الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - عهود محسن- لا يختلف إثنان على أن الأردن عبر عاصفة التغييرات الجيوسياسية التي عصفت بالإقليم منذ بدء الربيع العربي خلافاً للتوقعات السائدة في ذلك الحين بأنة سيكون الحلقة الأضعف والممر الأسهل للجماعات المتطرفة والإرهابية على الرغم من تلقيه موجات إرهابية عنيفة بين الفينة والأخرى.
نجاح الأردن في عبور نفق الإرهاب المظلم لم يكن كافياً للدفع نحو تعزيز البيئة الاستثمارية وخلق فرص حقيقية للنمو الاقتصادي، فمنذ العام 2003 ولغاية 2018، لم تتجاوز حصتة ما نسبته 5 % فقط من إجمالي المشاريع الواردة الى الدول العربية، وحل الأردن بالمرتبة 63 بين 68 دولة في مؤشر التقييد التشريعي للاستثمار الأجنبي.
من المعلوم أن الاستثمار الخارجي عصب رئيس لتحقيق التنمية الاقتصادية وتشغيل الأيدي العاملة المحلية، لما يسهم بة من زيادة القيمة المضافة للاقتصاد، وتوفير فرص العمل وزيادة حجم الصادرات وبالتالي دعم الميزان التجاري، وهو على الرغم من أهميتة للسياسات الاقتصادية للدول فإنة أكثر أهمية بالنسبة للأردن نظراً لمحدودية مواردة الطبيعية وتعدد الأزمات المختلطة التي يعانيها.
تطلعات الأردن نحو التطور الاقتصادي وأحلامة ليست كافية بالتأكيد للنهوض من رماد الكساد والبيروقراطية وهروب الاستثمارات وارتفاع معدلات البطالة والتضخم فهي تحتاج لرؤية اقتصادية وتطبيق عملي يبتعدان عن التنظير وتجريب الهواه لأفكارهم والانفصام عن الواقع بين المسؤول والشارع وسوق المبررات والدفاعات الحكومية للتغطية على إخفاق سياساتها الاقتصادية التي توجتها بإعلان فشلها في تعويض خسارات الاقتصاد الوطني على الرغم من الزيادات المتلاحقة للضرائب.
لا تقف مشكلة الأردن عند هذة الجزئيات فهنالك مشكلات من نوع آخر تعانيها البلاد التي ترزح تحت وطأة الاقتصاد المنهك تتمثل في الطروحات الاستفزازية لصانعي القرار الاقتصادي التي يدفع ثمنها المواطن دون إدراك لمعاناة المواطن الذي فقد الثقة في أي حديث حكومي وإن كان حقيقياً عن إنتعاش الاقتصاد أو الخروج من الضغوطات.
ففي الوقت الذي تتحدث فية الحكومة عن مبادرات للتشغيل والتطوير واستحداث الفرص للشباب ودفعهم نحو العمل تعلن إيقاف جميع المشاريع الرأسمالية التي لم يتم البدء في تنفيذها ما أمكن، بسبب الأوضاع المالية الصعبة التي تمر بها الخزينة العامة، وتتلاحق قرارات هدر المال العام في مشاريع غير ذات جدوى بتكاليف مرتفعة ومخاطرات اقتصادية يصعب حصر أضرارها إضافة للتنفيعات للبعض كما يراها الشارع مع الاستمرار في مطالبة المواطنين بشد الأحزمة على البطون وعدم المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية.
سياسة الضرب تحت الحزام التي تنتهجها الحكومة في قراراتها الاقتصادية وسياساتها الاستثمارية لم تسهم فقط في تدني المستوى المعيشي للمواطن بل وكانت عامل طرد للاستثمار بنوعية المحلي والأجنبي فقد انخفضت نسبة المستثمرين الذين يرون بأن الوضع الاقتصادي أفضل خلال العام 2018 من العام الذي سبقه من 13% في أيار 2018 إلى 5% في شباط 2019، بحسب نتائج الجولة الخامسة لمسح ثقة المستثمرين في الأردن منتدى الاستراتيجيات الأردني.
فيما ارتفعت نسبة المستثمرين الذين يرون بأن الوضع الاقتصادي في العام 2018 أسوأ من العام 2017 بنسبة 14 % ، حيث أصبحت نسبة المستثمرين الذين يرون ذلك 79% عوضاً عن 62% في المسح السابق.
وأظهرت نتائج المسح أن 29% فقط من المستثمرين يرون بأن الوضع الاقتصادي خلال هذه الفترة سيكون أفضل مما هو عليه الآن، فيما كان نصف المستثمرين يرون بأن الوضع سيكون أسوأ مما هو عليه الآن.
كل هذة الأرقام بما تحملة من دلالات اقتصادية عميقة والقائمين على اقتصادنا الوطني يصرون على السير في الطريق الاسهل في نظرهم بزيادة الضغوطات على المواطنين وفرض المزيد من القيود على الاستثمار والبكاء من هروب المستثمرين واتجاههم نحو عواصم أخرى في الإقليم، ليبقى السؤال المطروح على طاولة حكومة النهضة "ماذا فعلت لجذب المستثمرين"؟