الرئيسية مقالات واراء
أحداث اليوم - أحمد يعقوب المجدوبة - منذ أكثر من ثلاثة عقود ونحن نقرأ ونسمع عن معيقات الاستثمار. وما زلنا نقرأ ونسمع بنفس الزخم والقوة. وكأن تطوراً إيجابياً لم يطرأ.
الغريب أن المتحدثين والمتذمرين ليسوا من المستثمرين أنفسهم فحسب، إنما من المختصين في الشؤون الاقتصادية وكتاب الأعمدة في الصحف، لا بل ومن المسؤولين في الحكومة ذاتها!
ولا يكاد يخلو كتاب تكليف سامٍ من الإشارة إلى الأمر.
إذا كانت كل الجهات المعنية، من مستثمرين ومسؤولين، تشكو وتتذمر، فمن هي الجهة الخفية التي تقف وراء المعيقات؟
يكاد الأمر يكون لغزاً!
الأصل - ببساطة - أن نحدد الأسباب الكامنة وراء المعيقات، وندرسها دراسة علمية دقيقة، ثم نضع الحلول الناجعة لها، ونطوي الصفحة.
كثيرون تحدثوا ويتحدثون عن العوامل الكامنة وراء المعيقات، والمتابع أو المهتم بالأمر دون أن يكون له تماس مباشر معه لا يدري أين الحقيقة.
هنالك من يلقي باللائمة على الإجراءات العقيمة التي يتسم بها العمل في عدد من مؤسساتنا، والتي تُحبط المستثمر وتُنفره وتُجبره على نقل مشروعه إلى بلد آخر.
ونعجب هنا أشد العجب لأن العديد من مؤسساتنا تخطت هذه المشكلة منذ زمن من خلال إجراءات ميسرة مبسطة، لكنها غاية في الحرفية والدقة، مثل دائرة الأحوال المدنية ودائرة الترخيص وغيرها.
لماذا لا تستطيع الدوائر المعنية بالاستثمار فعل الشيء ذاته؟!!
وهنالك من يلوم الأنظمة والتعليمات الناظمة. نسمع أن القوانين والأنظمة قديمة عقيمة معقدة قد عفا عليها الزمن، وهي المسؤولة عن عقم الإجراءات والعقبات الجمة والروتين القاتل.
إذا كان الأمر كذلك، ألا يتوجب مراجعة تلك الأنظمة والتعليمات بهدف تطويرها لتلائم العصر وتنسجم مع أولوياتنا ومصالحنا.
وهنالك من ينتقد الضرائب والرسوم المفروضة على المستثمر، والمُبالغ فيها كما نسمع. إذا كان الأمر كذلك، ألا يجب أن تكون الضرائب منسجمة مع الممارسات العالمية، ومشابهة لما تتقاضاه الدول الجاذبة، سيما وأن المردود على المجتمع من فرص عمل وانعاكس إيجابي على الاقتصاد أهم من الرسوم والضرائب؟
وهنالك من يتهم الموظف الذي يتعامل مباشرة مع المستثمر، فهو إما أنه غير مقدر لأهمية عمله وبالتالي يتعامل بفجاجة وعدم اكتراث، أو أنه – كما نسمع – يحاول ابتزازه أو الانتفاع منه.
وهنالك عوامل أخرى كثيرة.
وبعد، فمهم هنا التأكيد على نقطتين:
أولاً، في هذه الظروف الصعبة، وفي ظل الإشباع التوظيفي في القطاع العام وضرورة خلق وظائف في القطاع الخاص تحديداً، فإن الحاجة ماسة لإزالة العوائق تلك، مع الالتزام بمبادئ النزاهة والشفافية، حتى نخرج من عنق الزجاجة بالنسبة للبطالة والفقر بالتحديد.
والموضوع جد مهم لأننا نتحدث عن الأمن المجتمعي.
ثانياً، إذا كانت الجهات المعنية بتذليل العراقيل أمام الاستثمار غير قادرة على فعل المطلوب، فلا يجب أن يُترك الأمر لها، بل أن تأخذ زمام الأمر الجهات الأعلى منها، وتشكل لجنة محترفة يتمثل فيها جميع المعنيين وأصحاب الخبرة والدراية، لدراسة المشكلة ووضع الحلول المناسبة لها، ثم تطبيق توصياتها دون تراخٍ أو هوادة.