الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - عهود محسن – ذُيل قرار المحكمة الإدارية بوقف إضراب المعلمين الصادر صباح الأحد بإمكانية الطعن فيه من قبل النقابة خلال المهلة القانونية، وهو برأيي البسيط منفذ جديد لإعادة فتح الحوار وتجنيب البلاد ما لا تحمد عقباه إن أحسن طرفا القضية استغلالها.
لم يرقني الفعل ورد الفعل بين رئيس الحكومة د. عمر الرزاز ونقيب المعلمين د. ناصر النواصرة فالقرار أحادي الجانب الذي بادرت الحكومة لاتخاذه رداً على استمرار المعلمين في إضرابهم للأسبوع الرابع على التوالي كان مستفزاً ويدل على استعلائية وتفرد في اتخاذ القرار بينما جاء رد المعلمين ندياً ومتحدياً للأمر الواقع الذي فرض عليهم بقوة السلطة.
الحكومة متوتره مرتبكة، الامر في جوهرة وظاهرة بالنسبة لها حمل ثقيل ووصمة لها بالفشل وفقدان الشعبية وإن نجحت في إطالة عمرها بالذهاب نحو اتخاذ القرارات العاجلة او حتى إجراء تعديل وزاري مقتضب يرجح ان يشمل وزير التربية والتعليم والتعليم العالي د. وليد المعاني في الأيام القادمة من قبيل سحب فتيل الأزمة ومنح الحكومة مزيداً من الوقت للبقاء في الدوار الرابع.
المعلمين هم الآخرين في وضع لا يحسدون عليه حداثة عهدهم بالعمل النقابي وتصدرهم للمشهد الأردني شعبياً و إعلامياً وتركهم وحيدين في ساحة الحكومة دون مساندة نقابية والهجوم المضاد من قبل بعض المتصيدين بالماء العكر تزيد في حدة خطابهم وعلو نبرته خوفاً مما ستحمله جعبت الخصم الحكومي المتسلح بالسلطة والقانون والمال.
التباين الكبير الذي ظهر اليوم في الآراء والقراءات القانونية والتطوعية لمستجدات القضية وما حمله قرار المحكمة من حيثيات يظهر حالة الفراغ الإداري وقلة الدراية بإدارة الأزمات من جانبي الصراع وتحويلهم قضية احتجاج عمالي مطلبي لقضية كسر عظم ربما يتسع خرقها على الراتق.
إضراب معلمي الأردن ليس الأول ولن يكون الأخير في تاريخ البشرية وتبرع الكثيرين بمهاجمته وشتم المعلمين ونقابتهم ليس حلاً، ففي العامين ١٩٨١ و١٩٨٧ شهدت الولايات المتحدة الامريكية إضرابين كبيرين للمعلمين امتد الأخير ثمانية أشهر دراسية ولم ينتهيا إلا بتحقيق المعلمين لمطالبهم.
محلياً تأجيل العام الدراسي ليس الأول في تاريخ المملكة فقد تم تأجيله في مرات سابقة لأسباب أقل حساسية من إضراب المعلمين دون ان تثوّر حمية مهاجمي التأخر اليوم حرصاً على مصلحة الطلبة.
الاهم من الإضراب وما رافقه من تجاذبات واستقطابات إعادة النظر في لغة الحوار الوطني وإغلاق قنواته بمتاريس لن يستفيد أحد منها سوى الطابور الخامس في لحظات أشد ما نكون بحاجة لرص الصفوف وتعميق المواطنة فالتحديات الخارجية تتربص بنا لاستغلال الخلاف والفتك بنا جميعا بغض النظر إن كنا مع المعلمين ام الحكومة.
لا أعلم ما يجري في كواليس الحكومة ولا المعلمين لكنني أوقن أن لكل مشكلة حل وأن على طرفي المعادلة تغليب مصلحة الوطن والإحتكام لصوت العقل بتجاوز نقاط الخلاف الهامشية والدخول لصّلب القضية بعيدا عن الشعبويات وتقاذف الإتهامات.