الرئيسية مقالات واراء
أحداث اليوم - في الدول المتقدمة، ولا أعني بها الغربية فحسب، تتسابق الصحف ووكالات الانباء على ما تنشره الحكومات من بيانات احصائية تحوي معلومات ثمينة لا تستطيع الوصول اليها بطرقها التقليدية فتخضعها حسب اهميتها للتدقيق والتحليل من قبل مختصين للخروج باستنتاجات عن سياساتٍ حكومية معينة أو توجهاتٍ اجتماعية مستجدة ثم تحيلها للصياغه في تقارير اخبارية يصححها اللغويون تبثها حول العالم باسلوب مشوق يلفت أحيانا انتباه الباحثين لدراستها منهجياً والخروج باطروحات تصلح كمراجع لطلبة الجامعات، أو لكتبٍ ومحاضراتٍ تسهم في تبصير الرأي العام المحلي او العالمي بحقيقة ما يجري في هذا البلد او ذاك والتوقعات المستقبلية له.. وللانصاف فان بعض وكالات الانباء العربية وبينها وكالتنا الوطنية تحاول ان تنحو هذا النحو لكنها على الأرجح لا تروي غليلنا، ففي تقريرين محليين طرحتهما صحفنا قبل ايام اولهما يحتوي على ارقام ومعلومات عن اعداد المصابين بالسرطان في الأردن للعامين الماضيين وكانت مع الاسف مبعثرة متناقضة مبتورة حتى انني وانا المطلع المتابع لم أفهم معظمها ولا الدلالات التي يتوق لمعرفتها الرأي العام أو رسائل التوعية التي ينتظرها بلهفة جمهور المرضى وذووهم كما انها لم تجب على الاسئلة الاساسية:هل حالات السرطان عندنا في ازدياد ام انحسار ولماذا؟وهل تحسن الوضع بعد حملات الكشف المبكر وهي غير مجانية كما يقضي قانون الصحة؟وما دور التدخين كمسبب للسرطان وعدد المدخنين في ازدياد؟!
وثاني التقريرين يصدم البعض منا بزيادة نسبة العنوسة في المجتمع الأردني وتدني عدد عقود الزواج مع ارتفاع معدل اعمار المتزوجين لكن بطريقة غير واضحة وخالية من تحليل الاسباب والظروف الكامنة وراءها كتحسن ثقافة الصحة الإنجابية وهل يقصد التقرير بذلك ظاهرة تستحق التوقف عندها سواء كانت اجتماعية ام اخلاقية أم اقتصادية من دون الاستناد لدراسة مقارنة مع دول شبيهة بنا أو اخرى متقدمة علينا، ومن الغريب ان هذا التقرير الاخباري يتضمن الزواج عند الفئة العمرية المبكرة التي تبدأ بسن الخامسة عشرة وهو زواج ممنوع بموجب القانون!
وبعد.. اعرف أن التقارير الاخبارية الخارجية لا تخلو من الغرض لكني هنا أتمنى على اعلاميينا الاستفادة من اساليبها المتقدمة، وفي نفس الوقت لا أريد ان اوجه اللوم لأحد معين، فالمقصرون والمهملون في هذا الشأن بحاجة لمن يرشدهم ويأكد لهم قيمة المعلومات الاحصائية للتعامل معها بجدية واهتمام حتى لو توصلوا من خلالها الى استنتاجات قد لا تسر ولا ترضي!
زيد حمزة