الرئيسية مقالات واراء
أحداث اليوم -
صدرت الإرادة الملكية السامية قبل أيام بإرجاء الدورة العادية الرابعة لمجلس الأمة الثامن عشر حتى العاشر من شهر تشرين الثاني القادم. إن موعد بدء الدورة العادية كما حددتها المادة (78/1) من الدستور هي بداية شهر تشرين الاول من كل سنة، فإذا صادف ذلك اليوم عطلة رسمية، فتبدأ هذه الدورة في أول يوم يليه لا يكون عطلة رسمية. إلا أن المشرع الدستوري كرّس الحق لجلالة الملك في إرجاء موعد انطلاق الدورة العادية مدة لا تتجاوز شهرين.
إن حق الملك في إرجاء الدورة العادية يتقرر له باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية عملا بأحكام المادة (26) من الدستور. فهو مظهر من مظاهر التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وفقا لمبدأ الفصل المرن بين السلطات الذي أخذ به الدستور الأردني.
أما التحدي الأكبر الذي يرافق تكريس مبدأ الفصل المرن بين السلطات في النظام النيابي فيتمثل في الحفاظ على التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعدم تغول أي منهما على الأخرى. وفي هذا الإطار، نجد بأن المشرع الدستوري قد فرض قيودا على السلطة التنفيذية في علاقتها مع السلطة التشريعية في مجال دعوة مجلس الأمة إلى الاجتماع. فالدستور الأردني ألزم الملك بأن يمارس حقه في دعوة مجلس الأمة إلى الاجتماع في دورة عادية قبل الأول من شهر تشرين الاول من كل سنة. فإذا لم يقم بذلك يجتمع مجلس الأمة من تلقاء نفسه. كما أعطى المشرع الدستوري الملك الحق في إرجاء بدء الدورة العادية لمجلس الأمة، ولكن ضمن شروط أهمها ضرورة أن يقرر الإرجاء قبل حلول الموعد الدستوري للانعقاد، وأن تقتصر مدة الإرجاء على شهرين فقط. وبهذا، فقد حافظ المشرع الدستوري على التوازن المطلوب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في مجال الانعقاد وبدء الدورات العادية لمجلس الأمة.
ومن مظاهر التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ما قررته المادة (81) من الدستور من أن للملك الحق في تأجيل جلسات مجلس الأمة بعد بدء الدورة العادية. وهنا يظهر الاختلاف في المفاهيم الدستورية بين الإرجاء الذي قرره المشرع الدستوري للدورات العادية، والتأجيل الذي يقع على جلسات المجلس بعد انعقاده.
وحتى عند تقرير الحق لجلالة الملك في تأجيل الجلسات، فقد راعى المشرع الدستوري عدم تغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، حيث فرض قيودا دستورية على عدد مرات التأجيل والإرجاء في الدورة العادية الواحد والمدة الزمنية لهما. فمجموع المرات التي يحق فيها لجلالة الملك الإرجاء والتأجيل في الدورة العادية الواحدة ثلاث مرات فقط ولمدة زمنية لا تتجاوز شهرين. وحيث أن جلالة الملك قد مارس حقه الدستوري في إرجاء الدورة العادية القادمة لمدة أربعين يوما، فقد تبقى له الحق في تأجيل جلسات المجلس في تلك الدورة مرتين ولمدة عشرين يوما فقط.
د. ليث كمال نصراوين