستقبل أفضل اقتصاديًا الأمر الذي ينعكس بالتوتر والاستياء بين الشرائح الدنيا.
ويتابع أن الأثرياء رغم قلتهم إلا أنهم تمردوا في امتهان من هم أقل منهم مرتبة اقتصادية والممارسات التي شاهدناها ساهمت بتعرية المشهد الاجتماعي والاقتصادي، وأن ذلك يأتي بعد المسارعة باقرار الخصخصة وبقاء الشرائح الدنيا مكشوفة أمام جشع رأس المال والمسؤوليات الاجتماعية الحقيقية للشركات والقطاع الخاص.
من جهته يرفض الخبير الاقتصادي خالد الزبيدي وجود أي ربط بين الحوادث الأخيرة والتجاوزات وعطلة عيد الأضحى الطويلة بدليل أنها قد تحصل في أي وقت.
ويقول الزبيدي لـ "أحداث اليوم"، إن هذا لا يعني أن تكون العطلة طويلة لأن الإنتاج توقف خلال الفترة الماضية والوضع الاقتصادي لا يسمح بذلك، وكان الأجدر أن تكون العطلة فقط 4 أيام لا أكثر.
ويضيف أن الوضع الاقتصادي قد يلعب دورًا في هذه التجاوزات ولكن ليس من الفئة الفقيرة والتي تسعى للقمة عيشها، ولكن من الفئات التي تملك المال وخاصة الشباب منهم الذي يخرجون لتقضية الوقت في تلك الأماكن.
ويدعو الزبيدي لتطبيق حازم للقانون وتطبيقه بشكل أكبر ليكون رادعًا لمن يقدم على مثل هذه التصرفات، وأن الإنفلات الأمني ليس فقط في أمام النوادي الليلية فقط وإنما في كل الأماكن ونواحي الحياة.
ويبيّن أن هذه المشاهد قد تكرر يوميًا ومنذ وقت طويل أمام النوادي الليلية في العاصمة ولكن في وقت سابق كان هناك احترام للأمن ورجال الشرطة وليس كما يحصل الآن.
ويشير إلى أنه حذر من فشل سياسة الحكومة برفع الضرائب وفرض المزيد منها على المواطنين، لأن الضرائب لا ترفع الإيرادات وترفع القروض بدليل أن القروض زادت مليار دولار خلال 6-7 أشهر فقط بحسب تصريحات الحكومة.
ويتابع أن مستقبل الأردن قد يكون أكثر من جيد في كافي مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولكن يجب أن تكون هناك سياسة واضحة لإدارة الملفات الاقتصادية وأشخاص يتخذون القرارات لمصلحة البلد والمواطن.
ويلفت الزبيدي إلى أن قرارات الحكومة الحالية لا تصب في مصلحة الأردن والشعب ولا في مصلحة النظام أيضًا، ولا وجود لسياسة اقتصادية واضحة أو أشخاص قادرين على إدارة ملفات المرحلة بعناية رغم أن خبرتهم كبيرة جدًا.
وحاولت "أحداث اليوم"، التواصل مع الناطق باسم مديرية الأمن العام عامر السرطاوي بيد أنه لم يجب على اتصالاتنا.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي وسمًا تحت اسم #اغلاق_النوادي_الليلية، لإغلاقها وتطبيق سيادة القانون قبل أن تؤدي للإنفجار والإنفلات الأمني في ظل انتشار مثل هذه الحوادث بالفترة الأخيرة.