الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم -
عهود محسن – لا يهمني من مصارحة الحكومة والنواب لبعضهما البعض حول الأوضاع الاقتصادية في البلاد وتراجع إيرادات الخزينة بسبب السيجارة والتجارة الإلكترونيتين سوى اشتراكهما في إعدام المواطنين بمقصلة الفقر والضرائب.
أمضيت أيام العيد وأنا أفكر في السياسة الإقتصادية لحكومة النهضة التي نسيت الاستثمار الحقيقي بالبناء واستغلال الثروات وهرولت دون خوف ولا وجل خلف سيجارة وملابس المواطن.
لم يخطر ببالي في تلك اللحظة سوى "طرزان" او عمرزان كما وصفته وتخيلت الأردنيين في الشوارع عراة حفاة إلا من أوراق الموز يسترون بها عوراتهم بعدما فقدوا أبسط مقومات الحياة.
ستضحكون من كلماتي وربما تتهمونني بالتجني على الحكومة أو تأجيج الشارع ضد سياساتها إلا أنني مقتنعة أن سوء الأوضاع الإقتصادية يفوق الحدود المسموح بها للقيادة، الكادر الاقتصادي الحكومي أدخل البلاد في حالة موت سريري بعد إعلانه عن فشل السياسات المالية التي تم تطبيقها خلال السنة الماضية أمام اللجنة المالية النيابية مؤخراً.
الحكومة ولأول مرة تبادر للحديث عن فشلها بدلاً من تعظيم إنجازاتها ورقياً، وأعلنت في لقاءها مع النواب أن الإيرادات العامة تراجعت، بسبب تراجع الإيرادات الضريبية المختلفة بعد فرض مزيد من الضرائب، وأن الخزينة لم تستفد من رفع الدعم عن الخبز، والارتفاعات المتكررة للمحروقات وبقية السلع لنعود لمربعنا الأول بالبحث عن بدائل سهلة على الحكومة وإن كانت من جيب المواطن المثقوبة.
الفريق الاقتصادي نجح في توزيع فشله على قطاعات متعددة ونسوا أنفسهم، مبتعدين عن مناقشة السياسات الاقتصادية الانكماشية التي يتبعونها في إدارة البلاد فاتهموا تهريب السجائر والسيارات الهجينة والكهربائية والسجائر الإلكترونية بإضعاف مدخولات الخزينة المالية.
حكومتنا نسيت كالعادة حجر الأساس في بناء الدولة وهو المواطن باعتباره جزءاً من ممتلكاتها وصادرت حقه في توفير بعض الرفاهية لنفسة والتقليل من الضغوطات التي يعانيها بسبب الفروقات الكبيرة بين التكلفة الحقيقية للسلع والخدمات وما يدفعه هو للدولة على شكل رسوم وجمارك وبدل خدمات وعمولات للوسطاء لتريح نفسها من عناء البحث في أساليب التطور الإقتصادي ومواكبة التطور التكنولوجي العالمي في محاولة منها لوقف الحركة الاقتصادية العالمية والإبقاء على سياساتها الجبائية وحماية الاحتكار وإضعاف القدرة المالية للمواطنين وتقليل السيولة ودوران الأموال مما سيجعلها تبقينا رهينة للمزيد من الضرائب لتعويض نقص إيرادات الخزينة.
لا تدرك حكومتنا أن إعلان فشلها لن يكون طوق نجاة لها أو مبرراً مقبولاً لفرض المزيد من الضرائب والقضاء على ما تبقى من مصادر الحياة للمواطنين فالأمور تسير نحو الأسوء بالنسبة للغالبية العظمى للمواطنين خصوصاً في الجانب الإقتصادي وهو ما أيدته الأرقام حيث أظهر التقرير الشهري لدائرة الإحصاءات العامة ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر تموز 2019 %0.2 ليصل الى 125.55مقابل 125.30 لنفس الشهر من عام 2018.
وقد ساهم في ذلك الارتفاع بشكل رئيسي، مجموعة الايجارات بمقدار 0.51 نقطة مئوية، واللحوم والدواجن بمقدار 0.35 نقطة مئوية، والحبوب ومنتجاتها بمقدار 0.12 نقطة مئوية، والتعليم بمقدار 70.0 نقطة مئوية، والثقافة والترفية بمقدار 60.0 نقطة مئوية.
ما أورده التقرير من أرقام ليس إيجابياً ولا يبعث على التفاؤل من أي جهة تناولته فهي تمس أساسيات العيش الإنساني المقبول وهو ما تغفله الحكومة حيث أن استمرارها في ذات السياسة سيفقد المواطنين القدرة على الحياة والمزيد من الدين العام والسياسات التقشفية.
حالنا يبكي العدو قبل الصديق فالحكومة مصرة على محاربة التطور والتكنولوجيا والتجارة الحرة لتريح نفسها من عناء العمل على خلق فرص استثمارية حقيقية ورسم سياسة اقتصادية واضحة تتبنى تقديم التسهيلات للمستثمرين وخلق فرص عمل جديدة وعزيز قيم المنافسة وتوظيف التكنولوجيا في خدمة الاقتصاد بدلاً من الإنكفاء على الذات والإبقاء على سياسات اقتصادية بالية تدافع بها عن نفسها بحجة الحفاظ على إيرادات الخزينة.