الرئيسية مقالات واراء
جلستُ مرَّاتٌ ومراتٌ أحدث نفسي وأقول أنا على يقين أن هناك خالق ومدبر ومدير لهذا الكون وهو الله الذي خلق الله الناس جميعاً من نفسٍ واحده وهي نفس سيدنا آدم عليه السلام وزوجهِ التي خلقها من نفسه لتكون سكناً له وجعل بينهما مودة ورحمة ليتعاونا على مصاعب الحياة ويرعيا ذريتهما.
ومن ذرية آدم نشات الأمم المختلفة والتي وزعها الله في جميع بقاع الأرض ومن بعد ذلك أرسل الله الرسل والأنبياء لهداية الناس إلى سواء السبيل وإلى المثل العليا والأخلاق الحسنة ... إلخ.
حيث بدأت رسالات السماء بالعهد القديم لأتباع سيدنا موسى عليه السلام وهم اليهود وبعد ذلك ارسل الله سيدنا عيسى عليه السلام وأنزل عليه جبريل بالعهد الجديد وهم النصارى ومن ثم إختار الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لرسالة الإسلام وأنزل الله عليه جيريل بالديانة الإسلامية وهم المسلمون. أتساءل لماذا لم يُنَزِّلَ الله رسالة أو ديانة واحدة فقط حتى لا يحدث خلاف بين خلقه؟.
فأقول ربما ظروف الحياة ونضوج عقول الناس ومستوى علمهم وثقافتهم في كل مرحلة من مراحل الحياة تختلف عن مراحل تطور الحياة اللاحقة، وربما لوجود إبليس الشيطان وذريته الذين نصبوا العداء لآدم وذريته منذ بداية الخلق وتمكنوا من السيطرة على نفوس الناس الضعيفة والأمارة بالسوء، وربما لأمر يعلمه الله ولا نعلمه نحن.
ونعلم من خبرتنا في التعامل مع مختلف الجنسيات وحتى مع مختلف الناس من جنسية واحدة أن هناك أناس نفوسهم أمارة بالسوء(وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (يوسف: 53)) وهم كثر(
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (الأعراف: 179)) وآخرين نفوسهم طيبة لدرجة أنهم إذا أساؤوا لغيرهم يلومون أنفسهم ويتأسفون لهم وهم أصحاب النفوس اللوامة (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (القيامة: 2)) والقليل القليل نفوسهم مطمئنة ويؤثرون الناس على أنفسهم وراضين بكل ظروف حياتهم وسعداء، فهؤلاء هم أصحاب النفوس المطمئنة ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (الفجر: 27)). ولهذا التنوع في نفوس البشر ولكون النفوس الأمارة بالسوء تغلب بشكل كبير على النفسين اللوامة والمطمئنة، نجد العالم مليء بالمشاكل والحروب والغش والخداع والظلم وهضم حقوق الناس بعضهم لبعض ... إلخ.
فأتساءل أنا ومن حولي: فما هو الحل؟ كيف نستطيع أن نجعل الناس جميعاً في هذا العالم يعيشون حياةً كريمة وسعداء دون معاناة ودون فقر وقتل وهضم للحقوق ودون حروب ... إلخ؟ فنقول جميعاً الأمر ليس بالسهل أبداً لأن علينا أن نغير نفوس البشر على الأقل بنسبة مقبولة من النفوس الأمارة بالسوء إلى النفوس اللوامة.
ولكن هذا الأمر يتطلب عمل جبار وتكاتف من قبل الجميع بحيث يكون هناك فِرَق عمل كثيرة ووضع رقابة على هؤلاء الناس لنرى فيما إذا ما تدربوا وأصبحت نفوسهم كما نرجوا أم ل؟ا والرقابة يجب أن تكون مستمرة عليهم. ولكن المعروف أن البشر صعب جداً التعامل معهم لأنه لا يعلم ما يكنه الإنسان لأخوه الإنسان وما يخفيه في نفسه إلا الله سبحانه وتعالى.
وبعد عدة حوارات مع النفس والعقل لدرجة أن الإنسان يصل لمرحلة العجز عن إيجاد حل أمثل لهؤلاء الناس الذين لا يريدون الخير لغيرهم ويحبون أنفسهم لدرجة لا يعتبرون أحد من خلق الله على مستواهم، نخلص بالقول: خلق الله يوم حساب وخلق جنة ونار وسوف يملأ كلاهما مما خلق من البشر وفق أعمالهم التي عملوها.
وقد أرسل الله لهم الرسل والأنبياء لهدايتهم ولكن كل إنسان سوف يكون مسؤولاً عن تصرفاته لأنه له قلب وله آذان وله أعين يستطيع أن يعقل الخير من الشر ويستطيع أن يسمع قول الحق والصح من الخطأ ويستطيع أن يرى أمام أعينه التصرفات الصحيحة من غيرها بالترتيب.
علاوة على ذلك نقول أنه لا يتحرك ساكن ولا يسكن متحرك ولا يحدث أي أمر في الأرض ولا في السماء إلا بأمر الله وكل شيء مكتوب منذ الأزل في كتاب عند رب العالمين ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ، لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(الحديد: 22 و23)).
ونخلص إلى أن هؤلاء أصحاب النفوس الأمارة بالسوء لا يفهمون إلا لغة القوة والعقاب وليس لغة المعاملة الطيبة والأسلوب الحسن. ففي هذا العالم المليء بهؤلاء الناس لا يفهمون معنى للإنسانية ولا للرحمة ولا للحق. فهمهم الوحيد المال والغلبة والسيطرة على غيرهم من البشر في العالم ليكونوا لهم خدماً.
فنقول في النهاية دعوا الخلق للخالق والله كفيل بكل خلقه ولا يعجزه أي من خلقه ولآ أي أمر لا في الأرض ولا في السماء ويمهل ولا يهمل (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ(النحل: 61)).